بشتى الثقافات وما تحمله العقول من أفكار وتسعى به الجوارح من أعمال الكُل يريد الإرتقاء، ولكن كيف؟
أحدهم يرى ذلك بتطور العلم والتكنلوجيا والسفر الى القمر والمريخ، وآخر يسعى للعكس من بث الجهل في الأوساط ليتميز هو باليسر مما يعرف ويعقل، أحدهم يصنع من الأموال جبالا عله يعتليها فيرتقي ولكن لو سألنا من يعتقد بأنه وصل هل يمتلك في داخله شعور الرضا عن نفسه والإطمئنان سيُجيب المُنصف منهم لا فكُلا يفقد شيء ما غير الذي يملك .
ولكن المُتصفح لطيات التاريخ يجد إنموذجا قد ارتقى بالتنازل بدل الكَسب، عظيمة قد تخلت عن مكانتها لتختار (الخِدمة) وعن اسمها كرامة لسيدتها، وعن راحتها في سبيل راحة من تُحب والأعظم بأولادها طالبة بذلك سلامة إمامها!
إنها من فجرت ينابيع الدموع والدماء عبر الأزمان بسؤالها
( أعندك خبر عن الحُسين؟) هي لا ترى ولا تسمع ولا تعي إلا الحُسين، تترجى سلامته، تسعى لخدمته، تذوب به حُباً وولاء لأنهُ إمام زمانها وعلة وجودها وسر خلودها .
خلود بدأ من لحظة رحيلها ويتعاقب بتعاقب الأجيال، يُتوارث ذكرها أكثر من توارث الأموال، يلجأ الخائفين لإسمها فيجدون الأمان، يهمسون بالفاتحة لروحها فتُكشف الهموم وتنزل المُعجزات، فكان خلودها ممزوج بعقيدة راسخة في عقول من يُريدون الإرتقاء، إنها الجليلة فاطمة الكلابية أم البنين .
سر السمو كان الإرتباط بالإمتداد السماوي والحجة الالهية على الأرض المتمثل في زمانها بسيد الشهداء الامام الحسين عليه السلام، ومن يُريد الوصول في زماننا هذا يتعلم من مولاتنا أم العباس الولاء والإخلاص في طلب مرضاة إمام الزمان .
فالإرتباط بالمولى في غيبته يجب ان يكون إرتباطا قلبيا مُنعكسا على سلوكيات المُحب لسيده، حيث إن الحُب لو تَملك القلب يكون المُحبوب في مراقبة تامة لأعماله بما يُرضى الإمام .
فالإنتظار الذي عاشته السيدة أم البنين كان إنتظارا حقيقياً تجلى في سؤالها الأول عن الحُسين وفي أعمالها التي أوصلتها لمرضاته، حيث أن المعنى الأعمق لانتظار الفرج ، فهو أن يعيش كلاً منا كما يريد الإمام الحجة عجل الله فرجه، فمن يُدرك ان إمامنا الحجة المؤيد من السماء تتجسد فيه كل المثل العليا ، فإننا سننتظر خروجه بسلوكنا المُختلف عما هو منتشر .
ويكفينا ما يُروى عن مولانا الصادق عليه السلام
(ألا تعلم أن من انتظر أمرنا، وصبر على ما يرى من الأذى والخوف، هو غدا في زمرتنا)، وبذلك يكون الفوز .
اضافةتعليق
التعليقات