أحد العرفاء كان يعمل في مزرعة أحد الأغنياء كان صاحب المزرعة ظالما حريصا مذنبا وكلما كان يذنب كان يقول سيغفر الله لنا وندخل الجنة إن شاء الله، في يوم ما أعطى للمزارع كيسا من الحنطة وأمره بزرعها، ذهب المزارع وزرع كيسا من الشعير بدل الحنطة، بعد أن زار الرجل مزرعته بعد انقضاء مدة رأى الشعير واستاء من المنظر: قال: ألم أقل لك أن تزرع الحنطة، قال المزارع العارف: إن شاء الله سوف يتحول الشعير إلى الحنطة.
قال الرجل بعصبية أيعقل هذا؟
قال المزارع أنت تفعل ماتشاء وفي النهاية تقول إن شاء الله يدخلنا الله إلى الجنة، أنا أيضا تعلمت منك رددت مع نفسي ووصلت إلى نتيجة أن أزرع الشعير وأقول: إن شاء الله يتحول إلى الحنطة !
هذه الحكاية حكاية حياتنا جميعا!
نحن في الحياة في أي لحظة إما نزرع و إما نحصد، أي كلام يصدر منا أي عمل نقوم به أي قرار نجزم أن نعمل به اما نكون في حالة زرع أو حصاد.
أمران أساسيان يكمنان في هذه النظرة:
١- تحصد ما تزرع لا يمكن أن تزرع برتقالا وتتوقع نمو التفاح .
عندما تترك عائلتك و تقضي وقتك مع أصدقائك بصورة مفرطة سوف تحصل على عائلة متزلزلة وأشخاص بعيدين أشد البعد عن بعضهم البعض، عندما تعوّد نفسك على أكل الأطعمة السريعة في الحقيقة أنت في حال الزرع ماذا تحصد؟ السكري والكوليسترول ونوبة قلبية، عندما تقرأ في اليوم خمس دقائق سوف تحصد العلم والمعرفة.
٢- لا يتزامن وقت الزرع ووقت الحصاد، هناك فاصلة زمنية بينهما لا يوجد زارع يحصد مازرع بعد لحظات قليلة ، لو يدخن الرجل في هذه اللحظة لا يتمرض ، في نفس اللحظة بل تبتلى أعضاءه بمرور الوقت ، لو يأكل الشخص ثلاث وجبات من الطعام في آن واحد لايسمن في نفس اللحظة بل يرى تأثيره بعد مرور الوقت ، إذا دفع الفرد بضعا من راتبه على التجميلات لا يصبح فقيرا نهاية الشهر بل المشروع يحدث بهدوء و دون علمنا.
مرض السرطان لا يظهر الا بعد أن يقضي على الخلايا بنسبة كبيرة جدا يمضي مسيره بهدوء و دون اصدار أي صوت لذلك عندما يخبر الطبيب، المريض بأنه مبتلى بمرض السرطان يرد قائلا مستحيل!
لا توجد هناك عوارض أنا في سلامة تامة ، صحيح هناك بعض الحوادث كحادث السير، تحدث بصورة فجائية ولكن أكثر الحوادث في الحياة لا تحدث فجأة بل نحن نواجهها فجأة ، فجأة نركز بأن التغييرات الصغيرة تترك أثرا كبيرا في حياتنا، اذا تنحرف الطائرة اقل من ٤ميليميترات من المسار الأصلي ، سوف تصل الطائرة إلى مدينة واشنطن بدل نيويورك.
في إحدى المرات جاءت مشتركة الى النادي الرياضي و قالت للمدربة أريد أن أتخلص من دهون بطني و أردافي خلال ثلاثة أشهر بسبب مناسبة كبيرة لدى العائلة حتى أبدو بمنظر حسن ضحكت المدربة وقالت هل دهون هذه المنطقة تجمعت خلال ثلاثة أشهر؟
الجواب كان مرا و محزنا جدا ولكنها حقيقة ، عندما نتطلق، نتمرض، نصاب بنوبة قلبية ، نفتقر لسنا كما كنا و لا يمكن أن نرجع الى الماضي بعض الأمور لا يمكن اعادتها، بعض الخسارات لا تعوض، الماء الذي صب لا يمكن ارجاعه ، لذلك يجب التركيز على زرع العادات الحسنة و الابتعاد عن العادات السيئة.
النبتة عندما تكون صغيرة بسهولة نستطيع تغيير مكانها ولكن عندما تصبح نخلة وتكبر جذورها في الأرض لا يمكننا حملها بسهولة الا بواسطة أجهزة و قوى تناسب هذا الثقل و العظمة.
خلاصة الكلام ، هل ما نزرعه اليوم يناسب ما نتمناه ؟
في كل يوم مع تكرار بعض العادات نسقي بعض النباتات في أرض حياتنا، والسؤال الأهم: أي نبتة نسقيها: نبتة الفقر أو الغنى ، نبتة العلم أو الجهل، نبتة الحب أو الفراق، نبتة التطور أو التخلف، نبتة الصحة أو المرض ؟
يعزز الكلام ماورد عن مولانا الحجة المنتظر الامام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) - إلى الشيخ المفيد -: فليعمل كل امرئ منكم بما يقرب به من محبتنا، وليتجنب ما يدنيه من كراهتنا وسخطنا، فإن أمرنا بغتة فجأة حين لا تنفعه توبة ولا ينجيه من عقابنا ندم على حوبة.
اضافةتعليق
التعليقات