برفوف خشبية وضعت ناصعة لماعة يحيط فيها من كل جانب أبواب زجاجية مغلقة يراها البعيد ليغري بها المشتري الذي يتجول في أروقة السوق، الذي بات يملأه الناس واللحاق وراء الموديل والستايل الجديد.
ها أنا مررت من جانبه وجدت الألوان والشكل المرتب الجميل الذي يذهل الناظر ليقع عليها ويشتريها حتى لو كان ثمنها غاليا جداً فالمهم شراء ما احتاجه..
وعندها وقفت متأملاً المكان من الجانب الآخر وعلى أرصفة حاكها الغبار والأوساخ، يجلس أحمد يبيع العلم، والمعرفة، والثقافة التي منها نتزود بين صفحاتها جميل العبر والحكايا والروايا، وايضا نعرف منها مانشاء..
فهي تعطي لاتأخذ منا، تزيد بنا وعي وثقافة وعلم، تنور عقولنا، تضع لنا الحلول، تتراقص على حروفها حكايا قصت وروايات حدثت بين أسطرها.
تجعلك تعيش ضمن حروفها وتبهرك بكلامها تذهلك بأروقتها الرائعة في كل نظرة لها تشتاق لقرائتها مرات ومرات، ولاتمل من سردها بين الأصدقاء والعالم الواعي المنصت لما يقول كل سطر عبر عنه الكتاب.
العلم بمعناه الشامل هو أن نعرف الشيء كما هو في حقيقته وواقعه ولا وزن لأي علم عند أهل البيت (عليهم السلام) إلا أن يجلب نفعاً، أو يدفع شرّاً تماماً كما قالوا عن العقل. لأن العلم عقل، والعالم هو العاقل. قال العالم والفيلسوف جابر بن حيّان تلميذ الإمام الصادق (عليه السلام): العقل والعلم والنور كلمات مترادفة.
فالعالم يعقل الأمور ويميز بين صحيحها وسقيمها ولا يستطيع أن يسكب علوماً بدون العقل، وبالعقل يتمكن العالم من كشف الأمور الغامضة وإخراجها من الظلام فيوضحها بنور عقله.
أما الجهل بالشيء مع العلم به هو أننا لا نتصوره إطلاقاً.
والجهل بالعلم هو تصور الشيء على غير ما هو عليه من حيث لا نحس ونشعر بالخطأ فنكون عندها بعيدين عن الواقع.
فهنا نقف عند الرفوف الخشبية التي وضعت عليها أحذية بكافة انواعها تطرزها الأشياء الجميلة، فهي تأخذ منا ثمناً ونحن لانهتم لذلك.
بينما تلك التي حاكها الغبار هي الكتب هي الثقافة هي تسكب في عقولنا حروفها لتخرجنا للنور لتعي عقولنا مانفعل ومانريد!!
فالعلم والعمل كالروح والجسد يتصاحبان ويتكاملان معاً، وإن كانت مرتبة من العلم تستدعي عملاً بحسبه، وكل عمل يهيئ لنوع آخر من العلم.
لذا عندما تباع الأحذية فوق أرفف زجاجية في محلات مكيفة، وتباع الكتب فوق كراتين في الشوارع وعلى الأرصفة.. أعلم أننا اهتممنا بأقدامنا وأهملنا عقولنا فوصلنا إلى مانحن عليه اليوم!، لنسأل هذا المجتمع؟
لنسأل أمة أقرأ؟! إلى أين نصل بهذا التخلف بين البشر؟
متى نعي ونفهم ونتدارس هذه الأمور؟، أنا أقول الحل بيدك أنت وأنتِ وأنتم والجميع منا مسؤول.
اضافةتعليق
التعليقات