إن ترديد عبارات الإلتجاء وطلب العون من إمامنا المهدي(عجل الله تعالى فرجه)، لهو أمر ممدوح ودليل على قرب المؤمن من إمامه، ولكن الترديد اللفظي لا يكفي، نعم هو أمر حسن، ولكن لكي يكون النفع أكمل وأحسن وأعمق لابد أن نفهم رسائل ومعاني تلك العبارات، فكثير من الأحيان العبارات ذاتها تكون مفتاحا لتلك الأبواب المغلقة النفسية منها والميدانية، وجوابا لتساؤلاتنا.
فعبارة [يا صاحب الزمان] لو تأملنا فيها نجد أنها عبرت عن الامام بأنه هو [صاحب] هنا ممكن أن نفهم معنيين:
المعنى الأول من الصاحب هو[ المالك] -إذ يقال- إن من مصادر قوة الانسان، هي شعوره بملكية المكان والزمان، مثلا من يكون جالس في بيته هذا يكسبه الشعور بالقوة والثقة في النفس لأنه هو المتحكم والمدير والمالك والعارف بكل تفاصيل المكان، بخلاف من يكون في مكان هو غريب فيه، هنا قد يكون طفل صغير أقوى منه -وفق هذه الفكرة- إن كان الطفل يملك معرفة بهذا المكان، فيكون هو بموقف الضعف، فيستعين بهذا الطفل ليدله ويشير إليه إلى أين ممكن أن يذهب، وأين عليه أن لا يذهب...!.
ولو طبقنا هذه الحقيقة على مفهوم أن الإمام الحجة هو صاحب هذا العصر والزمان، من ناحية أننا ننتمي لهذا الصاحب، فلابد أن يكون لنا شيء من هذه الصلاحية، والمفترض أن هذا الإنتماء يكسبنا قوة ويجعلنا من أهل الثقة والتأثير والتغيير، لا التأثر والتغير والإندماج بمظاهر وسلوكيات من انفصلوا عن منهج إمام العصر والزمان بكل مفاصلهم الحياتية.
وأن يكسب أهل الانتماء والولاء قوة وعزم على الثبات والإطمئنان مهما ساء أهل هذا الزمان، لأن أهل الباطل والإنحراف والسوء (كالزَّبَد) مهما كثروا فهم إلى زوال، فمن كان منتمي لمالك وحاكم هذا الزمن-بإذن الله تعالى- لا يفترض أن يخشى أو يخاف أحد من أن يسلبه شيء من ايمانه أو إنسانيته، أو يعيش حالة الضعف والهوان لأن القلة من ثبتوا وصدقوا بعهدهم مع بقية الله في أرضه.
والمعنى الثاني بمعنى [الصحبة] أي الملازمة يعني الزمن مهما ساء أو حَسن - على أثر درجة انسانية المجتمع البشري- يبقى الامام ملازم لهذا البشرية لا يَهملهم، ولا يتنكرهم بل يبقى مصاحب لهم وراعي لهم، وإن كانوا لا ينتمون لزمانه، وهذا يبث في النفس الأمل مهما تراجع الفرد أو تعثر واعترضته المشكلات في سيره هو يبقى تحت نظر الإمام وتسديده وتقويمه.
وأما المفردة الأخرى وهي [الزمان] فكما يعرفون الزمان بأن له معان منها:
معنى [مادي/ظاهر] بمعنى الأربعة وعشرين ساعة بثوانيها، ودقائقها وساعاتها، ومعنى [معنوي/ وجداني] كلحظات الترقب لوصل محبوب ما؛ إذ إن الوقت يتلاشى عند وصله، وتتمدد وتطول في لحظات إنتظار حضوره، مع أنها ذات الدقائق!.
وهناك معنى حياتي-إن صح التعبير- على مستوى نوع ودقة تعاملنا مع لحظات العمر، وهذا المعنى مرتبط بكل سلوكيات المجتمع مع بعضهم البعض، إذ إنه يتشكل وفق تفعيل القيم الإنسانية في وجوداتنا نحن البشر كمجتمعات؛ فهي التي تحدد هل زمننا طيب أم لا؟ فما يتردد على أسماعنا بقول: [زمن الطيبين إنتهى]، او[نعيش الآن زمن السوء!] هي في الحقيقة تبريرات وأعذار يضعها الناس لعدم صياغة وجوداتهم وفق القيم السماوية!.
لذا هذه العبارة "يا صاحب الزمان" تعتبر المقياس لنا، علينا أن نسأل أنفسنا هل نحن ننتمي لزمن امامنا، وهل إرتبطنا بإمام زماننا أم لا؟ هل قومنا ونظمنا منهجنا الحياتي وفق ما يلائم ويوافق زمان إمامنا؟.
فمن الجحود أن يتراجع المنتظر ويتنازل عن مبادئه وقد وفقه تعالى ليكون ممن يسير في صحبة امام الزمان(عج)، فالإمام [مُنتظَر] و[مُنتظِر]، وأنت يا من صحبت إمامك، إعلم أنك قد تجاوزت مرحلة الإنتظار-إن كنت قد حقيقة ظهوره في نفسك- إلى مرحلة الإصطحاب والإنتظار لمن لم يلتحقوا بالإمام ليتحقق الظهور الأكمل والأتم بإذن الله تعالى.
اضافةتعليق
التعليقات