أناس ترحل بجسدها وتعيش بروحها وأخرى تعيش جسدا خاويا لا أثر لها في الحياة، شعلة لا تنطفئ بعد أن توقدت بحب الآل واستقت من علومهم الزاخرة وجادت بضيائها لمن أحاطها والتفَّ حولها..
والفقيد السيد محمد جواد الشيرازي (رحمه الله) قدمّ للشباب الصورة الأكثر نبلا والأروع سلوكا، فصار مثالا للشاب المكتمل الملتزم بالأخلاق والقيم الحميدة.
وفي ذكرى رحيله الثالثة أقامت مؤسسة أنصار الحجة مجلسا تأبينيا في حسينية أم البنين النسوية في النجف الأشرف، يوم الأربعاء المصادف 27 ربيع الأول 1440 هـ.
وقد ابتدأ المجلس بتلاوة آيات من الذكر الحكيم، تعطّرت بها أسماع وقلوب الحضور، بعد ذلك كانت هناك كلمة لمديرة جمعية المودة والازدهار أم محسن معاش بدأتها بالآية الكريمة: "إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الانسان إنه كان ظلوما جهولا". ثم وجهت كلامها للحاضرات بأسئلة تحفز بها فكرهن وتستنهض هممهن فسألت هل فكرنا يوما ماهو سبب تدني الخدمات عندنا؟
هل فكرنا ماهو سبب تأخر وطننا وبلداننا الإسلامية؟ ماهو سبب تدهور وتلكؤ الخدمة في الدوائر الحكومية؟
وذكرت قصة الطالب الياباني الذي نقل قوة أوربا الى اليابان وعقبت على مسيرته وبينت أهمية ما حقق بشعوره بالمسؤولية، ونحن هل سألنا أنفسنا ماذا فعلنا بحياتنا تجاه الخالق وتجاه النفس والأسرة والأصدقاء وووو، ماذا قدمت ماذا أحييت هل لك طيب الأثر في نفوس من حولك، أسئلة عديدة تثار حول النفس.
وتطرقت معاش لكيفية تنمية الشعور بالمسؤولية كي يتولد ويستنبت في نفس الإنسان بعاملين هما: أن يشعر الانسان برقابة عليه وعلى تصرفاته، ويُمرن نفسه على تنمية الشعور بالمسؤولية. وبينت أن هذين العاملين يقوم بهما جانبان الجانب الأول هو أن الله مطلع على كل شيء مع الايمان العميق بالله تنمو بذرة المسؤولية والذي يُنمي هذه البذرة هو الجانب العبادي.
وذكرت سيدنا علي الأكبر بن الإمام الحسين عليهما السلام نموذجاً للشاب المسؤول الذي قدم نفسه ولم يبالي بالموت لأنه ماض بالحق شاعراً بمسؤوليته تجاه الحياة.
ثم عرجت لذكر السيد الفقيد محمد جواد الشيرازي النموذج للشاب المؤمن الورع الشاعر بالمسؤولية في دقائق أمور حياته..
وحددت معاش المسؤولية في دوائر ثلاث، الأولى دائرة الذات والثانية المسؤولية العائلية ثم المسؤولية الاجتماعية، وبينت كيف أدى سماحة الفقيد مسؤوليته في هذه الدوائر الثلاث وتميز بأدائه، حيث ذكرت مواقفه الطيبة وتميزه في الأوساط..
ثم شاركت بعدها إحدى المحبات لآل الشيرازي بقصيدة رثاء تواسي بها أهل الفقيد رحمه الله وأدخله فسيح جناته.
بعدها كانت هناك مشاركة لفرقة تواشيح قدمتها مجموعة من الشابات الموهوبات من عضوات النجف الأشرف يحاكون بها الفقيد، وسماته وأخلاقه العالية والمآثر المتميزة لآل الشيرازي بحبهم للآل وارتباطهم بهم.
ومن ثم جاءت مشاركة عضوات جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية من كربلاء، والتي تمثلّت في محاورة جميلة وغنية باستذكار شخصية الفقيد وصفاته الفاضلة حيث جاء فيها:
أتذكرين!
عند كل جمعة، حين نجلس من أجل نُدبة ذلك الغائب صاحب قلوبنا الذي أثخناه بالجُراح!
كُنا نُردد: وشيعتكَ على منابرَ من نُور مُبيضَّة وُجُوهُهُم حولي في الجنة وهُم جيراني!
وعند مشارف هذه الحروف كُنت أطرق بـ رأسي أُخاطبه قائلاً:
جداه يا رسول الله هـا أنا ذا جار (نفسكَ) في الدُنيا تُرى متى أصبحُ جاره في الباقيـة!
الأمرُ يحتاج لـ ثمن عظيم يجب علي دفعه لأفوزُ بـ تلك المنزلة! أدركُ ذلك جيداً..
ومضت الأيام وتلك الغاية تتوقدُ في داخلي، أحثُ الخُطى اليها بـ قلب مُستقيم يُرتل أن الختام عند الفريد! أن أمري عند ذلك الوتر الوحيد!
حتى وصلتُ كربلائه، وجدتها سخيةً مثله، فقد قبلتَّني بين عينيَّ ثم ضمتني إليها فرداً من أُمَّة السبعين..
وهكذا كان مسك الختام مُوشحُ بـ كربلاء كما أردتُ تماماً وكما وفى الحبيب..
وقد تخلل المجلس مجموعة من قصائد الرثاء، وخُتِم هذا التأبين الجليل بدعاء الفرج لتعجيل فرج المولى المنتظر (عج).
اضافةتعليق
التعليقات