نظام التفاهة من أهم الكتب التي تصدَّت للنزعة الرأسمالية ذات الطابع الاستهلاكي المادي، التي حوَّلت البشر إلى آلات تكدّ لصالح طبقة تافهة من الناس تستحوذ على السوق وعلى مناحي الحياة كافة، وهدفها هو تحقيق هيمنة اقتصادية متسارعة، دون حملها أي قيمة إنسانية أو فكرية أو كفاءة تمنحها أن تكون بهذا الموقع سوى امتلاكها المال.
إنه كتاب ذو طرح عالٍ جدا وقد اخترت لكم بعضًا من محتواه إقتباسًا لأهم ماذُكرَ فيه:
"مواقع التواصل نجحت في ترميز التافهين، أيّ تحويلهم إلى رموز. صار يمكن لأية جميلة بلهاء أو وسيم فارغ، أن يفرضوا أنفسهم على المشاهدين، عْبَر عدة منصات تلفزيونية عامة... هي في أغلبها منصّات هلامية وغير منتجة، لا تخرج لنّا بأيّ منتج قيميّ صالح لتحدي الزمان.
"العارفون لا يطلبون الدعم من غير العارفين، كل ما يحتاجون إليه منهم هو أن يكْفوهم عبء إرباك المشهد بتدخلاتهم غير المستنيرة، وحتى وإن كانوا حسني النية. فالطريق إلى جهنم محفوف بالنوايا الطيبة، يدعم التافهون بعضهم بعضا، فيرفع كلٌّ منهم الآخر، لتقع السلطة بيد جماعة تكبر باستمرار، لأن الطيور على أشكالها تقع. ما يهمّ هنا لا يتعلق بتجنّب الغباء، وإنما بالحرص على إحاطته بصور السّلطة".
"المعلم الحقيقي ليس من يحاول جذب انتباه الطالب اليه بل من يجعل الطالب يهتم ويقرأ ما بنفسه الداخلية.
نظام التفاهة فرض سيطرته حتى على المشهد الثقافي سيطرته - حسب وجهة نظر آلان دونو - فأصبح "يقدم نفسه كجهاز رسمي ورمزي، يقود الناس المرؤوسين والمُسيطر عليهم من قبل النُّظُم الليبرالية إلى تحويل طاقاتهم الروحية باتجاه دعم هيكل اجتماعي مصمم ومنفّذ من قبل الطّبقة المسيطِرة، ضع كُتبك المعقدة جانباً ، لقد شُن الهجوم بنجاح لقد تصدر التافهون مواقع التأثيرلقد أصبحت النقود بذاتها غاية لغالبية الناس في حضارتنا، إذ أن حيازة النقود هي ما يمثل الهدف الأعلى لجميع الأنشطة الهادفة التي تقوم بها الغالبية. ففي عقل الرجل الحديث ما عادت فكرة الاحتياج تعني احتياج السلع المادية ولكن فقط احتياج النقود اللازمة لشراء هذه السلعان التفاهة تشجعنا بكل طريقة ممكنة على الإغفاء بدلاً من التفكير، النظر إلى ما هو غير مقبول وكأنه حتمي، وإلى ما هو مقيت وكأنه ضروري: إنها تحيلنا إلى الأغبياء.
مصطلح نظام التفاهة، كما يشرحه المؤلف، يفيد "المرحلة المتوسطة خلال فعل ينطوي على ما هو أكثر من المتوسط: إنه يعني هذه الدرجة الوُسطى بعد رفعها إلى مصافّ السلطة ما يجعل من كثير من تافهي مشاهير السوشيال ميديا ... يظهرون لنا بمظهر النجاح هو أمر يُسأل عنه المجتمع نفسه الذي دأب على التقليص التدريجي لصور النجاح التي تعرفها البشرية ككل (كالعمل الجاد والخير والمواطنة الصالحة وحسن الخلق....)، فألغاها جميعاً من قائمة معايير النجاح حتى اختزلها في المال فقط، فلم يُبقِ إلا عليه وحده معياراً صار مجرد وجود الكتاب على رف الكتب الأكثر مبيعاً هو دلالة مبدئية على ضحالته إلى أن يثبت العكس كاد الأسلوب الجاف والمستغلق يتحول الى ما يشبه الموضة في الاوساط الفلسفية، إلى درجة صارت معها الكتابة الواضحة عرضة للاشتباه بالسطحية وغياب أصالة الفكرلقد فُقدت الحرفة .
يمكن للناس الآن إنتاج الوجبات على خطوط الانتاج ، من دون ان تكون لهم معرفة بالطبخ في البيت، إعطاء تعليمات على الهاتف للعملاء ، رغم انهم هم انفسهم لايفهمونها، بيع صُحفٍ أو كتب هم انفسهم لا يقرأونها ، إنه الفخر بالعمل المنتج جيداً صار أمراً في طور الاضمحلال فك أقليدس الرياضيات عن الفلسفة، فك كوبر نيكوس علم النجوم عن الفلسفة ، فك نيوتن الميكانيكا أو علم الحركة عن الفلسفة، فك داروين البيلوجيا عن الفلسفة، فك فرويد علم النفس عن الفلسفة .
والآن أصبحت العلوم الإدراكية تنفك تدريجياً عن الفلسفة . لا ريب أن الفقر الفكري صار مدقعاً ؛ هذه من أهم أصول التفاهة. العارفون لا يطلبون الدعم من غير العارفين، كل ما يحتاجون اليه منهم هو ان يكفوهم عبء إرباك المشهد بتدخلاتهم غير المستنيرة، وإن كانو حسني النية. أنت بحاجة لتنمية أدوات بإمكانها إخراجك من الوضع الذي تقوم عليه التفاهة (وهو إشاعة البلاهة بدلًا من التفكير). لذلك درع حمايتك … هو التفكير النقدي … تعلم التفكير النقدي.
اليوم من ينجُ من هذا الطوفان الجارف ينجُ من شر عظيم، وإنما العاقل من حرس نفسه وعقله وأهله من تلك البيئات المنحطة القادرة على جعل الوجود أجوفا، وعلى تفريغ الحياة من السعي والبحث والتعلم والتطور.
وباختصار الوعي هو الفيصل: الوعي باللعبة التي تحصل، وفهمها، وعدم الانخراط فيها، وامتلاك الأدوات لمحاربتها، وتغيير الأوضاع. قوة العقل الباطن : قوة عقلك الباطن تؤثر في حياتك وتفكيرك بالسلب والإيجاب معًا، فعليك رصد الظواهر..
اضافةتعليق
التعليقات