تحيي الأمم المتحدة اليوم العالمي للمرأة الريفية سنوياً في 15 تشرين الأول/ أكتوبر، وحددت هذا العام "دور المرأة والفتاة الريفية في بناء المرونة والصمود لمواجهة تغيّر المناخ" موضوعاً رئيساً.
وتأتي هذه المناسبة بالتزامن مع الزخم الذي اكتسبته قمة الأمم المتحدة للعمل المناخي التي عقدت في 23 أيلول/ سبتمبر في نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية.
وتعترف الأمم المتحدة بما للنساء والفتيات من دور في ضمان استدامة الأسر والمجتمعات الريفية والإنتاج الزراعي والأمن الغذائي وإدارة الأراضي والموارد الزراعية وتحسين سبل المعيشة الريفية والرفاهية العامة.
وتمثل النساء نسبة كبيرة من القوى العاملة الزراعية، بما في ذلك العمل غير الرسمي، ويمارسن الجزء الأكبر من الرعاية غير مدفوعة الأجر والعمل المنزلي في إطار أسرهن في المناطق الريفية.
وتشير المنظمة الدولية إلى أنه على الصعيد العالمي، تعمل امرأة واحدة من بين كل ثلاث نساء في الزراعة وتقف النساء الريفيات في طليعة خطوط المعركة عندما تتعرض الموارد الطبيعية والزراعة للخطر.
وفي البلدان النامية، تمثل المرأة الريفية نحو 43% من القوة العاملة الزراعية، وينتجن الكثير من المواد الغذائية المتوفرة، مما يجعلهن المسؤولات الأساسيات عن الأمن الغذائي.
المرأة الريفية لم تكتفِ بدورها كأم وزوجة بل تقوم بعملها خارج المنزل جنبًا إلى جنب مع الرجل، حيث إنها في كثير من الأحيان تفوق الرجل في مهامه الإنتاجية، حيث يشكلن النساء الريفيات العاملات أكثر من ربع مجموع سكان العالم، وفي البلاد النامية تمثل حوالي 43% من القوي العاملة الزراعية، حيث يعتمد غالبيتهن على الموارد الطبيعية والزراعة وتربية الحيوان لكسب عيشهن. ومع ذلك تعاني النساء والفتيات في المناطق الريفية من فقر متعدد الأبعاد.
تفضيل الذكور على النساء
لا تخفي وزارة التخطيط العراقية أن النساء يدفعن ثمن تدهور مساحات الأراضي الزراعية وتعرضها للجفاف والتصحر بمرور الزمن.
وتعيش المرأة الريفية في العراق أوضاعاً صعبة جداً وتعمل في الزراعة وتربية المواشي، كما يعاني عدد كبير منهن من الاضطهاد والعنف الموجه وعبء المسؤولية عن تأمين الغذاء والوقود.
تقول الريفية الأربعينية زينب مهدي: "ظروف عائلتي أجبرتني على مساعدة والدي المسن في العمل بالزراعة بعدما أكملت دراستي الابتدائية".
وأضافت، أن "المرأة في الريف تعاني الأمرين، بسبب صعوبات العمل في مهنة الزراعة التي تتطلب منها سقي وجني المحاصيل بالإضافة لرعي الأغنام".
وبحسب وزارة التخطيط العراقية فإن نسبة 30% من نساء العراق هن من سكان الريف، فيما تشكل نسبة النساء الريفيات اللائي يترأسن أسرهن 7.6%.
ووصل معدل النشاط الاقتصادي للنساء الريفيات إلى 13.8 فيما تعاني 14% منهن من البطالة و41% لم يكملن تعليمهن مما يرفع نسبة الأمية إلى 30%، وهي نسبة أعلى من المناطق الحضرية، حسب وزارة التخطيط.
وتفقد الريفيات الكثير بغياب التعليم إذ أن عاماً إضافياً في التعليم الابتدائي يزيد أجور الفتيات بنسبة 10-20%، ويحدّ من الزواج المبكر ويقلل احتمالات تعرضهن للعنف، وفقاً للأمم المتحدة.
وتقل ملكية المرأة من الأراضي الزراعية واستخدامها عن 20% من إجمالي مالكي الأراضي وتمثل المرأة أقل من 5% من إجمالي مالكي الأراضي الزراعية في العراق، في تمييز واضح لصالح الرجال.
القيود العشائرية
من جهته، يقول المحلل الاجتماعي والأستاذ في جامعة الموصل العراقية الدكتور قصي رياض في حديث صحفي، إن "المجالات المتنوعة تحكمها ظروف الرجل داخل الريف العراقي وعقليته وطبيعة تعامله مع المرأة".
وأكد أن "العديد من النماذج النسائية تعرضت للترمل والضيق والهجرة أجبرتها على الكفاح من أجل لقمة العيش وتربية أبنائها".
ويضيف د. رياض "لكني أراها في أطراف المدن الزراعية أكثر من رؤيتها في الريف بسبب التقارب المكاني"، لافتاً إلى تداعيات القيود العشائرية على المرأة الريفية حيث "يتمحور دورها وفقا للسلطة العشائرية حول الإنجاب والزراعة وما دون ذلك سيكون بالصدفة بالنسبة لها".
ويتابع، "القيود العشائرية متفاوتة لكن يمكن القول إن هناك وعياً حضارياً تجاه الخروج عن القيود واستبدالها بمقومات نهضة حضارية متعلقة بالقانون والشرع وغيرها".
ويرى د. رياض أن الحكومة "ليست بصدد الالتفات لتحسين واقع الريف العراقي جذرياً تبعاً للإرباك والفساد المتفشي، ما يعني الحاجة لوقت أطول للمعالجات".
ومن بين المعالجات التي يقترحها: المطالبة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من قبل أفراد الحكومات المحلية في القرى والأقضية والنواحي ومتابعتها مع الحكومة المركزية.
ويؤكد د. رياض على أهمية تقديم أولويات النهوض بواقع المرأة الريفية على مستويات عدة والاستفادة من تجارب الدول القريبة فيما يخص الريف كالأردن وتركيا وإيران، وعقد ندوات وورش للتوعية بذلك، بالإضافة إلى الاستفادة من الخبرات والطاقات الشبابية الموجودة في المجتمع الريفي ممن تابع تعليمه في المدن.
معالجة القضية
يقول عبد الله العواضي، وهو أكاديمي يمني متخصص في علم الاجتماع، إن النساء والفتيات في المناطق الريفية "يفتقرن إلى المساواة في الحصول على الموارد والأصول الإنتاجية والخدمات العامة كالتعليم والصحة والمياه وغيرها".
وأوضح، أن تأثيرات تغير المناخ، تزيد من غياب المساواة بين الجنسين في المناطق الريفية.
ويختلف تأثير تغير المناخ على الأصول التي يتملكها الرجال عن تأثيره على تلك التي تمتلكها النساء وكذلك الأمر فيما يتعلق بالإنتاج الزراعي والأمن الغذائي والصحة والمياه المأمونة ومصادر الطاقة، والهجرة والصراعات الناجمة عن تغير المناخ، والكوارث الطبيعية المتعلقة بتغير المناخ.
ويرى العواضي أن معالجة قضية عدم المساواة بين الجنسين من أكثر الطرق فعالية للتقدم في مكافحة التهديدات التي يفرضها تغير المناخ، ويساعد النساء المخولات بقدرة أكبر على الاستجابة لتغير المناخ ولعب أدوار هامة في تبني تقنيات منخفضة الكربون ونشر المعرفة حول تغير المناخ والحث على اتخاذ الإجراءات اللازمة.
حرمان المرأة الريفية من التعليم يؤثر سلبا على مسار حياتها..
إن جهل المرأة الريفية ذاتها جعلها غير قادرة على مواكبة التطورات وكيفية التواصل مع مجتمعها وقد تجلى ذلك بالعادات والتقاليد السائدة في المجتمع وتبعيتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتدني مستوى حالتها الصحية. والذي أدى إلى عجزها تجاه هذه التحديات التي تواجهها وترددها بين الخضوع والعزلة من جهة والمواجهة من جهة أخرى.
ومن الأسباب التي أدت إلى عدم معرفة المرأة الريفية بحقوقها, هيمنة الرجل على المرأة والظروف الاجتماعية وأعباء الحياة ومسؤولياتها لاتترك متسعا من الوقت للارتقاء بمستواها ومشاركتها في الحياة العامة وتدني مستوى الخدمات الاجتماعية في الريف وخاصة (مركز رعاية الطفولة والأمومة) بالاضافة إلى قلة وعي المرأة الريفية بحقوقها بسبب انخفاض المستوى التعليمي.
وإن جميع احتياجات المرأة ترتبط ببعضها البعض ولايمكن الفصل بينها, فالأمية تؤثر سلبا على مجمل حياة المرأة كما أن تحسين دخل الأسرة الريفية سوف يدعم اتجاهها نحو تعليم الأولاد والاهتمام بصحتها سوف يساعد ذلك على رفع حجم مشاركة المرأة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية, فالتعليم وارتفاع معدلات دخل الأسرة يدعم اتجاه المرأة نحو اهتماماتها بالصحة الانجابية وتنظيم الأسرة, ويدعم بلورة وعيها بمجالات التمايز بين الجنسين ويدفعها إلى تبني الشراكة مع الرجل في اتخاذ القرارات داخل المنزل وخارجه, اضافة إلى تبني قيمة المساواة في تربية الفتاة وتعليمها مقارنة بالذكور, ولهذا فإن من الضروري النهوض بواقع المرأة الريفية في العراق ومعالجة أوضاعها من خلال:
• اقامة البرامج التدريبية المتخصصة التي تستهدف تنمية النساء الريفيات وحل مشاكلهن.
• رفع مستوى أداء المرأة في العمل الزراعي وتشجيعها على استخدام المكننة والتقنيات الحديثة.
• تأمين متطلبات ارتقاء المرأة الريفية اجتماعيا وثقافيا.
• تشجيع المرأة الريفية على اقامة المشاريع الانتاجية الصغيرة والمتوسطة وتقديم القروض الميسرة.
• توفير الدعم لتسويق إنتاج المرأة الزراعي والحيواني والصناعي بشكل مربح.
• الاهتمام بالنساء الريفيات المعيلات للأسر ودعمهن في إقامة مشاريعهن.
• محاربة التمييز والعنف ضد المرأة بجميع أشكاله وتكريس ذلك بنصوص قانونية.
• تشريع القوانين التي تضمن حقوق المرأة الريفية ومكافحة العادات والتقاليد التي تهين المرأة.
• فتح المراكز الصحية ومراكز الرعاية الاجتماعية في الريف العراقي بشكل يتناسب مع الكثافة السكانية.
المصادر: ارفع صوتك، الوفد، الاهالي، موضوع، اراجيك
اضافةتعليق
التعليقات