هناك خارج نواميس المفترض وتحديدا عند مجاز اللحظات الخاطفة، شُق الجدار وأسرعت ساعة الزمن فانتقل الحب عبر الأصلاب حتى وجدنا أنفسنا نقف ها هنا حيث يستشعر الانسان حبه الطاعن وتولد الرعشة المباغتة ويستشعر الجميع بالابوة عند بابه فتلتقي المقل وتخالط دموعنا الخدود وشفاهنا تلوح للقادمين ألا مرحبا بابتسامتها فرحا بقرب ذكرى ولادة امام المتقين، وحامل صفات الأولين والآخرين صاحب الذكرى وأمه التي ولدت في جوف الكعبة، وكانت في ضيافة الرحمن، وأكلت من طعام الجنان، واختار لها الله يوم الثالث عشر من رجب أن تضع أشرف مولود على وجه الأرض بعد الرسول محمد (صلى الله عليه وآله) في أقدس مكان (بيته الحرام).
ذلك الاسم الذي وعيت عليه منذ صغري وهو يتنقل من فم جدي فجدتي حتى لقنته اياي أمي وهي في كل حركة منها وثقل تحمله تلهج (ياعلي)، ومازلت لا أدرك هذا السر ولكن أنا مؤمنة أن ما تحبه أمي هو ليس محض صدفة وإنما كون كامل في هذا الاسم وسر عظيم أدركته هي وبدأت منذ وعيت عليه بالبحث فما إن أجد فضيلة تبهرني حتى أتيه في أخرى وأعجب كيف هناك امرئ لا يحب علياً وهو الذي نُقل ذكره بين آيات القرآن الكريم الذي أنزله الله عز وجل فنجده في آية المباهلة نوراً ساطعاً يكتمل بدره في آية التطهير.
فكيف لا يكون كذلك وهو الذي صور آيات القرآن الكريم بهيئة علي سائرا بين الناس فكان كتاب الله الناطق وسيف الله على الأعداء وصور الرحمة واللين على المساكين ، فأتيه بين صورة وأخرى وأنا أعلم علم اليقين أنني لست بأهل للتحدث عن الامام علي، ولكنني في هذا المقال أذكر فضائل أمير المؤمنين فهو العابد الخاشع، الصائم القائم، الورع الزاهد، العالم الكبير والفقيه الجليل الذي حل كبار المعضلات بعلمه وحكمته، والمستشار الأمين والناصح المخلص، الذي لم يدخر جهداً في مساعدة أحد .
ولو ذهبنا نستقصي صفات الإمام علي، وما أكرمه الله به من الشمائل، وأعطاه من الخصائص، لطال بنا المقام، وامتلأت الصفحات وما كنا قد وصلنا النصف من الفضائل والصفات فعن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (إن الله تعالى جعل لأخي علي بن أبي طالب (عليه السلام) فضائل لا تحصى كثرة فمن قرأ فضيلة من فضائله مقرا بها غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ومن كتب فضيلة من فضائله لم تزل الملائكة يستغفرون له ما بقي لتلك الكتابة رسم، ومن استمع إلى فضيلة من فضائله غفر الله له الذنوب التي اكتسبها بالسمع ومن نظر إلى كتابة من فضائله غفر الله له الذنوب التي اكتسبها بالنظر، ثم قال: النظر إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) عبادة ولا يقبل الله إيمان عبد إلا بولايته والبراءة من أعدائه).
فهنيئاً لقوم كان فينا علياً وسار في أصلابنا علياً وأثمر في قلوبنا علياً حتى أصبحنا والحمد لله شيعة علياً نذكر باسمه فيصيبنا مايصيبه وتتساقط علينا النعم بشتى أنواعها لحبه فمباركة هذه الذكرى العطرة، ذكرى ولادة النموذج الانساني العظيم، صاحب أشهر قول في المؤاخاة البشرية، (الناس صنفان، اما أخ لك في الدين، أو نظير لك الخَلْق).
حكمة لا تزال ترن في أسماع الدنيا وتتناقلها الأجيال درساً يبين نظام حياة تهدي فتحيي فتزهر محبة وطمأنينة واستقرار فقائلها يعلم علم اليقين أن الله عز وجل خلق الخلق حباً وجعل للكون نظاما لا يسير بما يعصيه وإنما هو سائر بما أحب من صفاته فكان خير من ترجم هذه الصفات أمير المؤمنين علي ابن ابي طالب (عليه السلام)
اضافةتعليق
التعليقات