السرطان.. وبالأخص سرطان الثدي، يعد من أكثر الأمراض الخبيثة المنتشرة بين فئة النساء في الفترة الأخيرة، وتسميته بالخبيث يعود لكون أعراضه لا تظهر إلا بعد فترات متقدمة من المرض، ولهذا السبب بالذات يؤكد الأطباء دائما على اجراء الفحص الدوري كل ستة أشهر.
بعيدا عن سرطان الثدي، هنالك سرطان آخر، يفتك بالروح كما يفتك المرض بالجسد، هذا السرطان هو سرطان الغفلة، يتشابه مع سرطان الثدي بأمور معينة، أيضا أعراضه لا تظهر إلا بعد فترات متقدمة، أيضا يفتك بالروح كما يفتك ذاك بالجسد، كما أنه لو لم يتم كشفه بسرعة من الممكن أن يؤدي بالمصاب إلى التهلكة!.
ولكن هنالك نقطة اختلاف كبيرة بينهما، وهو أن سرطان الثدي إذا توجع صاحبه على أثره وتألم وخضع للعلاج الكيمياوي، وحتى استأصل جزء من جسده وتساقط شعره سيكون كل ذلك تخفيف لذنوبه وسيعوضه الله به خيرا في الآخرة... إنما سرطان الغفلة لن يكون تخفيفا للذنوب، لن يكون رحمة، إنما ذنب عظيم يعاقب عليه أشد العقاب.
ولا ننكر بأننا غافلون عن أمور وواجبات كثيرة لنا في هذه الحياة، غافلين عن واجباتنا في العمل، غافلين عن علاقاتنا مع العائلة والأهل.. غافلين عن واجباتنا تجاه الله!، مقابل كل هذا التقصير كيف ستكون الغفلة عن أهم تكليف شرعي لنا في هذه الحياة، الغفلة عن السبب المتصل بين الأرض والزمان، الغفلة عن إمام زماننا؟!
ربما الأمر ليس بذلك التعقيد، فليس من المنطقي أن تقوم احداهن بطبخ طعام يكفي لعشرين شخص، وهي متأكدة بأن لن يأتي أحدا على الغداء!، كما أنه ليس من المنطقي أن يتجه أحدا إلى دائرة العمل وهو يعلم بأن اليوم عطلة!.
إذا لم نتحسس حقيقية الأشياء التي نعيشها لن نهيئ لها فعلا مناسبا في الحاضر والمستقبل، إنه أمر معنوي مرتبط ارتباطا مباشرة بالفعل.
نملك الكثير من المؤسسات الخيرية والمنتديات الثقافية ونسعى دائما لرفع واقع المجتمع نحو الأفضل، ندرس كثيرا ونتعلم ونعمل، كما أننا نرعى الأيتام وعوائل الشهداء، ولكننا نعلم جيدا بأن غيرنا أيضا يقوم بهذه الأعمال.
وفي المقابل هل فكرنا يوما ما الشيء الذي يميزنا عنهم؟ ما هو الاختلاف بين الأعمال التي نقوم بها نحن وبين الأعمال التي يقومون بها هم؟
ربما هم يفعلون ذلك من باب الانسانية واحترام الذات وتكوين المكانة الاجتماعية المرموقة بين العالم، ولكننا نعرف جيدا بأن الانسانية وحدها لا تكفي!، وهذه الأعمال يجب أن يكون لها مشروعية! ومشروعية أعمالنا يجب أن تكون لصاحب الزمان!، هل يحصل ذلك فعلا معنا، هل تخضع أعمالنا لهذه المعادلة الإلهية؟.
هل درس أحد وتعلم وطوّر نفسه نصرة لإمامه الحجة؟ هل هنالك من زكى نفسه وأخلاقه وهذب نفسه قرة لعين صاحب الزمان! هل نظر أحدا للزواج بأنه مشروع مهدوي مبارك وحدد من خلاله الهدف بأنه التهيؤ المناسب لنصرة حكومة الامام المهدي؟ إن شاء الله الكثير منا فعل ذلك..
بين هذا التمني الحائر هنالك سؤال يزرع نفسه بين هذه السطور، وهو أن كيف لنا أن نتحسس وجود مولانا المهدي بيننا؟
هنالك من يؤمن بالبلاء ويؤمن أكثر بالصدقة التي ترفع البلاء عن صاحبها، فيعطيها قبل أهله باسم الامام الحجة عن سلامته ليرفع الله البلاء والقدر عن مولانا، لأنه تحسس بوجود امامه وخاف على مولاه أكثر من نفسه، إنه تحسس وجود امامه يا سادة، تحسس!.
أيضا كتلك الأم التي عندما تضع الطعام على الطاولة تتقصد بوضع طبق طعام إضافي، فيسألون أطفالها عن سبب هذا الطبق الإضافي وإنه لمن؟
فتقول الأم إنه لصاحب الزمان، نعم إنه غائب ولكنه موجود ومن الممكن بأي لحظة أن يطرق الباب ويدخل.
الأم التي تتكلم وتظهر افعالها بهذه الصورة ستزرع في نفس اطفالها الإحساس بوجود المهدي (عليه السلام).
ولو أرادوا أطفالها فعل ذنب لاستحوا من امام زمانهم لأنهم يشعرون بوجوده، ويتحسسون نظرته!.
_ لو تحسسنا وجود صاحب الزمان لأقمنا المؤسسات الخيرية والمنتديات الثقافية نصرة وتمهيدا لحكومته.
_ لو تحسسنا وجود صاحب الزمان لنظرنا للزواج بأنه مشروع مهدوي مبارك وأنجبنا الأطفال وربيناهم بطريقة مهدوية تؤهلهم ليكونوا جنود في جيش الامام.
_ لو تحسسنا وجود صاحب الزمان لزكينا الأنفس واحترمنا حقوق الناس وتحلينا بالأخلاق التي يرضى عنها المولى.
_ لو تحسسنا وجود صاحب الزمان لتعلمنا وتثقفنا وعملنا لأننا واثقون بأن المولى يريد أنصار واعون في حكومته.
_ لو تحسسنا وجود صاحب الزمان لعرفنا كيف نحافظ على المقدسات والإسلام وكنا مثلما يريدنا المولى أنصار مخلصين نكمل معه طريق الحسين.
أنصار الحسين تكليفهم الشرعي هو نصرة امام زمانهم، أنصار المهدي تكليفهم الشرعي هو نصرة امام زمانهم، الأشخاص مختلفون ولكن التكليف والدور واحد، هل نحن مثل جون؟ هل نحن وهب؟ طوعة؟ رملة؟؟
نحن اين؟، نحن من؟.
العدو ينخر بشعوبنا بطريقة مخيفة وسريعة، وينشر فايروسه بطرق وأساليب مختلفة، مرة على شكل انترنت مرة على شكل فكرة، مرة على شكل موضة، ومرة على شكل كتاب.
هدفه الأول هو نخر الإسلام وحصرنا في دائرة الغفلة كي يتمكنوا من السيطرة على العالم ويزرعوا ظلمهم وجورهم كيفما وأينما شاءوا، لينسّونا بأن هنالك منقذ سيأتي ويخلص العالم من هذا الظلم الذي زرعوه في العالم.
إنهم يريدون أن ننسى تكليفنا الشرعي، ونغفل عن امام زماننا، ليكونوا حجر عثرة في تمهيد حكومة الامام العالمية!
وإن فات الأوان وخضعنا لمرادهم وغفلنا عن أمرنا، واقتربت سكرات الموت أو ظهر مولانا الغائب ولم نكن له كجون أو طوعة!، حينها لن ينفع الندم، ولا الاعتذار، حينها سيكون جواب مولانا للقوم الغافلين "فيومئذ لا ينفع الذين ظلموا معذرتهم ولا هم يستعتبون".
اضافةتعليق
التعليقات