عندما كنا صغاراً نتراكض علی السلالم و الأدراج، لربما مع بعض الرفاق و الأصدقاء، أو الإخوة و الأخوات، نهیم في عالم رحب و فضاء واسع من السعادة الطافحة. جل همنا أن نتسابق عجالی للصعود و الفوز أولاً قبل الجمیع، لا نهتم بشئ إلا إذا ما ركلنا أحدهم بشیطنة طفولیة، أو قام آخر بسحب تلابیب القمیص الأبیض الفضفاض، لیقطع أزراره السوداء الصغیرة، محاولاً الوصول، بینما تتعالی من الخلف جلجلة ضحكات باقي الأولاد مشجعین أحیاناً، ورافضین معترضین تارةً اخری .
ما لم ننتبه له قط هو أدراج السلم المتتالیة بانتظام دوماً وفق تخطیط هندسي یرفض التفاوض.
لماذا یا تری جمیع السلالم في العالم مصفوفة برتابة في الطول و العرض و الإرتفاع (وهل هو قانون سائد في كل الملل و النحل) إذا ما حاولنا تجاوز درجة واحدة سنتعثر و قد نسقط أحيانا؟!
هل من الممكن أن يتجاوز التلمیذ الصف الأول لیداوم في الثاني ابتداءا؟!
أو نتعدی سفح الجبل لنعلو القمم غفلة؟ !
هكذا إذا هي الحیاة! خطوات و درجات ینجح فیها من یحترم قانونها القاطع كبریق النصل الممشوق.
و یتهاوی من یحاول التملص تاركاً المسرح للعب خلف الكوالیس .
لا یترك فستان العرس الأبیض بزركشته الخلابة و بریق لئالئه المغریة خیال أي أنثی في میعة الشباب لیقض مضجعها كل لیلة و یغني في قصیدتها ترانیم الحب والعشق المارد .
توهمها تموجات الدانتیل الفضي اللامع المتسكع في تعرجات الثوب، باللیالي الوردیة الدافئة، والسمر تحت ظل القمر الضاحك بتكشیرة مریبة، ویرتفع بها الكعب العالي لحذائها الساحر المتراقص مع نغمة الألحان، إلی أساطیر سیندرلا و بیاض الثلج، لتشاركهم الرقص و الغناء في حفلة ملكیة لا تنقصها إلا هي!.
لا بأس! هذا من حقها فلا نحاول في المقام سرقة الأحلام من خلد الجمیلات، و لكن لا أدري أمن حسن الحظ أم سوءه أن قانون الأدراج سائد هنا أیضاً.
لا بد من إعداد الشباب منذ الصغر لخوض هذا التحول بالتربیة الصحیحة في ظل أسرة هادئة جل همها الخروج بنماء مثمر في المستقبل بتشجیعهم لطلب العلم أولاً، ثم الإنشغال بعمل یكفل لهم كرامة العیش إذا ما أقدموا علی الزواج، فمتطلبات هذه المرحلة مباغتة، لا تترك فرصة للتفكیر و التخطیط.
وتر الزواج حساس شدید الدقة، یقرر لصاحبه أن یلعق العسل أو یمضغ العلقم للفترة الأطول من حیاته. لذا كان الإنتباه و التفحص خیر قرین فاصل بین التعاسة و السعادة.
الإستعداد:
كثیر من الفتیات تعشن حالة من الغرق و الهوس في مجالات شتی كصحبة الصدیقات و الزمیلات، أو اهتمام بالغ بصرخات المودیلات و الماركات، أو تعلق مفرط بالأهل و الإخوة أو إدمان فارض بتقنیة معینة، أو حتی الإلتزام بالدوام في دراسة أو عمل.....الخ من قائمة لا تنتهي من الإهتمامات التي ستتغیر نسائمها الربیعیة بالزواج و مسؤولیاته المداهمة دون صفارة إنذار .
فكان لا بد من خارطة تنجیها من الضیاع في ممرات و دهالیز هذا القصر الذي شرعت بابه علی مصراعیه بخطط استراتیجیة و رمیات تصیب الهدف بدقة .
اختاري الأفضل:
طیف الأمیر المنقذ الذي سیوقظ الأمیرة النائمة لیهبها كل ما حرمت منه طوال سنین، رؤیا من الممكن تحققها إذا ما حاولت الفتاة الإختیار مع مراعاة الموازین العقلیة و الشرعیة للخروج بمؤلفة متوازنة.
ففي الحدیث الشریف: (إذا جاءكم من ترضون دینه و خلقه فزوجوه).
أفي دین الخاطب شئ من رعایة الحرمات و حفظ حقوق المرأة و الأسرة كما نادت به الروایات بقوافل لا نهایة لها من الأحادیث الشریفة؟!
أم أنه جاء لیتعاقد علی سلعة كما یفعل في متجره؟
هل هو مقبول خلقیاً في المجتمع أم ذاعت سیط عنجهیته في الأزقة إلا أن ضجیج دراهمه أصمت الآخرین؟!
كیف مارس حیاته؟ بصورة أصولیة في دراسة أو عمل بمهنة محترمة حتی لو كانت متواضعة أم قضی سني عمره متنهداً، متخبطاً في اللا أبالیة و عدم المسؤولیة؟!
من حق الأفضل أن تختاریه فلا تظلمي أحداً بسوء اختیارك.
استشیري:
كوني واعیة و مثقفة. استشیري قدر ما تستطیعین، اسألي الأهل و الأقارب، الإخوة و الأخوات، خصوصاً الناجحین منهم. وازني بین الآراء مع مراعاة خلفیاتهم الثقافیة و التربویة .
الخطأ في هذه الخطوة كارثة یصعب لملمتها و لا یذر رمادها إلا في عینیك.
أین ستسكنین؟!
اطرحي هذا الموضوع حتی تكوني بالصورة.
ستقطنون في بیت منفصل أم مع الأسرة؟
إذا تقرر أن تسكني مع أسرة الزوج حاولي أن تكتشفي ثقافتهم و مستواهم في التعامل.
هل هي أسرة مثقفة راقیة الأصول و الأخلاق، تستحق أن تبذري فیها بذرتك البكر بعد ولادة المولود الجدید فهو سیألف هذه البیئة، أم أنها شجرة جذلی لا تستحق السقي و الحمایة .
ثم أنك هل بالمستوی المطلوب من رعایة أصول التعایش و تحمل ارتفاع التضاریس و انخفاضها في هذا السفر عبر سنوات طوال مترعة بالكثیر من الأحداث و الصور؟ أم لست مستعدة لذلك؟.
تفائلي:
الزواج مملكة رحبة، و قصر تستطیعین إبهار الاخرین بجماله و حدیقته الغناءة إذا ما زرعت زهور الحب و ناشدت قطرات الندی فوق أكالیل الإخلاص و التفاني، لتشاركي العصافیر زقزقتهم المرحة وتنثري البهجة في كل ركن. كما ولك أن تحیلیه قلعة منكودة قلیلة الخیر یصفر فیها صقیع الشتاء مع أسوار عالیة محاصرة، تزعق فیها الأیام كما تشاء، لا تكاد تنتهي من معركة لتخوض حرباً.
إنها صفحة بیضاء ارسمي فیها بلیاقة الفنان و سحر الریشة رائعة الأثر، فأنت إنسانة فریدة لن یتكرر خلقها لا قبلاً و لا بعداً و لا نظیر لها في كل العالم. لذا أثبتي بصمتك بجدارة في لعبة القدر وحولي مدن الأحلام تلك لقصة تروینها للأحفاد بلیاقة الماضي و أنغام المستقبل.
اضافةتعليق
التعليقات