القراءة تصنع الانسان الكامل والكتاب هو المعلم الذي يعلم بدون عصا، انطلاقا من هذا المبدأ عقد اجتماع نادي اصدقاء الكتاب الشهري في جمعية المودة حيث ناقش كتاب اسرار القيادة عند أمير المؤمنين (عليه السلام) لمؤلفه جميل كمال.
تناول الكتاب مفهوم القيادة عند أمير المؤمنين (عليه السلام) فالحديث عنه حديث شيّق قلَّ سالكوه.. فلم يُحَّدث عن هذا الجانب وإن شئت قل هذه المنقبة العظيمة الا النزر اليسير إن وجد .. لذلك حاولنا في هذا السفر ان نركز على الجانب المشرق من حياته (عليه السلام)، ولكم نحن بحاجة اليوم الى شخصية علي وقيادة علي ونهج علي وعطف علي وفكر علي وكلام علي (ع).
ويأتي القول الى شرح لمعنى القيادة.. فالقيادة لغة: مصدر من الفعل ( قاد يقود قوداً قيادة)، فالقود نقيض السوّق، فالقود من الإمام والسّوْق من الخلف.
والقيادة اصطلاحاً: انها قدرة الفرد في التأثير على شخص أو مجموعة وتوجيههم وإرشادهم، لتأتي وظائف القيادة والتي منها: التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة والتحفيز.
فمن الشروط العامة للقيادة في القرآن الكريم والمقصود بها الشروط التي لايصلح القائد ان يكون قائدا الا اذا تحلى بها ومنها:
١-القصدية: وذلك بموجب الوعي بوجود غاية من خلق الانسان وسعيه في الارض.
٢- الإبداع: والمقصود هنا معاداة التقليد.
٣- الصبر: فبالصبر يحقق النجاح والتقدم ويصل الى مايصبو اليه في قيادة الامة.
٤- التأمل الخلاق: لاينجح القائد أبدا في تدبير مهام قيادته إذا كان اسير النظرة السطحية والعجلى.
وايضاً المصداقية والاستيعاب والقوة المادية والفكرية أو الكاريزما والعلم فعلي بن ابي طالب (عليه السلام) هو النموذج الكامل للقيادة.
فمن أبرز الصفات القيادية في حياة أمير المؤمنين (عليه السلام):
اولاً: المبادرة.
لاشك بأن الانسان العاقل المؤمن بطبيعته مبادر لما تحمله هذه الصفة من الايجابية والخير، فالمبادر هو الذي يسبق الآخرين بخطوات للأمام قبل ان تسبقه المشاكل، والقائد المبادر يكون مدفوعاً من قبل قيمه ومبادئه، أما الآخرون فيتأثرون بالبيئة المحيطة ويتحركون ضمن نظام الفعل ورد الفعل.
يتضح من مواقفه (صلوات الله عليه) نقتطف منها: نعم للتذكير، ولا للتسويف، واغتنام الفرص
ثانياً: التحفيز.
التحفيز هو العملية التي تسمح بدفع الافراد وتحريكهم من خلال دوافع معينة نحو سلوك معين. فعناصر التحفيز: الحافز والمحفز والمحفَّز والقدرة والرغبة.
والحوافز هي مجموعة الوسائل المادية والمعنوية المتاحة لإشباع الحاجات والرغبات المادية والمعنوية للافراد، فالقائد المحفِز هو من يكون محفزاً ومتحمساً لزوجته واولاده وحياته الاجتماعية.
فالإمام علي (عليه السلام) هو القائد المحفز الذي يقدم مصالح الامة على أية مصالح أخرى ليجني ثمار هي الفريدة من نوعها في العدل والمساواة. وخير شاهد هي الخطب والمواعظ، والملاحظ على هذه الخطب بشكل عام هو وجود الطابع التحفيزي الغالب عليها وكذلك قصار الكلمات ورسائله وكتبه الى ولاته.
ثالثاً: تحديد الاولويات.
لقد اتخذ الامام (عليه السلام) الدور الإيجابي جداً الذي يرضى به الله ورسوله.. فقد استمر عمله الجهادي والعلمي والإرشادي والتوعوي والقضائي حفاضاً للاسلام المحمدي الأصيل الحقيقي.
رابعاً: الحزم والأنضباط .
وهذا يعني ان المرء يضبط أمره ويحسمه ولايتردد. وان يضع الامور في موضعها، فالحزم مظهر من مظاهر الايمان وقوة الشخصية، فالذي يتحلى بالحزم ينبغي ان يكون ذا عزيمة ومن قويت عزيمته قوي حزمه، وقد قيل بأن الحزم له ركنان أولهما: انتظار الفرصة، وثانيهما التعجيل بها.
فالحازم يعرف أن هذه الفرصة هي فرصته ويجب ان يقتنصها قبل فواتها.
خامساً: تربية الكوادر.
لقد كان الإمام (عليه السلام) على كفاءة عالية جداً في تربية كوادره التي سيعتمد عليها الكيان الاسلامي في حفظ معطياته العقدية، فكان مشغولاً بجذب العناصر المنتقاة لضمان استمرار القيادة الرسالية.
فقد جهد ساعياً الى زرع روح القيادة فيهم ليكونوا بعيدي النظر كثيري التفكَر ومنهم مالك الاشتر وابو ذر الغفاري وراشد الهجري وصعصعة بن صوحان وميثم التمار.
سادساً: علو الهمة.
فالقائد يجب ان يتصف بعلو الهمة والعزيمة وان يكون كالشعلة التي لاتنطفىء متقدة على الدوام ملهم اساسي للعمل وخزان مملوء للبذل والعطاء والحماسة، وهنا عندما نمر على حياته المباركة نجدها مشحونة بتيارات الحماسة والمثابرة وعلو الهمة الذي تعجب له ملائكة السماء قبل سكان الارض، فنموذج من دوره في مكة المكرمة والمدينة المنورة خير مثال بمواقفه الكريمة، فهمته في العمل الاجتماعي والخيري وكذلك في ساحات القتال مصداق لذلك.
سابعاً: كاريزما القيادة.
الكاريزما كلمة اغريقية الاصل وتعني هبة السماء أو هدية السماء وكذلك تعني سحر الشخصية والجاذبية العارمة لها، وهنا حيث علاقة المحبة.. أوثق العلاقات فما يملكه القائد من خبرة وحنكة تجعله متميزاً عن غيره ولو سادت المحبة والالفة الجو العام في المساعدة وتوثيق العلاقات لرأينا تحقيق الاهداف والانسجام والتقدم.
ومن آليات اكتساب الكاريزما والشخصية: الثقافة الواسعة وحسن الخطابة واللباقة وحسن الطرح وإقناع الاخرين والقدرة على اتخاذ القرارت وتحقيق الانجازات.
ثامناً: المسؤولية الاجتماعية.
فقد وضع أمير المؤمنين (عليه السلام) عدداً من القواعد الاجتماعية الإنسانية الحانية كقائد ابوي عطوف على رعيته. فمن بين هذه القواعد: الدولة الكفيلة او الكافلة، الرعاية الاجتماعية الشاملة، الحث على التكافل الاجتماعي وعنايته الخاصة بالأيتام.
واخيراً: تجنّب الأخطاء الإدارية.
هنالك بعض الاخطاء الادارية التي يقع بها الكثير من القادة وقد تجاوزها أمير المؤمنين (عليه السلام) بحنكته الإدارية المتقنة والتي منها: عدم وجود رؤية واضحة واستراتيجية محددة، عدم وجود الهيكلية في المستويات الادارية، عدم تحمل القائد الرأي الآخر، عدم توزيع المسؤوليات، عدم السماح للأفراد بتطوير أنفسهم ومهاراتهم، التأثر بسلبية العاملين وعدم اختيار الأكفأ.
وقد إستطلعنا آراء العضوات المشتركات وانطباعهن المُتكون حول الكتاب فجاءت بعضها كالآتي:
حيث قالت مروة: من الرائع ان تُدمج التنمية البشرية بفكر أهل البيت (صلوات الله عليهم) وان تُؤخذ من مصدرها الحقيقي والآمن حيث أن مولانا كان هو بلا شك رائد الإنسانية جميعاً.. أستمتعتُ حقاً بقراءته وأستفدتُ ايضاً.
واما جنان غالب فقالت: منهج امير المؤمنين (صلوات الله عليه) قد وُظف في الغرب في حين البلاد الاسلامية شهدت عكس هذا من الابتعاد واللهث وراء القيادات التي اودت بهم الى السير بعيدا عن ما اراده الدين الاسلامي لنا.
وجدير بالذكر ان نادي اصدقاء الكتاب اسسته جمعية المودة والازدهار والذي يهدف الى تشجيع القراءة والمطالعة عبر غرس حب الكتاب وفائدته في المجتمع.
اضافةتعليق
التعليقات