حين يزاحمنا الحنين في غفلة إلى الماضي ويسدل بستاره على قلوبنا، تتأرجح الذكريات بين صفحات العقل وأخرى بين صورنا القديمة، حيث نسعى بالبحث عن ذلك الألبوم المدفون في ركن منسي من البيت..
(بشرى حياة) كان لها جولة حول جمع الصور وما تعنيه لمحبيها:
أيامنا الجميلة
تسرد لنا أم مؤمل أيامها الجميلة قائلة: منذ صغري وأنا أعشق جمع الصور لجميع أفراد العائلة والأقارب والأصدقاء اتوق جدا لشراء ألبومات الصور ووضعها به للمحافظة عليها من الخدش أو التجعيد، كانت بالنسبة لي شيء ثمين أحتفظ به.
وأضافت: لم أفوت يوما مناسبة دون تصويرها وطباعة صورها فهذا الأمر كان من أولوياتي .
أما اليوم فأنا أفتقد هذه المتعة من هوايتي المفضلة فقد باتت الصور تأخذ عبر الهاتف المحمول والاحتفاظ بها على شرائح حافظة تسمى الـ(رام) التقنية التي طغت على التحميض والطباعة فأغلب محبين الصور يفضلون ادخال هذه الشريحة على حاسوبهم الخاص أو الهاتف لمشاهدة الصور وتصفحها.
ختمت حديثها: على رغم التطور التكنلوجي إلا إني ما زلت أفضل وبشدة طباعة الصور الورقية والاحتفاظ بها في الألبوم.
أما المهندسة سهير عباس حدثتنا عن تجربتها قائلة: من المهم جدا أن نعود لطباعة الصور والاحتفاظ بها في البومات خاصة. فقد كان يحتفظ زوجي بصور تخرجه على وحدة جهاز لتخزين البيانات الرئيسية في الحاسوب أو ما يسمى بـ(الهارد) ومن سوء الحظ استخدمته في عملي ذات مرة وفقدته بعدها ولم أعثر عليه ليومنا هذا، في بداية الأمر غضب زوجي كثيرا لعدم المحافظة والحرص عليه وبدأ بتأنيبي بقسوة ثم ما إن لبث حتى بدت على محياه ملامح الحزن لأنه كان يحتفظ بداخله بجميع صوره لمراحل دراسته من الثانوية إلى الجامعة مع رفاقه وذويه وبينها صور مختلفة لرحلاتهم وحفلة تخرجهم وغيرها.
وتابعت قائلة: في ذلك الموقف اعتراني الحزن أنا أيضا وأحسست بقيمة طباعة الصور والاحتفاظ بها في ألبوم أو صندوق ووضعها في درج خاص ليكون مخزنا للذكريات الجميلة.
فيما قال علاء أبو الهيل: أجمل ما في الصور هو الإحتفاظ بها مطبوعة حيث يحمل الورق نكهة خاصة حينما تنطوي عليه السنوات ويتغير لونه ويبان عمرنا من رونق الصور الذي بدا يتخافت ونشعر كم كبرنا وكم كنا سعداء حينما التقطنا تلك الصورة العائلية مع أصدقائنا وذوينا.
وأضاف: أستنكر الإحتفاظ بالصور الشخصية على الهواتف المحمولة وغيرها من وسائل الكترونية فقد يتعرض الهاتف للسرقة من ثم الابتزاز بتلك الصور وبالتالي يقع صاحب أو صاحبة الهاتف ضحية يضطر بعدها اللجوء إلى القضاء مثل الشرطة المجتمعية أو العرف العشائري .
ختم حديثه: أتمنى من كل محبي التصوير إما يستخدموا وسائل الطباعة بعد التصوير ومحوها من ذاكرة الهاتف أو نقل الصور من الهاتف الخاص والاحتفاظ بها بشرائح الذاكرة الالكترونية في البيت والحرص عليها لعدم فقدانها.
من جانب آخر قالت التمريضية صفاء عبد الحسين: لطالما كان التصوير توثيقا لحدث لن يتكرر لهذا نجد في مناسبة مهمة كزواج أو تخرج يجهز الشخص المعني كاميرا لتوثيق ذلك الحدث ولكن بعدما تصدرت الهواتف الذكية الموقف وبات الجميع يستخدمها بكل مكان وزمان للسهولة، أصبح التوثيق متاح لكل شيء انفجار انتحار حادث مؤلم لحظة موت فاجعة، حيث أصبحت الصور تنقل لنا كل شيء بمعنى حرفي ولربما صور خاصة تفتقد حتى لمعايير الذوق العام.
وكان للباحثة الإجتماعية نور مكي الحسناوي رأي بهذا الجانب حيث قالت: جميعنا نحب التصوير في المناسبات والتجمعات الاجتماعية لتكون تلك الصور فيما بعد ذكرى نتصفحها لاسترجاع تلك اللحظات الفانية.
إلا أن تصدر التكنلوجيا بدد فكرة الإلبوم الورقي لتحل محلها شريحة ذاكرة لا يتجاوز حجمها المليمترات للاحتفاظ بالصورة وغالبا ما تتعرض تلك الشريحة للضياع أو التعطيل وبالحالتين نخسر الصور وربما نتعرض لمشاكل جمة بفقدانها.
لهذا أفضل وبشدة أن نعاود إلى طباعة الصور وتخزينها في مكان خاص.
مسك الختام
حينما نسترجع ذكريات ونحن نتصفح صورنا القديمة نتطرق إلى جملة (أيامنا الحلوة) وذلك لما تحمله تلك الصور من عبق الماضي الجميل حيث كانت تحمل إحساسا واقعيا لشخصنا في الصورة بدون أن نتلاعب بها على برامج الفوتوشوب لتفقد بذلك ملامحنا الحقيقية ونحن نرسم ابتسامة زائفة أو نخفي تجاعيدنا التي بدت تظهر بتقدم العمر أو ندبة ما تعرضنا لها كما يمكننا تغييراً حتى لون بشرتنا لتصبح الصورة جامدة بلا حياة خالية من الروح.
في الماضي لم يكن باستطاعتنا أن نجري أي تعديل لأي صورة فتحتفظ الكاميرا بشخصنا كما نحن ثم نسعى لطباعتها وننتظر رؤيتها بلهفة أحيانا أياما أو أسابيع، حتى لهفة الإنتظار تلك تلاشت مع السنوات وأيضا لحظات الحزن حينما تظهر صورة ما تحمل خطأ أثناء التصوير وعلى الرغم من ذلك نحتفظ بها كما هي ليبقى ألبوم الصور محطة زاخرة بالذكريات نكون به كما نحن دون تلاعب أشبه بمجموعة قصصية تحكي لنا طفولتنا إلى أن نشيخ بين حزن وفرح لرحلاتنا ومناسباتنا مع الأهل والأصدقاء ويكون أكثر أماناً من غيره من الوسائل البديلة التي طفحت على القاع.
اضافةتعليق
التعليقات