سارة.. فتاة عشرينية، تعيش في احدى الأقضية الفقيرة، اُم جيدة، وطباخة ماهرة في اغلب الحالات واحياناً فتاة جميلة وحبيبة تؤنس وحشة ليلة زوجها السوداء!.
بعدما تفتحت لها افاق العصر أكثر ودخلت العولمة الى أحضان بيتها واصبحت في تماس مباشر مع الإنترنت، أصبحت تنظر الى حياتها بطريقة أخرى..
بدأت تستوعب كم انها مظلومة، خصوصاً عندما تشاهد حياة "الفاشينستا" الذين يوثقون حياتهم المترفة عن طريق "الفلوك" والذي تجاوزت صفحاتهم ملايين المتابعين من مختلف الأجناس والأماكن في العالم، إضافة الى الصفحات العربية والعراقية المختصة بمطالبة الحقوق والحريات للمرأة والتي تعتبر غير الرسمية وتقودها فتيات مراهقات لم يتجاوزن عقدهن الثاني..
وأصبحت سارة تطالب بحقوقها من مواقع التواصل الاجتماعي او المنصة الخرساء كما اسميها انا، لأن اغلب الفتيات يدخلن الى العالم الافتراضي بأسماء مستعارة لكي يجدن مساحة واسعة وحرية تامة في الكلام، بما يرضي الله واحيانا بما لا يرضيه، ولكن من المهم ان تبقى الشخصيات مجهولة، لكيلا يتعرف عليهن احد الأصدقاء او الأقارب حفاظاً على النزعة الشرقية الموجودة في كل بيت عراقي.
وعندما التقيت بها وبدأت اقرأ شيئاً من افكارها الغريبة، بدأت تعرض عليّ مجموعة كبيرة من الكلام الذي يبعد دهراً عن فكرها الأنثوي البسيط، قالت لي: النساء في هذا المجتمع مظلومات جداً ولم يأخذن حقوقهن كما يجب.
وافقتها الرأي، فالكثير من الحقوق اندثرت تحت مفهوم العادات والتقاليد المتخلفة التي رسمها المجتمع القبلي، فبات المجتمع يأخذ منحىً بعيد عن حلال الله وفق مبدأ "العيب"!، ولا ادري حقيقة أي عيب قادر على تحريم ما حلله الله لنا..
الى هنا كنت موافقة على كل ما كانت تقوله هذه الفتاة الجميلة، وحاولت ان اغوص اكثر في فكرها الوردي الجميل ولأني اعرف بأنها فتاة مؤمنة وتعرف حلال الله وحرامه جيدا، شعرت بالفضول وبادلتها بالسؤال: "ماهي الحقوق التي تريدينها؟"، تنهدت بعمق وقالت بلهجتها الشعبية: "خيه... اشو الرجال يسوي كل شي يحب، واحنه منكدر نسوي أي شي يابه شنو عيب وحرام وميصير!، لعد بشرفج الولد يكدر يشتغل تكسي والمرا لا؟ ليش هالتفرقة يعني؟".
بينما أكملت هي جملتها، لم استطع ان امسك نفسي من شدة الضحك، بينما بقيت هي تنظر الي حتى أكملت ضحكتي المجنونة، وقلت لها: من اين تأتين بهذه الأفكار يا سارة؟، هل تريدين ان تقودي سيارة أجرة، من اجل ماذا؟ فقط لكي تتساوي مع الرجل؟!، حسناً ما رأيك لو اشتري لك سيارة "سايبا صفراء" وتتصارعي مع الازدحام في شوارع العراق الجميلة من اجل أجرة (كروة) لا تتعدى الألف او الألفين دينار!!.
بقيت سارة تبحلق في وجهي بنظرات تائهة، وكأنها تسمع مني شيئاً مغايرا عن كلام صفحات الفيس بوك وهتافات الحرية التي تنشدها المراهقات.
في الحقيقة أصبحنا نعيش حالة من التلوث الفكري، المتمثل بتشويش المبادئ السامية التي اقرها الله لحفظ كرامة المرأة في المجتمع، نظرت الى سارة بكامل الود وقلت لها: سارة خلقك الله غالية، ناعمة، ملكة، اعزك الله ولم يحب ان يراكِ تتعبين كاهلك بأعمال لا تليق بنعومة طينتك!.
لقد انصفنا الله ولكننا لازلنا نركض خلف الحقوق الوهمية فقط من اجل التساوي مع الرجل، حتى وان كان ذلك سيشكل ضرراً كبيراً على المرأة، لأنك وبكل الأحوال تتنازلين عن منزلتك كريحانة وتريدين ان تأخذي مكانة العامل الكادح، وهذا اشبه بمن يتنازل عن سبيكة الذهب بسبيكة نحاس فقط لكي يتساوى مع الطرف الآخر!.
فقد تغافلنا عن حقوقنا الحقيقية وواجباتنا تجاه الحياة والأمة، وصببنا بالغ اهتمامنا على الحقوق الوهمية من اجل التساوي مع الرجل وفق مبدأ التحدي!، فأيُّة حقوق تلك التي تسلب كرامة المرأة وتفقدها جمال نعومتها وحياءها؟.
قارورة انتِ بعين الله واي عمل لا يليق بشفافيتك وطهارة روحك سيخدش هذه القارورة وسيعرضها للكسر!، هل رأيت كم يحبك الله وكم يخاف عليكِ من ترانيم الحياة الجارحة؟! بينما انتِ لا تبالين بالمنزلة التي منحها الله لكِ وتساومين عليها وفق مبدأ التحدي والمساواة السوداء والتي لو تحققت (راح تودي النسوان بستين داهيه).
اضافةتعليق
التعليقات