قال تعالى: (وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) .
اردت ان التحق بسفينة النجاة فلم ارَ بابا اوسع من ابي الفضل كي اصعد في سفينة الهدى و التحق بركب الحسين حيث الجنان.
هو بابُ الحسينِ ما خابَ يوماً وافـدٌ جـاءَ لائذاً في حماهُ إنّـهُ بـابُ حطّةٍ ليسَ يخشى كلَّ هولٍ مستمسكٌ في عراهُ قـفْ بـهِ داعياً وفيهِ توسّل فـبـهِ المرءُ يستجابُ دعاهُ
لقد امتاز أبو الفضل العبّاس (عليه السّلام) في ولادته على سائر الناس بما يمتاز به العظماء من أولياء الله في ولادتهم مشحونة بالقرائن والمقدّمات الدالّة على عظم منزلة المولود عند الله تعالى ، ومقامه الشامخ لديه .
وصرّح الامام علي(عليه السّلام) بذلك كلّه عندما أفضى بأمره إلى أخيه عقيل بن أبي طالب وهو يستشيره بقضية زواجه ، حيث قال له : (( انظر لي امرأة قد ولدتها الفحولة من العرب لأتزوّجها ؛ فتلد لي ولداً يكون شجاعاً وعضداً ينصر ولدي الحسين ، ويواسيه في طفّ كربلاء )) .
اما الحدث المهم عندما سمع امير المؤمنين من قنبر خبر ولادته تهلّل وجهه فرحاً وسروراً وشكره على هذه البشارة ، وقال : (( يا قنبر ، إنّ لهذا المولود شأناً كبيراً عند الله ومنزلة عظيمة لديه ، وأسماؤه وكناه وألقابه كثيرة ، وسأمضي أنا بنفسي إلى المنزل لإنجاز ما سنّه لنا رسول الله (صلّى الله عليه وآله) للمولود عند الولادة) .
امتازت نشأة أبي الفضل العبّاس (عليه السّلام) عن غيره من أولاد الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) بأنّه اختصّ من بينهم بصحبة والده وأخويه السّبطين ، بل وابن أخيه الإمام زين العادين (عليه السّلام) أيضاً ، وملازمته لهم والتلمذة عندهم ، والتروّي من معين علمهم ، وزاكي أخلاقهم ، ولذلك جاء نسخة منهم حيث الفضائل والمكارم والعلم والمعارف لكننا لم نسمع يوما انه اعطى رأيا عقائديا بحضور اخويه و هو على علم و دراية كافية و هذا يدل على عظم ادبه ِ و طاعتهِ الى ائمته
نعم ، إنّ أبا الفضل العبّاس (عليه السّلام) اقتدى بأبيه في الكرم والجود ، فصار باباً لأخيه وسيّده الإمام الحسين (عليه السّلام) ، كما كان أبوه الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) باباً لأخيه وابن عمّه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) .
بل إنّ العبّاس (عليه السّلام) أصبح بمؤهّلاته الخلقية وكفاءاته الإنسانية العالية باباً لولاية الأئمّة من أهل البيت (عليهم السّلام) ، بحيث لا يمكن لأحد أن يرد إلى مدينة حبّهم وحصن ولايتهم إلاّ عن باب محبّة أبي الفضل العبّاس (عليه السّلام) وولايته ؛ وذلك كما كان أبوه الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) باباً لنبوّة ابن عمّه رسول الله صلوات الله عليه.
لقد كان أبو الفضل العبّاس (عليه السّلام) حامل لواء أخيه الإمام الحسين (عليه السّلام) ، كما كان أبوه الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) حامل لواء أخيه وابن عمّه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، فلقد كان لواء الحقّ بيد أنبياء الله وأوليائه ؛ حيث كان أوّل مَنْ عقد اللواء وحمله هو شيث بن آدم (عليه السّلام) على ما قيل ، ثمّ انتقل إلى خليل الرحمن النبي إبراهيم (عليه السّلام) ، ومنه إلى ابنه إسماعيل الذبيح (عليه السّلام) ، ومنه إلى ابنه نابت بن إسماعيل (عليه السّلام) ، ومنه إلى أبنائه وأحفاده أجداد النبي (صلّى الله عليه وآله) وآبائه ، حتّى انتقل إلى قصي بن كلاب , ومنه إلى عبد مناف .
ثمّ ورثه منه ابنه هاشم ، ثمّ ابنه عبد المطلب ، ثمّ ابنه أبو طالب ، ثمّ صار اللواء إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فدفعها إلى أمير المؤمنين (عليه السّلام) فأصبح هو حامل لواء الرسول (صلّى الله عليه وآله) ، وأصبح من بعده ابنه العبّاس (عليه السّلام) حامل لواء الإمام الحسين (عليه السّلام) وعُرف بحامل اللواء.
لقد كان اختياراً الهياً اختيار سيد ارباب الفضائل لابنه ابا الفضل.
أ يُعقل ان امام معصوم و هو سيد الموحدين علي ابن ابي طالب ان يختار لخدرهِ موضعا يُخالجه النقص؟!
حاشى و كلا ان يترك المرء اثمن شيء عنده و هو خدره و شرفه الا في أئمن مكان فقد ترك مولى المؤمنين عليه السلام وسام عزهِ عند العباس عليه السلام ومضى الى بارئهِ و هو تارك يد زينب بيد عباس …
ولوج الروح في عباس قد تغذت على صوت حُسيني و ترانيم زينبية و عزة حسنية و شجاعة علوية فصار من ذي و ذا ضرغاما علوياً و بطلاً علقميا و هيبة حسنية و خشوعا زينبيا و عقيدة حسينية لا يشوبها (حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ ).
العزة عندما تتألق بأنوار الولاية فترسم للاقتدار صراط الخلود فتقضي للشهادة في سبيل احقاق الحق عندها هناك فقط تكون عباسياً اوحدياً.
كفاه فخراً انه كانت يديه محط القُبل من ثلاث ائمة وكفاه فخراً ان اسمه اقترن بالحسين رسماً و مكانا وكفانا بالعباس ان نتعلم كيف نكون مع الصادقين ، مع الذين اصطفاهم الله واختارهم وزادهم بسطة في العلم والجسم ، ولا نكون رؤوساً متناقرين متنافرين ، وقد قال الله تعالى في محكم كتابه ومبرم خطابه : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) .
ابتلينا بفقد عنصر البصيرة الذي كان يمتلكه العباس بن علي عليه السلام فأصبحنا في عداد المبتعدين عن امام زماننا.
فأخلع عنك هوى النفس فأنت في حضرة الاخلاص
و اختر باب الفضل سبيلا لقلب صاحب الامر و الزمان.
اضافةتعليق
التعليقات