يعيش الوطن العربي نوبة من المشاكل اللامتناهية، تمثلت أبرزها بالحروب والمجاعة وضعف الاقتصاد، إضافة الى المشاكل الاجتماعية التي اخذت حيزاً كبيراً من حياة الانسان، واعقدها (حسب رأي البعض) هي مشكلة "العنوسة".
وعلى ذكر العنوسة شاهدنا في فترات ليست بعيدة هجمات قوية على صفحة الروائية الجزائرية (أحلام مستغانمي) تتهم انتاجاتها الأدبية على انها تشجع الفتيات على العزوف عن الزواج!.
فهل يمكن لرواية او كتاب ادبي ان يؤثر كل هذا التأثير العميق في نفوس الفتيات؟ وهل يمكن لكاتب ان يتحكم بمستقبل جيل كامل؟.
جميع هذه الأسئلة تعتبر بعض الشيء، لا منطقية واتهاماتها باطلة، وهي نابعة من الضعف الفكري لشريحة معينة من المجتمع، لأن بعض الكتب مهما كانت ذات تأثير عميق لا يمكن ان يدوم تأثيرها على المدى الطويل في الإنسان البالغ العاقل!.
فإذا استغرق الانسان أسبوعا لإنهاء الرواية، كم يا ترى سيستغرق التأثير النفسي في تقمص الشخصيات والحوار على روحية الانسان؟ ومتى سيخرج من سباته الفكري، ويعود ادراجه الى الواقع؟، ربما سنة، او سنتين في الأكثر!، وماذا بعدها؟.
في كل الأحوال لا نستطيع ان نلوم الكاتب على نتاج ادبي، او قصة تراجيدية كتبها من وحي خياله، او على وجهة نظر ربما تحمل الصحة وربما تحمل الخطأ، لأن الكاتب في بعض حالاته ليس مسؤولا عن الطريقة الخاطئة لفهم القارئ.
وهذا لا ينفي بأن هنالك كتب تترك اثراً عميقاً في نفس الإنسان خصوصاُ في فترة الطفولة والمراهقة، وهنا يترتب على الأهل مراقبتهم واقتناء الكتب المفيدة التي ستساهم في زيادة الوعي والادراك وتلعب دراُ مهماُ في بناء شخصياتهم.
ولا شك بأن بعض الروايات لا تعرض الواقع بصورته الحقيقية لكونها تنبع من واحة الخيال، هذا وناهيك عن رؤية الكاتب المختلفة في نقل الواقع وعرضه بصورته الجدية، عوضاً عن اختلاف البيئات المعيشية، فواقع الكاتب الأجنبي يختلف تماماً عن واقع الفتاة السعودية، اذن في هذه الحالة من المستحيل ان تتم المقارنة بين ماهية النقل الروائي وبين واقع الكاتب وواقع القارئ حتى وان كان على محمل الجد.
وعليه يبقى الحكم والتحليل على عاتق القارئ، فليس كل ما يقرأه قابل للتطبيق والتصديق، وبعيداً عن الواقع ليس كل ما في الكتب هو صحيح، لأن ما يكتبه الكاتب من الممكن ان يكون وجهة نظر وليس تصديق، اذن من الضروري ان يفصل القارئ بين واقعه وبين الخيال خصوصاً عند قراءته القصص والروايات التي تتميز بالخيال والدراما العالية.
اذن الشخص الوحيد الذي يتحمل مسؤولية هذا الضرر هو القارئ نفسه، فالمقوم المهم الذي يجب ان يتسلح به القارئ قبل ان ينجرف في عالم الكتب هي الحصانة الفكرية، خصوصاُ ونحن نعيش في عالم مفتوح يعرض فيه السلبي كما يعرض الإيجابي، لأن تنظيم الأفكار وترتيب المبادئ وقوة الايمان تعتبر من العوامل التي تحصن الإنسان من أي مؤثرات خارجية، وبالأخص تلك المؤثرات التي غايتها الأولى هي تدمير الجيل والمضي بهم نحو التهلكة..
اضافةتعليق
التعليقات