يقال أن الناس معادن ، فمنهم حديد يصدأ عند تماسه مع بضع قطرات ماء ، ومنهم ذهب يزداد بريقا ولمعانا كلما تأججت حوله الابتلاءات والفتن ، فما هو معدننا وإلى من ينتمي؟
إن لكل إنسان هوية يتميز بها ، يكتب بها اسمه وانتماؤه الوطني والديني ، و رغم أن الكثير يمتلكها إلا أنه يعيش حالة فقدان وضياع الهوية على أرض الواقع، فتراه يتبنى أفكارا لا تناسب دينه ، ينغمس في رؤى بعيدة عن رؤى الإسلام ، ينجر وراء خطط وأهداف الآخرين ، فهل يبقى لديه انتماء؟ أم هو انتماء سطحي لم يتغلغل لروحه ولم يترسب في كيانه الداخلي ولم يترجم على سلوكه وعلاقاته.
لقد ورد عن صادق الأئمة : « رحم الله شيعتنا خلقوا من فاضل طينتنا وعجنوا بماء ولايتنا»
ومن هنا بدأ الانتماء ، فمن كان مخلوقا ومعجونا بماء الولاية كيف له أن يحيد عن الطريق وكيف لمعدنه أن يصدأ وقد اقترن بالمعدن الإلهي؟
وكما قال الشاعر:
علي الدر والذهب المصفى وباقي الناس كلهم تراب
فإن كنت تملك إماما كعلي عليه السلام ، فهل من الممكن أن تعيش حالة ضياع الهوية؟ أم تراك تفقد بريقك ولمعان أصلك ، من له مولى كعلي عليه السلام وقد عجز كتّاب العرب والعجم أن يصفوا منقبة من مناقبه ، أنّى لمعدنه أن يتآكل أو يهترئ؟
فهو كما يقول وفوق ما نقول ، هو علي وكفى.
وقد ذهب الذهب بضربة المحراب ، ولكن بريق إيمانه ونور علمه وشجاعته يزداد يوما بعد يوم رغم خوف المحبين و حقد المبغضين.
إن قضية الانتماء من القضايا المهمة جدا ، التي ينبغي الالتفات لها والتمسك بها خاصة في ظل زوابع الفتن الملمة بنا المتربصة بجذورنا ، فمن أولى عنايته وروّى شجرة هويته، سينعم بالطبع بظلها و ثمارها ، متنفسا نقي الهواء مجليا بصره بخضرتها.
وما نلاحظه اليوم من محاولات حثيثة لمحو الهوية الإسلامية بإدخال البدع والممارسات الدخيلة بدعوى الانفتاح والتحرر وبحجة حليتها ، يسوق بنا كأمة بكل عقائدها وأصالتها إلى حافة الضياع الفكري والأخلاقي والديني .
فلنقف وقفة جادة نحاسب بها ذواتنا إن تهاونّا مرة وإن زللنا مرات ، فالسير مع القطيع لا يؤدي إلا إلى المسلخ!
أطفالنا وأجيال المستقبل البعيد والقريب يعيشون زمانا شائكا وعرا محيرا ، ومن واجبنا أن ندججهم بكل وسائل الحماية ، فالمربي الصالح لا يغفل عن وضع حزام الأمان لمشوار قصير ، فمن الأولى أن لا يسهو عن معدات السلامة في رحلة حياة طفله الطويلة.
وقد أعد لنا أبواب هذه الأمة حبال النجاة ، وليست كأي حبال ، بل هي حبال الله الوثيقة وطرقه القويمة ، القرآن العظيم وأهل البيت عليهم السلام ، فلنحكم التمسك بهما لنحافظ على معادننا وسنخيتها الذهبية ، لنجلو غبار الأهواء الضالة وننفض تراب التبعية لكل ناعق.
اضافةتعليق
التعليقات