تزامناً مع الأيام المرتبطة بذكرى عاشوراء تم مناقشة كتاب: الإمام الحسين عليه السلام تغيير في الوجود التشريعي والتكويني لمؤلفه ناصر الحسين الأستاذ أحمد فاضل الصفار حفظه الله وزاد توفيقاته، في نادي أصدقاء الكتاب المقام شهرياً.
وجيد بالذكر إنّ المتأمّل لهذا العالم يجد بأنّه منقسم إلى قسمين: قسم تشريعي يتعلّق بعلاقة الإنسان بالآخرة، وقسم تكويني يرتبط بعلاقة الإنسان بالدّنيا وما يحيط بها، فنجد في القسم الأوّل أنّ الله تعالى شرّع الأحكام وفرضها على عباده، ليعلم المطيع منهم والعاصي، فيما جعله محكوما في الثّاني بقاعدة الأسباب والمسبّبات، وقد خطّ لكلّ من هذين القسمين نهجا وطريقا ثابتا لا يتحوّل ولا يتغيّر بتغيّر الظّروف والأمكنة والأزمنة، فلا نجد مثلا أنّه قد تغيّر حكم وجوب الصّلاة أو الحجّ، أو أنّه اختصّ به بلد دون آخر، ولا نجد مثلا أنّ النّار قد فقدت خاصيّتها في الإحراق، أو افتقد الماء خاصيّته في الإرواء، وهكذا .
ولكن يوجد لكلّ قاعدة إستثناء، وقد شاء الله تعالى أن يجعل هذا الإستثناء في عالم الوجود متمثّلا بالإمام الحسين عليه السّلام، كيف لا وقد كان عطاءه للباري عزّ وجلّ إستثنائيّا، فقد شكر الله تعالى له عطاءه الإستثنائي وجعله إستثناء في عالم الوجود، بل وجعله مغيّرا لعالم الوجود بقسميه التّشريعي والتّكويني؛ إذ غيّر لأجله مسار التّشريع، ومظاهر التّكوين، لكي يعلم العالم جميعا بعظمة هذا الوتر، ومدى تأثّر الدّين والكون به، وتفاعلهما معه ومع قضيّته .
إنّ المتتبّع لمسار الوجود في هاتين النّاحيتين – التّشريعيّة والتّكوينيّة – سيجد جليّا بأنّ الحسين عليه السّلام سواء بولادته أو بشهادته قد غيّر في مسارهما، وجعلهما يسيران بشكل مغاير لما كانا عليه، فهناك الكثير من الأحكام التّشريعيّة الّتي تغيّر حكمها عمّا كانت عليه قبل ولادة الإمام الحسين عليه السّلام أو قبل شهادته، وإنّ كثيرا من الظّواهر التّكوينيّة قد تغيّرت عمّا كانت عليه قبل تأثّرها وتغيّرها بسبب تفاعلها مع قضيّة سيّد الشّهداء عليه السّلام .
لذا ومن خلال ما تقدّم قد سعى هذا الكتاب إلى تسليط الضّوء على هذه النّقطة الهامّة والّتي قد تكون غائبة عن الأذهان، ألا وهي التغييرات الحاصلة في الأمور التّشريعيّة والمظاهر التّكوينيّة بعد ولادة الإمام الحسين عليه السّلام أو بعد شهادته، وقد تمّ تقسم هذا الكتاب إلى قسمين:
حيث تناول القسم الأوّل منه التّغيير التّشريعي، بينما تناول القسم الثّاني التّغيير التّكويني، وقد تمّ تقسيم هذين القسمين بدورهما إلى قسمين أيضا، هما: التّغيير الجزئي، والتّغيير الكلّي، حيث يقصد بالتّغيير الجزئي الإستثناءات الّتي جعلها الله سبحانه وتعالى في هذا الوجود وعلى الصّعيدين التّشريعي والتّكويني، بسبب الإمام الحسين عليه السّلام وعلاقتها بقضيّته، وذلك بشكل جزئي، وقد قصد من كلمة (الجزئي) في هذا البحث التغييرات الّتي لم تشمل جميع عالم الوجود، كأن تكون خاصّة بالإمام الحسين عليه السّلام، أو خاصّة بالأحكام الشرعيّة المرتبطة بإحياء شعائره، أو خاصّة بزائريه، وهكذا، أي أنّها لم تشمل جميع التّشريع والتّكوين، أمّا فيما يتعلّق بالتّغيير الكلّي فإنّه يشمل جميع الأحكام التّشريعيّة والمظاهر التّكوينيّة المتغيّرة بسبب الإمام الحسين عليه السّلام، والمستمرّة إلى يومنا هذا، والّتي لم تختصّ بالإمام الحسين عليه السّلام أو بشعائره أو بزائريه أو ما يرتبط به، بل أنّه شمل كلّ عالم الوجود، ولم يقتصر على فئة أو جزء معيّن كما في التّغيير الجزئي، وهذا ما سيتّضح من خلال البحث .
وفي الختام أدعو كلّ من يقرأ هذا الكتاب إلى التّأمّل في قضيّة على مستوى كبير من الأهمّية، وهي :
إذا كان الله سبحانه وتعالى قد جعل من الإمام الحسين عليه السّلام مغيّرا للوجود التّشريعي والتّكويني، وقد جعل هذا الكون كلّه، بل والدّين كلّه محكوما ومتفاعلا مع قضيّة سيّد الشّهداء عليه السّلام، بحيث أنّه قد غيّر بعض الأحكام الشرعيّة والمظاهر الكونيّة لأجل الإمام الحسين عليه السّلام، فهل أنّه يبقى مجال لأن نستكثر على سيّد الشّهداء عليه السّلام بعض مظاهر الحزن والجزع عليه؟!
هذا سؤال يبحث عن الإنصاف في الإجابة.. فتأملو جيدا .
وجدير بالذكر أن نادي أصدقاء الكتاب أسسته جمعية المودة والازدهار والذي يهدف إلى تشجيع القراءة والمطالعة عبر غرس حب الكتاب وفائدته في المجتمع.
اضافةتعليق
التعليقات