خُلقنا فُرادى وسنموت ونُبعثُ فُرادى، كلٌ في عالمهِ لاهٍ وكُلٌ عن منافعهِ سائل. الجميع في سباقٍ لا متناهي خلف أهدافه ومصالحه، طُرقهم الطويلة قد تتقاطع مع طُرقك، تتقابلون في نقطة التقاطع تلك، تتشاركون بعض أشكال الحياة، لكنها ليست سوى مُنعطفات، فواصل مؤقتة، أما الطريق فموارٍب ومستمر، والجميع يُريدُ أن يقول لك: (وداعاً الآن، يتوجب عليّ إكمال طريقي، رُبما نلتقي لاحقاً).
هكذا هو الأمر بأبسط حالاته، سعادةٌ مؤقتة، وبهجة لها مهلة معلومة، فنحنُ كُلنا لسنا سوى مُنعطف طريق لا يطول المكوث عندنا، كما أننا نحنُ أنفسنا لن نُطيل البقاء في موقع محدد، كل شخص منا له مداه المختلف، أُفقه الواسع، عالمه البنفسجي المغلق، مهما التقينا بأناسٍ رائعين وتشاركنا معهم أياماً لن تُمحى من ذاكرتنا ولهم بصمات في أيامنا، لكننا لا نستطيع اجتياز الكثير من مصاعب الحياة إلا بمفردنا، تلك اللحظات التي نشعر فيها أن الكون كله مُلقىً على عاتقنا وأننا نحتاج لقوةٍ نقوم بتجميعها بفضل الله ثم بفضل جهودنا نحن، تلك الجهود التي نستحثها من أعماقنا السحيقة، من كلِ خليةٍ في جسدنا، طاقةٌ نحنُ فقط من نقدِر على الإتيان بها، الدخول في حالة إنذار، فإما أن نخطو خطوةً واسعة لنستمر في هذه الحياة بكل ما تبقى فينا من حياة أو أن نحتضر ونموت ونحنُ على قيدها!
لحظات سقوطنا هذه، نحن فقط من يقرر كيفية النهوض منها، ربما كلام أشخاص يهتمون لنا فعلاً سوف يساعدونا، ولربما يمدون لنا السُلّم لنرتقي ونسمو، لكن ذلك لن يحدث ما لم نستحث فينا رغبة التسلق، لن نستطيع أن نمُد أيادينا لأي شكل من أشكال الإنقاذ ما لم نؤمن بذواتنا وبأن لأنفسنا علينا حق العلو لمقامٍ لائق، لنكافح، نواصل السير قِدماً، ونزيل عن دروبنا كل الأحراش والأعشاب الضارة التي تحجبُ عنا إبصار النور، النور المختبئ خلف الحواجز التي رضينا بوجودها وسمحنا لها بالاستقرار في جادة النجاح التي نحتاج أن نسير عليها.
الخُطوة الأولى تبدأ منا وفينا، من ثقةٍ تامة بخالقٍ رحيم قد هيأ لنا سُبل الخير وترك لنا حرية الاختيار، اختيار السموّ والرفعة والانتصار في معارك الحياة، خلق لنا نور الشمس وعلّمنا أن شروقها لا ينتظر النائمين.
اضافةتعليق
التعليقات