حسناً ربما ما سيأتي هو شيء معروف ومرت به سابقاتنا من النساء وسيمررن به لاحقاتنا منهن، فبالنظر للموضوع فهو منتهي ومستهلك مقدما، لكن ما أتحدث عنه هو ما تتحدث عنه من تشتمل معي بنفس العصر والمرحلة العمرية، أعبر عن لسانهن بما يفكرن به أو ما تفكر به فتاة عصري وهل هو ياترى حق أم تمرد أم قلة أدب؟!
أليس هناك من قائل: "أنا أُعبّر إذاً أنا موجود"، إذاً سأتخذ من هذا القول إشارة خضراء للتعبير عن هذا الموضوع بالذات وما زلنا في مرحلة إن تجاوزناها قد يأتي أحدهم ويقول انهن لم يتحدثن ولم يُخبرننا فتجاوزنا الموضوع..
شاهدنا على الموضوع "كم مهرةً عربيةً قد زوجت خوف العنوسةِ من حمارٍ ناهقِ"، لايغيب عنّا ما للبيت من وقع جريء وقاسٍ يجعل القارئ بفضول لمعرفة ظروف قائله أو ما دفعه لقوله ذلك، لكنه يعبر واقعا عن حال الكثيرات والكثيرين.
- خوف العنوسة - هل هو شبح أو هوس الحصول أو ماراثون عمر أو تأريخ صلاحية أم ماذا تحديدا؟!، بحيث يجعله حديثا مقرونا مع تأريخ ولادة كل فتاة، ومن ضمن أمور تطيب خاطر الأهل هو حجزها لإبن أو أخ أحدهم منذ نعومة أظفارها ما يجعلهم مستبشرين من الفكرة مبدأياً.
يتم ترسيخ هذا الأمر مع نموها وحياتها والتركيز عليه أكثر من مواهبها أو إبداعاتها أو ماتبرع فيه ويُمكن رؤيتها عليه في المستقبل، هذه الأشياء يُغض النظر عنها كونها زيادة خير إن وجدت لا تضر وإن غابت لن تنفع شرط ألا تؤثر على نجاحها في الحصول على الهدف الأساسي من وجودها والذي هو ضمان قبولها وتأهلها من وجهة نظر المجتمع وهو هدف الحصول على زوج بغض النظر عن طبيعة وكينونة هذا الزوج -الرجل لا يعيبه شيء في الغالب- فما إن حصلت عليه فهذا يعطيها درجة امتياز عن قريناتها مهما بلغت درجة نجاحهن.
هذه الفكرة بحد ذاتها يتم ترسيخها لا إراديا في عقل الفتاة مما يعطيها سببا كافياً لتجعل كل فرصة هي احتمالية حصول على زوج ويجعل فتياتنا مهووسات بذلك مهما كان عمرها أو مؤهلاتها.
فما إن تُزهر حتى تبدأ الترشيحات بدايةً بالدائرة الأقرب من الأقارب - سواء كانت طالبة أم ربة بيت - وتتوسع فتحمل الفتاة معها هذه المهمة عند دخولها في الجامعة فتراها وكل ماهي عليه وما هو عليها من تكلّف وتبهرج يوحي بأنها تبحث عن رجل أكثر من بحثها عن العلم!، وفي الوظيفة كذلك تجد الغير متزوجة أكثر تمظهرا ومبالغة من زميلتها المتزوجة -هي ليست بالقاعدة ونحن لسنا بصدد التعميم لكنه إن لم يكن الواقع هكذا فهو جزء منه- لماذا؟!
العلم ليس قليل الأهمية بالتأكيد سواء للرجل أم للمرأة، لكنها الفكرة الراسخة والتي تحدثنا عنها مسبقا - خوف العنوسة - يجعلها تستغل كل فرصة هي عليه بطريقة ليست بالطبيعية بل أقرب قليلا بالمهووسية.
لست هنا بصدد معارضة فكرة الزواج وأهميتها، فهذا أمر مهم ومرحلة مهمة سواء كانت في حياة البنت أو الشاب.
لكن.. الفتاة قبل أن تكون أنثى هي إنسانة أولا، وكونها أنثى وهو أمر ليس بإختيارها طبعا وليس بإختيارها أن يُقدر لها التواجد في مجتمع يجعلها النقطة الأضعف من بين أجناسه -ولا أقصد بذلك المجتمع الإسلامي فهو المجتمع الوحيد الذي أعزّها وكرّمها واحترم خياراتها وساندها- لكني أتحدث عن مجتمعنا الحالي والذي هو بإبتعاده عن الإسلام الحق وتعاليمه يعود بنا إلى الجاهلية وأحكامها مع الأسف والتي تجعل للفتاة تأريخ صلاحية وكأنها أي سلعة أخرى قابلة للفساد ولها وقت محدد للإستخدام إن فاتها أو فوتته يجعلها تتنازل عن ما يمكنها التنازل عنه من أجل الحصول على فرصة تجعلها تعيش حياة هي أقرب منها لأشباه الحياة التي تريدها وتتمناها.
فكونها إنسانة أولا يحق لها أن تثبت نفسها في المجال الذي تحب وأن تختار حياتها بالطريقة التي تريد مادامت واعية لمصلحتها وخياراتها وغير خارجة عن المنطق والخط السليم.
كونها إنسانة فهي تُقيّم بما تبرع فيه وتبدع، سواء كانت مرتبطة أم لا، كونها إنسانة فهي لها حق الاختيار من الشخص الذي ترغب والذي ترتضي العيش معه لبقية حياتها وفي الوقت الذي ترغب، لا بتأريخ الصلاحية المتعارف ولا بقطار المجتمع الذي يرمون فيه الفتيات عنوةً خوف العبور ليعود أغلبهن إن لم يكُنّ محملات بمتاعهنّ فقط ، فهن محملات بطفل أو اثنين على أقل تقدير!.
اضافةتعليق
التعليقات