يعتبر البكاء في علم النفس من أحد الطرق التي يستخدمها جسم الإنسان للتفريغ نتيجة الضغوط النفسية والعاطفية التي يتعرض لها خلال الحياة اليومية، ومن ضمن الأشياء التي وضحتها الدراسات هي أن الدموع العاطفية يوجد بها نسبة كبيرة من هرموني البرولاكين والأي سي تي أتش. فيتم افراز هذين الهرمونين في الدم في حالة تعرض الشخص للكثير من الضغط.
وقد فسرها العلماء وحددوها في أكثر من بحث، حيث يمثل البكاء جزء أساسي من الطبيعة البشرية، حيث إن كلا منا يتعرض للضغوط والأزمات التي تجعله يبكي كرد فعل طبيعي للحزن والضيق.
قبل التعرف على أنواع البكاء في علم النفس لابد من معرفة فوائد البكاء بالنسبة للعيون والجسم والنفسية الخاصة بالشخص ومن هذه الفوائد ما يلي:
- هناك بعض الدراسات العلمية التي تكون مثيرة للإهتمام والتي تشير إلى أن التركيبة الكيميائية الخاصة بالدموع تختلف باختلاف أنواع الدموع، إذ يوجد هناك دموع عاطفية وكذلك دموع تحسسية والتي تكون ناتجة بسبب تعرض عيون الإنسان للغبار.
- أشار العديد من علماء الطب النفسي أن الدموع تعمل بشكل قوي في إزالة السموم المتواجدة في العين مثل الجراثيم.
- قد تحدث بعض الجراثيم في العين بسبب بعض الأجسام الغريبة وكذلك أتربة قد تدخل بها.
- تعمل الدموع بشكل كبير على مساعدة الشخص في النوم وذلك وفقا لبعض الدراسات التي أجريت والتي تؤكد مثل هذه المعلومة. (المواطن)
ولأنَّ من أعمق الأماكن التي يشعر الإنسان عندما يدخل إليها مهموما وغارقا في نفسه ويخرج منه مخففا من الألم هي المجالس الحسينية.
فالبكاء والصياح وضرب الصدور هي شعائر لها صلة حقيقية بالروايات الإسلامية التي تناقلت عن الأئمة تعبيرا عن الحزن والجزع خصوصا في قضية الحسين (عليه السلام).
والمعروف بأن البكاء وإظهار الحزن على الإمام له الكثير من الثواب عند الله عز وجل، فعن أبي جعفر عليه السلام قال: كان علي بن الحسين عليه السلام يقول: (أيما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين عليه السلام، حتـّى تسيل على خديه، بوّأه الله بها غرفاً يسكنها أحقاباً، وأيما مؤمنٍ دمعت عيناه حتـّى تسيل على خده فيما مسنا من أذى من عدونا في الدنيا بوّأه الله مبوّأ صدق).
ولو تطرقنا إلى عملية البكاء في هذه المجالس المباركة لوجدنا الكثير من الشواهد التي تثبت عظمة التأثير الذي يتركه البكاء في المجلس الحسيني، ومقدار الشحنات السالبة التي يفقدها الإنسان خلال التفريغ الذي يحصل له هناك، فيجد نفسه خفيفا على الرغم من أن مشاكله الدنيوية لا زالت كما هي قبل دخوله المجلس وحتى بعد خروجه.
كما أنّ البكاء بكاءان، بكاء القلب وبكاء العين، وبكاء العين معروف المصداق، وبكاء القلب بالهمّ والغمّ والحزن، وهو أيضا له تأثير عميق في نفس الإنسان، ففي الخبر عن أبي عبد الله (عليه السلام): (نَفَسُ المهموم لظلمنا تسبيح، وهمّه لنا عبادة، وكتمان سرّنا جهاد في سبيل الله، ثمّ قال أبو عبد الله (عليهم السلام): يجب أن يُكتب هذا الحديث بالذهب (أمالي الطوسي: 115 حديث).
فالبكاء يُذهب قسوة القلب ويخلق جوا من المشاعر والأحاسيس الترفة، إذ يوجد الكثير من الأشياء التي من الممكن أن تقال عن سبب سرعة البكاء عند الإنسان ولكن يبقى السبب الرئيسي هو أن هذا الشخص صاحب شخصية عاطفية للغاية وكذلك حساسة إلى درجة كبيرة.
وإنّ عدم البكاء على الحسين (عليه السلام) عند ذكر مصابه إنّما هو لأحد سببين: الذنب والكِبر.
أمّا الذنب؛ ففي الخبر العلوي: (ما جفّت الدموع إلاّ لقسوة القلوب، وما قست القلوب إلاّ لكثرة الذنوب) علل الشرائع 1: 81 الباب.
وأمّا الكِبر؛ فقد قال تعالى: ((سَأَصرِفُ عَن آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرضِ بِغَيرِ الحَقِّ)) (الأعراف:146)، وأيُّ آيةٍ أعظم من مصيبة أبي عبد الله (عليه السلام).
وإذا خلى المؤمن من هذين السببين مع التفاته إلى ما جرى على سيّد الشهداء (عليه السلام)، فلا بدّ أن يبكي؛ وإذا لم تنزل الدمعة لأسباب تعود إلى عدم تمكن القارئ من التأثير أو أمور أخرى نفسية فالأفضل أن يتباكى أي يتظاهر بالخشوع والبكاء.
كما أن هنالك نخبة من الناس عندما يدخلون إلى مجلس الحسين ينسون مشاكلهم أو بالأحرى يخجلون أن يذكروا مشاكلهم أو يذكروا الله ويطلبوا شيئا من أجل أنفسهم في هذه المصاب العظيم فيغلبهم الأسى ويندبون الإمام ويبكون بكل حرقة على عمق الحدث.
ولكن بركة هذه المجالس تخفف عنهم تلك الآلام الضبابية التي تسكن صدورهم، فكلما ارتفعت اليد ومست ذلك الصدر المليء بالآلام غرفت منها ما يخفف عنها وشملتها عناية صاحب العزاء.
اضافةتعليق
التعليقات