دقت الساعة العاشرة بعد منتصف الجمال... تهيأت بكل ترف لتجميل عقلها، دنت بخطوات راقصة من مرآة فكرها، وحملت بيدها اليمنى قطعة من القطن الأسمر (القهوة)، لتنظف عقلها من جميع الشوائب التي من الممكن ان تترك أثراً سلبياً على نقاوة فكرها، تنفست الصعداء، ثم إختارت أحمر الشفاه (الكتاب) الذي يناسب لون فستانها لهذه الليلة، لتخط به جمالها الأخاذ.. وتبرز مفاتن عقلها!.
اليوم تريد ان تكون الأجمل، الأبهر، الأفضل، والأثقف، كما هي دائماً...
بين فينة واخرى ترتاد الى الصالون الفكري، لتزين عقلها. وفكرة أن تضع الكثير من المكياج على وجنة روحها، شفاه مبادئها وجفن توجهاتها حقيقة تروق لها كثيراً.
فلو قسنا عدد الصالونات ومراكز التجميل المنتشرة في البلد لحصلنا على عدد صادم!،
فالكثير من النساء مصابون بهوس الموضة والجمال، ومن المتفق عليه بأن الإهتمام بالمظهر والجمال اصبح من ضروريات العصر، ومن مقومات الشخصية الناجحة.
ولكن! هل باتَ جمال الجسد أهم من جمال العقل؟!
نحن نقرُّ ونعترف في هذا التاريخ الأبيض من سنة 2017 خلال القرن الحادي والعشرين، بأن "جمال المرأة الخارجي ماعاد كافياً"!!.
إذ ان من تمثل نصف المجتمع، وكان لها فرصة كبيرة بأن تحكم العالم، ليس من المعقول أن تركز على الجسد فقط!، وتهمل العقل!، التوازن بين الأمرين جميل..
ما الضير اذا كانت المرأة انيقة المظهر والفكر في آن واحد؟!، خصوصاً اذا كانت المرأة ذات موقع إجتماعي مهم، فعلى سبيل المثال، لو كانت في مجلس مهني او اجتماعي مهم، بالطبع ستبهر الحضور بجمال طلتها، وأناقة مظهرها، ولكن اذا حصل نقاش حول موضوع ما، و دار كرسي التحاور عليها؟!، هل ستبهر الحضور بجمال عقلها ولباقة حرفها كالمرة الأولى ام ستخلق صورة أمية عن نفسها؟!.
الفكر هو مرآة الإنسان، واللسان هو الذي يعكس هذه الأفكار، ولتجديد الأفكار وقطف ثمار الثقافة على الإنسان التزود بسلاح العلم والمعرفة وخصوصاً المرأة كي تتمكن من مواجهة جبروت المجتمع.
لأن الفكر هو السبيل الوحيد الذي يجعل الإنسان أكثر وعياً بما يحيطه، وبه يكون المرء أعمق إدراكاً لأبعاد وجوده وعلاقته بالكون. لأنّ الإنسان يطلّ من خلال أبراج فكره على عوالم جديدة، فتتسم رؤيته بالشمولية التي تجعله أكثر وعياً بالحقائق، وأكثر قدرة على معرفة ما كان يجهله فيما سبق.
ومع الأسف نرى توافد النساء على مراكز التجميل بشكل كبير، مع صرف مبالغ مالية طائلة بين شراء المكياج وعمليات التجميل.. وإهمال التجميل الفكري الذي يعد العنصر التكويني المهم في بناء الإنسان.
وبهذه المناسبة نقدم لسيداتنا العزيزات بعض الخطوات العملية، لمكافحة تجاعيد العقل، والحفاظ على فكر صافي ونقي:
1- توسعة دوائر المعلومات، ورصد الأفكار الجديدة، والتناغم مع العولمة الحاصلة.
2- التسلح بالثقافة، عن طريق المطالعة المستمرة ومتابعة البرامج الثقافية والتعليمية.
3- الخروج من النطاقات الفكرية المحدودة، وتوسعة دائرة الصداقات والمعارف ومخالطة المجتمع من شتى الثقافات، والدخول في نقاشات حول مواضيع معينة، لتبادل الأفكار في دائرة أوسع والاستفادة من خبرات أصناف المجتمع.
4- تكوين حلقات نقاشية أو ما تعرف "بالمطابخ الفكرية" لطرح موضوع معين يشغل بال عامة الناس ويثري إهتمامهم ومناقشته من مختلف الجوانب، وطرح الرؤى والأفكار الجديدة.
5- الاستمرار في قراءة الكتب، سواء العلمية منها، او الثقافية، الإجتماعية، الادبية، التنموية، الدينية، للإستفادة الفكرية والنفسية، وفتح آفاق متعددة، إضافة الى خلق خيال خصب، يصلح لزرع المبادىء والأفكار الصحيحة.
6- طرح جميع التساؤلات التي تشغل فكر الإنسان على أصحاب الاختصاص والثقة، كي لا نسمح لأي شك أو سؤال يسرح في خوالجنا بلا إجابة.
7- تطبيق المفاهيم المكتسبة على ارض الواقع، ليصبح تطبيق عملي للثقافة النظرية التي اكتسبناها من القراءة والتعليم و...الخ.
وفي الختام من الضروري ان نبين بأن مكياج العقل أهم من مكياج الوجه!، لأن مكياج الوجه يزول بمجرد رش الماء او مسحه بقطعة من المحارم، كما ان له آثار سلبية، امّا مكياج العقل هو جمال ابدي لا يزول.. وليس له اي آثار سلبية.
وافضل الماركات التي نصحت بإستخدامها، كالقراءة، وحضور الندوات الفكرية والإجتماعات الثقافية، والكتابة التي تعتبر الثمار لعملية القراءة، ومتابعة البرامج التي تنمي العقل الباطني للإنسان، تقدم للنساء مع ضمان يدوم مدى العمر..
اضافةتعليق
التعليقات