الصبر عادةٌ كريمة، وإن اكتساب أي عادة جديدة يحتاجُ جهداً مستمراً، وللمحافظة على هذا الجهد، فإنك تحتاج دافعاً قوياً يأتي بدوره من معرفة الفوائد التي ستعود عليك بها هذه العادة والتركيز على النضج الذي ستصل إليه بعد احترافها كوسيلة حياة غير منقطعة.
إن اكتساب عادة الصبر له فوائد متعددة الجوانب، فالصبر يؤدي إلى التفوق. حين يرغب أحدنا بإتقان عادة معينة فإنه سيحتاج إلى أشهر أو سنوات من التدريب المستمر والجهود المضنية والممارسة الفعّالة، وهو ما يحتاج إلى قدر غير قليل من الصبر. كما يطوّر الصبر القدرة على اتخاذ القرارات لكونه يجعلنا بمعزل عن التخيّلات المروعة التي قد تفسد أحكامنا وآرائنا الشخصية وينأى بنا عن اتخاذ قرارات سريعة نابعة من شعور لحظيّ أو أفكار غاضبة. كما إنه يُطيل العمر، فعندما يغضب الإنسان يفرز جسمه هرمونات التوتر المرتبطة بأمراض نقص المناعة والقلب وغيرها، ويساعد كذلك على تكوين علاقات قوية، فالأشخاص محدودي الصبر يميلون لفقد الثقة بمن حولهم، وهذا ما يقود إلى إنشاء حياة اجتماعية غير صحية في المستقبل.
يمتلك كل فرد منا مجموعة من المفاهيم التي تحدد مساره في الحياة، ويُعتبر الصبر الأساس الجوهريّ لكل مفهوم من هذه المفاهيم، فهو المقوّم لكل خطوة نحو خلق ذات متكاملة. إن النظر للذات نظرة من هو في طور التعلم المستمر، هو ما يُكسبها القابلية على الصقل المستمر بعد كل تجربة يخوضها المرء في هذه الحياة. ولا يمكن إبصار حكمة الصبر الذي تُدار به الحياة إلا بعد رؤية نتائجه.
ستحصل على التعويض الذي يليقُ بصبرك ما دُمت على يقين بإن المقادير تجري بحكمةِ إلهٍ مُدبّر، لا يغفل عن عباده مقدار طرفة عين، ستكون رحلتك مُتعبة لأنك لن تحصل على التبرير الشافي، لن يُسلّط الضوء على تلك التفاصيل التي حيّرتك وأذهبت عقلك ورمت بك على حافة القنوط، ولذلك فهي دُنيا، يسعى فيها العِباد للعيش بأقل قدرٍ من التعثر، وأكبر قدر من الصبر مع إيمانٍ عميق بأنهم حال وقوعهم، ستُمد لهم أيادٍ مُنقذة، يكفي أن يُؤمَن بها لتظهر.
اضافةتعليق
التعليقات