القرارات المتواترة من الوزارات التي تصدر بين فيئة وأخرى بعضها مورفين مؤقت لتخدير المجتمع وأخرى لقرائته ومعرفة مدى استجابته وما بين هذا وذاك يبقى الشعب يتأمل من الدولة أن تنهض بالواقع الاجتماعي للبلد.
من هذه قرارات قرار منع التدريس الخصوصي الذي سبب ضجة على مواقع التواصل الاجتماعي من قبل المدرسين، بين مؤيد ومعارض تقف مدى فاعلية تطبيق هذا القرار على أرض الواقع ولا يكون مجرد قرار على ورق لإثارة المجتمع.
فمن أجل الوقوف على الآراء والمقترحات أجرى موقع بشرى حياة استطلاع حول هذا الموضوع فوجهنا سؤال لمجموعة من المهتمين (هل أنت مع قرار منع المدرس من التدريس الخصوصي، ولماذا؟)
فأجاب أحمد العابدي/ دكتور ومشرف في اللغة العربية:
الحقيقة أن التدريس الخصوصي خلق طبقتين عليا ودنيا فمن يستطيع أن يُدخل أبنائه جنى ومن لا يملك قوت يومه سلَّمَهم الى القدر، فضلا عن ذلك أصبحت ميدان للتباهي بين العوائل.
ومن جانب المدرس نفسه وضح العابدي: عندما يأتي المدرس يشعر بالإحباط لأنه يعلم أن الطلبة عند مدرس معين، وفي ذلك ينقسم المدرسون الى قسمين قسم يؤدي واجبه وفق مبدأ احترامه لرسالته وآخر يختبئ حول ذلك ليتخذها ذريعة.
كما أن مدرس الخصوصي وصل الى مرحلة من الجشع لا يغتفر، ففي الملازم بعض الطلبة يتبادلونها للاستفادة فيقوم المدرس بتغيير طفيف ليقوم الطالب بشرائها من جديد.
وأشار: أنا ضد التدريس الخصوصي لكن مع الدورات الاثرائية في العطلة وفي الدوام، ويتم الاشراف عليها من قبل التربية ومن قبل المشرفين وتكون بأسعار رمزية حتى تتساوى فيها الطبقات، والمتطوعون كثر.
ولذلك من المفترض أن يكون إجراء صارم تجاه هؤلاء الأشخاص وأن اكلفهم بإدارة هذه الدورات، وهناك طرق للحد من ذلك أبسطها أن يحرم الأستاذ من التدريس لما سببوه من تحطيم للتعليم وجعلوا الطالب لا ينصاع للمدرس ولا يلتزم بما يعطيه من واجبات وفروض وكذلك يحتج على المدرس بما لا يلزم.
أما رويدة الدعمي/ مدرسة فتبين رأيها قائلة: القرار صائب بالنسبة للذين يعطون دروساً خصوصية لطلابهم الذين يدرسونهم في المدرسة، أما أن يمنع المدرس من إعطاء دروس خصوصية لغير طلابه فهذا مما لا شك فيه بأنه تقييد لحرية المدرس وتضييق وسيلة رزقه! وخاصة مع غلاء المعيشة وكثرة احتياجات عائلته والمتطلبات الصعبة في الحصول على الحياة الكريمة والتي يستحقها كل إنسان، كما لا ننسى أن الطالب اليوم ومع تعدد وسائل اللهو فهو بحاجة إلى مدرس خصوصي يضغط عليه في الشرح بالإضافة الى شرح المدرس في مدرسته ويرتب له جدولة مراجعته ويكثر من اختباراته للحصول على نتيجة مرضية.. ولا نعلم أين الخلل في ذلك؟!
كما أبدت رائدة كاظم العكيلي / دكتوراه فلسفة اللغة العربية رأيها قائلة: لا شَكّ أن التعليم في العراق يمُرّ اليوم بفترة عصيبة نالت من كل مفاصله، شأنه شأن بقية القطاعات الأخرى، التي نالت حصتها من الاهمال وانعدام الدور الرقابي الحكومي، وغياب سلطة القانون التي لها دور كبير في محاسبة المقصرين والمفسدين الذين نخروا كل مفاصل الدولة، هذه الاسباب مجتمعة دفعت المسيطرين على وزارة التربية الى ادخال مناهج تخلوا من المنهجية، إذ أكّدَ أغلب المختصين أن هناك نقصاً في شرح المواد العلمية وبعض الشروحات فيها أخطاء كارثية.
وأضافت العكيلي: فضلا عن التغييرات المتأخرة في المناهج والتي تصدف في اوقات الدوام مما يسبب إرباك للمدرسين والطلبة في الوقت نفسه، كونهم بدأوا العام الدراسي بمنهج وخطة دراسية معينة ثم يتم تغيير المنهج، كل تلك الأسباب وأسباب أخرى تتعلق بالحالة الاجتماعية والاقتصادية للطالب (منها عدم تفرغ والديه لمتابعة دراسته، لارتباطاتهم العملية، يضاف لذلك تحسن الوضع الاقتصادي لأغلب العوائل) كل تلك الأسباب تدفع الطالب للجوء الى التدريس الخصوصي، كي يجد ضالته هناك، كون بعض المدرسين الخصوصيين ممن خرجوا على التقاعد ولديهم خبرة عالية في المناهج وطرق التدريس وكيفية وضع الاسئلة وما هي الأسئلة والمواضيع المهمة التي يتم التركيز عليها.
ورجحت: اعتقد أن التدريس الخصوصي هو الحل الأفضل لتدارك هذا الوضع المتذبذب، وللسيطرة على حالة التشظي التي يمر بها أغلب الطلبة من تغييرات المناهج واختلاف طرق تدريسها، وبين ما موجود في مواقع التواصل الاجتماعي من قنوات لتدريس الطلبة، أؤيد التدريس الخصوصي لأنه الحل الأسلم الآن لأننا جميعاً مطلعون على واقع أغلب المدارس.
وقال عمار الشمري/ مدرس: التدريس الخصوصيّ ردّة فعل متوقّعة، استمدّت شرعيّتها من أسباب غير خافية على الجميع.
ولا بأس أن أذكرها حتّى لا تقع اللائمة على المدرّس فحسب:
١_ الإهمال الواضح من قبل المسؤولين للبيئة التعليميّة، وعدم توفير لوجستيات الصف الدراسيّ المثالي.
٢_ تضخّم أعداد الطلاب داخل القاعة الدراسية.
٣_ شخصية المدرّس التي قد تكون مهزوزة علميا بسبب اهماله، أو متعبة فكريا بسبب ازدياد الحصص وضنك العيش.
فضلا عن وجود حفنة قليلة ذات نفوس دنيئة تفتعل الأزمة العلمية لأغراض غير شرعية.
وأضاف الشمري: وفوق هذا كلّه يجب أن نفهم أنّ التدريس الخصوصيّ صار موضة العصر، ومفخرة أمام الأقران.
ولا يمكن للمسؤول أن يمنع هذه الظاهرة بعد وجود التقصير، فالحلّ بيده، ثمّ إنّي لأعجبُ كلّ العجب؛ أليسوا قد أقرّوا التعليم الأهليّ؟
وهل هو إلّا تدريس خصوصيّ بلباس رسمي.. ناهيك عن حجم الفساد الذي لا يكون عند مدرّس يدرّس الطلاب في بيته أو قاعته بأجر مستحقّ، وقد أنقذهم من سوء الحال التعليميّ في مدارس الحكومة.
أما حسن الأسدي/ دكتوراه لغة عربية فكان رأيه:
نعم أنا مع قرار منع التدريس الخصوصي ان كان في هذه الدولة من يريد وقف حالة تردي المستويات التعليمية، فهو جزء مشجع على تهاون المدرسين في اداء وظيفتهم الرسمية، وقد لمسنا ذلك عيانا، فضلا عن سلبيات ان الطالب سينشغل باتجاه الخصوصي ولا يعير أهمية لغيره.
وسلبيات اخرى ولن تعالج الا بتحسين واقع الدراسة الرسمية والقضاء على المدارس والجامعات الأهلية أو الحدّ منهما.
بين تفاوت الآراء وبين قرار التربية تنفيذ متوقف لا نعلم متى يتم العمل به أو تركه، ومدى جدية الأخذ بالمقترحات المقدمة بصوت المجتمع الذي أصبح يمثله الفيس بوك وغيره من مواقع التواصل، آملين أن نرى أصوات الاعتراضات في مكانها المخصص لتكون أكثر فاعلية من مجرد تعليق بين طيات المنشورات.
اضافةتعليق
التعليقات