في ظل التوجهات الكثيرة نحو الجمال الخارجي وتحويل عمليات التجميل إلى عميلات تشويه أقامت جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية بمقرها العام في محافظة كربلاء المقدسة ورشة ثقافية تحت عنوان (صراع الأنوثة والجمال في زمن السناب جات) المصادف يوم الجمعة في تاريخ ٢٥/ ١١/ ٢٠٢٢.
حيث قدمت الورشة الكاتبة والناشطة في مجال الثقافة والتطوير "زهراء وحيدي" وقد عرّفت الجمال على أنه مجموعة سمات بيولوجية وجسدية عند المرأة، بالإضافة إلى صفات نفسية أو شكلية خارجية كاللباس لتصبح افتراضات فرضها المجتمع حتى باتت المعنى الأساسي للكلمة في المجتمعات فحلت الفرضية مكان الواقع.
ووضحت كيف أن الفرضيات تقبل الصحة والخطأ وكيف أن معايير الجمال أخذت منحا آخر في عالمنا هذا حتى باتت تبتعد كليا عن المعيار الطبيعي للجمال، وقد بينت بعض المعايير الغريبة للجمال حول العالم مثل:
الصين: اشتهر في الصين عُرفاً من أكثر أعراف الجمال ألماً وأذى وتشويهاً، وهو الحذاء مقيد الأقدام، فمن علامات الجمال في الصين هي القدم الصغيرة، ولتضمن العائلات جمال بناتهن وتزويجهن يقمن بتقييد أقدامهن من خلال حذاء يمنع نموها وهن في سن صغيرة.
-موريتانيا: تعتبر السمنة من اهم معايير الجمال في موريتانيا، فكلما زاد وزن المرأة زاد جمالها وأنوثتها.
-البلدان الأفريقية ودول نهر الأمازون: يقوم أهلها، خاصة النساء منهم بمط شفاههن عن طريق وضع طبق في الشفة العليا أو السفلى أو كليهما.
وزن الطبق وحجمه قد يسببان ألماً كبيراً لصاحب الشفة الحاملة، لكن لا يهم ذلك في بلدان تعتبر هذا العُرف هو علامة من علامات الجمال.
وقد أشارت "وحيدي" إلى معايير أخرى غريبة ومؤلمة وبينت من خلالها بأن ليس هنالك معيار محدد للجمال في العالم وأن المعايير تختلف من دولة إلى دولة ومن شخص إلى آخر.
وقد أشارت "زهراء وحيدي" إلى موضوع التجسيم عند الغرب وكيف أن العدو يستخدم أساليبا خبيثة في الترويج للجانب المادي وغض البصر عن الجانب المعنوي عند الانسان، وكيف أنه استخدم المرأة تحديدا كسلعة ترويجية لزيادة المعيار الاقتصادي والإنتاج المادي هدفا منهم في انحرافها عن الطريق الرسالي الذي خلقت من أجله، وانشغالها بالمظهر والكماليات وتحجيم دورها على أساس وجهها عوضا عن انشغالها بصناعة الانسان وقيادة الحياة بعقلها وفكرها، فالمعيار الحقيقي للجمال هو العقل عكس ما روج له الغرب مثلما قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في نهج البلاغة: (لا جمال أحسن من العقل)[1].
وفي النصف الثاني والأخير من الورشة تطرفت "وحيدي" إلى أصل مشكلة الجمال والاهتمام المبالغ بالمظهر الخارجي ألا وهي عقدة الشكل وقد عرجت إلى الأسباب والسلوكيات التي يمارسها صاحب العقدة، وقد بينت بصورة تفصيلية كيفية الشفاء من هذه العقدة والتخلص من المتعلقات الظاهرية من خلال التقبل وتعزيز الثقة بالنفس والانشغال بالهدف الحقيقي الذي خلقنا من أجله.
فالنية النابعة من القلب والعمل هما المعياران الأساسيان اللذان من خلالهما يقيم الله عبده، وقيمة الانسان تنبع من داخله وأنه لا يحاسب غدا على ملامح وجهه ولا جسمه بل يحاسب على أعماله وتكليفه، إذ قال رسول الله (صل الله عليه وآله وسلم): "إنَّ الله لا يَنْظُرُ إِلى أَجْسامِكْم، وَلا إِلى صُوَرِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وأعمالكم"
فالإنسان لا يد له في خلقه بل له يد في تطوره وزيادة علمه وعمله وانتاجه ويحاسب على تقصيره إذ قال الله عز وجل في كتابه الكريم: "وَقِفُوهُمْ ۖ إِنَّهُم مَّسْـُٔولُونَ"[2]
وأكد الحضور على الاستفادة العلمية والثقافية الكبيرة التي تلقوها في الورشة وأشادوا بالطرح العصري والمميز في تقديم المعلومات أثناء الورشة التي اقامتها جمعية المودة.
والجدير بالذكر أن جمعية المودة والازدهار النسوية تهدف إلى توعية وتحصين المرأة ثقافياً لمواجهة تحديات العصر والعمل على مواجهة المشاكل التي تواجهها واعداد العلاقات التربوية الواعية التي تُعنى بشؤون الأسرة وكذلك دعم ورعاية الطفولة بما يضمن خلق جيل جديد واع، وتسعى الجمعية لتحقيق أهدافها عبر اقامة المؤتمرات والندوات والدورات واصدار الكراسات واعداد البحوث والدراسات المختصة بقضايا المرأة والطفل.
اضافةتعليق
التعليقات