الأم هي لبنة الأسرة الأساسية ومحور الوجود لتلك الأسرة فلا يخفى علينا أهمية دورها في بناء أسرة متكاملة وقوية، فهي التي تربي الأطفال وتعتبر رمز الحنان لهم وتهتم بشؤون البيت وتنظيم جميع أموره الاقتصادية والاجتماعية والترفيهية، هي عمود المنزل وسقف الأسرة التي تحميها من كل الأضرار.
مع التطور التكنلوجي وحدوث التغييرات في البنية الاقتصادية للمجتمعات أدى ذلك إلى خروج المرأة للعمل بعيدا عن منزلها وأسرتها لكي تضع لها مهمة إضافية إلى مهامها الكبيرة وهي مؤازرة زوجها في إتمام مصاريف أسرتها وتحقيق جميع الاحتياجات التي يحتاجها أفراد أسرتها.
إن وظيفتها خارج المنزل سوف تثقل الأعباء عليها وتجعلها أمام مهمتين أساسيتين الأولى أسرتها وأطفالها ومسؤولية التربية والتدريس وزوجها وشؤونه إضافة إلى الأمور المنزلية الأخرى.. الثانية وظيفتها ومستلزماتها وما تحمله هذه الوظيفة من متاعب ومسؤوليات وجهد مضاعف، ويجب عليها أن توازن ما بين هاتين المسؤولتين الكبيرتين.
تشعر الأم عندما تعمل بوظيفة معينة خارج المنزل بتأنيب الضمير اتجاه بيتها وعلى وجه الخصوص أطفالها وذلك لكون الوقت مقسم ما بين العمل والبيت ولم تقضي وقتا طويلا مع أطفالها.. وأحيانا انشغالها بالعمل يفوت عليها العديد من المناسبات التي يجب أن تشاركها مع ابنها أو ابنتها، أيضا تشعر الأم بذنب كبير عندما تفوتها محطة مهمة من حياة أطفالها بينما هي منشغلة بوظيفتها.
إضافة إلى ذلك إن المجتمع المحيط بها، له الأثر الكبير في تقوية وتثبيت هذا الشعور فبدل أن يدعموها ويكونون لها العون لتحمل هذه المسؤوليات، يكون العكس سائدا فعندما يخطئ الطفل بحركة معينة يذبون اللوم على عملها ووقتها المهدور به، وعندما يمرض طفلها سيكون اللوم الأول عليها كونها لم تكن موجودة حتى تهتم به، وعند تأخره في أداءه المدرسي يكون السبب الرئيسي هو انشغالها بدوامها وهكذا..
بالرغم أن هذا شيء طبيعي، كل طفل سواء أمه خارج البيت أم في داخله ستكون بعض الهفوات في تربيته أو تكوينه وتستطيع الأم تلافيها فكيف ستستطيع أن تساعد اطفالها وهي دائما على خوف وريبة من لوم من حولها.. وتأنيبها المستمر بالتقصير متغافلين مسؤولياتها الكبيرة ودورها المهم في المجتمع وفي أسرتها..
طبعا هذا يرجع إلى المعتقد الخاطئ في أن خروج الأم إلى عملها لساعات من النهار وتركها لأبنائها وأسرتها في هذا الوقت يؤثر سلبا على تربية وتنشئة أطفالها بالصورة الجيدة والايجابية، ولكن الدراسات الحديثة قد نفت هذه النظرية بحسب ما نشرت في أحد المواقع الالكترونية.
ففي عام 2015 خلصت دراسة قام بها قسم إدارة الأعمال في جامعة هارفرد وشملت 24 بلدًا من بينها بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية، أن بنات الأمهات العاملات هن أكثر نجاحًا في أعمالهن من قريناتهن اللواتي لا تعمل أمهاتهن، ويجنين مالاً أكثر وينلن مراكز قيادية.
وبينت الدراسة إلى أن البالغين من الذكور الذين أتوا من بيوت فيها أمهات عاملات يمضون سبع ساعات ونصف ساعة في الأسبوع في رعاية أبنائهم، ويساعدون أكثر في الأعمال المنزلية، وأغلبهم يفضلون أن تعمل زوجاتهم. فيما الآباء الذين اقتصر عمل أمهاتهم على التدبير المنزلي، أكثر ذكورية ويرفضون مساعدة زوجاتهم في الأعمال المنزلية.
إذن عزيزتي؛ اطردي الشعور بالذنب من قلبك واخطي خطواتك الواثقة وسلحي نفسك بالايمان بالله تعالى واغرسي حب الله والخوف من عصيانه في نفوس أبناءك ولا تجعلي أي كلام سلبي يؤثر في مشوارك المهني والأسري، فقط كوني الأم بمعنى الكلمة في الوقت القليل الذي تقضيه مع عائلتك وسوف يكون تأثيرك كبير وايجابي، اجعلي من تلك الساعات القليلة التي تقضينها مع أسرتك من أجمل الساعات وابذلي قصارى جهدك لإسعادهم، فعندما تكونين ناجحة في بيتك وعملك ستكون هذه الرسالة الكبيرة التي تقدمينها لأطفالك حتى يفتخرون بك.
اضافةتعليق
التعليقات