سجل التاريخ للمرة الأولى له على مدار عمره، حب زوجة الأب لأولاد زوجها، وأيضاً ليس حباً فقط بل حباً وتضحية وتفاني، كل أم تجذبها عاطفة الأمومة لأبنائها، لكن السيدة فاطمة الكلابية (أم البنين) (سلام الله عليها) كانت تستبق حنانها وعطفها لأبناء زوجها أمير المؤمنين (سلام الله عليه) (الحسنان وزينب) (سلام الله عليهم) أجمعين.
كانت لهم أماً قبل أن تكون أماً لأولادها احتضنتهم بكل شهقة حب وألفة وانجذبت لهم كأنها أمهم التي لم تلدهم، ليس هذا فحسب، بل فضلتهم حتى على أبنائها الذين كبروا بين أحشائها، وكانت تتمنى لو يذهب جميع أولادها فداءً لأبي عبد الله الحسين (عليه السلام) تريده فقط يبقى بسلام ولا يثلم حتى بخدش صغير.
وكان أكبر أولادها هو أبا الفضل العباس (سلام الله عليه) الذي بقى رمزاً للوفاء والأخوة الحقة وعلماً شامخاً مميزاً بمفرده وأمام أخيه الامام الحسين (عليه السلام) ينيران كربلاء بأنوارهما الساطعة.
وعندما كانت أم البنين (سلام الله عليها) حاملا بإبنها البكر (أبا الفضل) (سلام الله عليه)، وكان يدخلان الحسنان (سلام الله عليهما) لدارهما كانت تقف اجلالاً لهما مع العلم بأنهما صغيران وهي متقدمة في أشهر الحمل وعندما قال لها الامام علي (عليه السلام لماذا تقفين والحمل قد أثقل كاهلكِ وأنتِ في شهوركِ الأخيرة، فأجابت عليها السلام يا أبا الحسن إن من في بطني هو الذي يرافسني لكي أقف اجلالاً لإخوانه.
ومن المعلوم أن من أعطى لله فالله يضاعف له عطائه، وكما أعطت وضحّت السيدة المبجلة أم البنين (سلام الله عليها) أولاداً أربعة ولم تهتم إلا بابن الزهراء الامام الحسين (عليه السلام) وكانت تتمنى لو يرحل جميع أولادها فدادً لأخيهم ويعود لها الامام الحسين (عليه السلام) سالماً معافى، لكن الأحوال كلها حالت دون ذلك فلم يعود لها إلا خبر الوفاة على لسان إعرابي وعندما أخبرها بأولادها واحداً تلو الآخر لم تكن تريد منه إلا خبر الامام الحسين (عليه السلام) ولما علمت أنه استشهد فقدت وعيها وسقطت أرضاً لصاعقة ذلك الخبر الدامي للقلب المذبل للروح.
فأعطاها الله جزاء ذلك العطاء والتفاني كرامات كثيرة وذكر بهيج وحاجاتٍ مقضية باسمها، وبمجرد أن تندبها بحاجة مستعصية يقضي الله لك تلك الحاجة كرامة لمنزلتها عنده تبارك وتعالى.
فالسلام على رفيعة الكرم طاهرة النسل السيدة المبجلة فاطمة الكلابية (أم البنين) يوم ولدت ويوم التحقت بالرفيق الأعلى ويوم تبعث حية إن شاء الله مع الامام صاحب العصر والزمان.
اضافةتعليق
التعليقات