(اقرأ ) هو أول امر الهي نطق به الأمين جبرائيل حال نزوله على رسول الله وحبيبه المصطفى محمد (ص) عندما بعث نبيا لأمّته وهاديا ومبشرا ونذيرا، وفي هذا درس عظيم وعبرة لمن أراد العبرة التي تعكس لما لهذا الفعل من تأثير وصلاح للأمة وللفرد على حد سواء، فهل امتثلت أمّة اقرأ لهذه العضة وكانت بمستوى ومناط هذه المسؤولية الملقاة على عاتقها ومدى تاثيرها في رقي الانسان وصلاح فكره والارتقاء بمستواه الفكري والمعرفي ليحقق الغاية التي خلق من اجلها؟
لا شك ان الكثير منا يدرك بعض او كل ما ذكر وما يترتب على القراءة من أهمية وضرورة، لكن في ذات الوقت يجد اغلبنا مبرره المنطقي لتقصيره في أدائها وهو قصر الوقت وضيقه في ظل وتيرة التسارع التي يسير بها العمر.
شخصيا اجد ان تبريرا على هذه الشاكلة انما يعكس فلسفة ادارة الوقت من قبل الافراد بشكل سيء وغير منظم يعزز قولي ذلك ما وصلت اليه الاكتشافات العلمية العظيمة على يد كبار العلماء والمفكرين والاف الاشخاص الذين يقرؤون شهريا عشرات الكتب ولا يعانون من مشكلة قلة الوقت بينما يعيشون ايامهم بطول 24 ساعة لليوم الواحد و منذ الازل.
مشكلة الوقت
من البديهي ونحن نحاول ممارسة القراءة ان نواجه مشكلة الوقت بشكل او باخر، فمجرد ان نقرر القراءة دون تخصيص وقت ضمن اولوياتنا ونشاطاتنا اليومية لنقرأ فيه يعتبر مشكلة من شانها ان تجعل من هذا النشاط ضمن حيز الفكرة فقط ولا يرقى لمستوى التطبيق العملي، ولعلاج ذلك يتم تخمين وقت تقريب لقراءة الكتاب المحدد مثلا 8 ساعات ويتم جدولة هذه الساعات على ايام الاسبوع اي مثلا بواقع ساعتين لكل جلسة قراءة واحدة ويفضل تحديدها بالايام مثلا يتم تخصيص ايام السبت والاثنين والاربعاء (على سبيل الفرض ) بواقع ساعتين مثلا من الساعة 4 لغاية الساعة 6 عصرا ومن ثم يتم الالتزام بهذا المنهج لان خطة القراءة اصبحت واضحة وبالتالي يمكن تطبيقها بسهولة.
ومن الجدير بالذكر ضرورة تحديد مجموعة عناوين محددة لكتب من انواع وقطاعات مختلفة (علمية، ادبية، اجتماعية وغيرها ) لان عدم تحديد كتاب بعينه والتصميم على البدء بقراءته خلال مدة زمنية محددة يعطي فرصة وايحاء ضمني للعقل الباطن ان موضوع القراءة لم يصبح جاهزا بعد وبالتالي سيقوم بالايعاز للعقل الواعي بتأجيل قرار القراءة.
و تنصح الدراسات الحديثة الاشخاص الذين يبادرون بالقراءة بتغيير الكتاب فورا اذا لم يلق ترحيبا في اذهانهم وعدم الاستمرار ومتابعة القراءة لان ذلك يستهلك الوقت والجهد ويبعث اشارات سلبية للعقل مفادها ان هذا الشعور السلبي الحالي هو نتيجة فعل القراءة وليس بسبب هذا الكتاب تحديدا.
وبمجرد ان يتغلب الشخص على هذه المشاكل الرئيسية التي تعيق وتثبط من عزيمته في القراءة فأنه يكون قد تجاوز اهم العقبات ويصبح بأمكانه تحويل هذا النشاط الى سلوك دائم ومستمر يبحث عنه العقل الباطن عند غيابه ويدعو الى معاودته عند الانقطاع.
وتجدر الاشارة الى دور وسائل الاعلام في توجيه الانظار نحو هذا السلوك الرائع والنشاط الاهم عن طريق تفعيل دورها المرئي والمقروء والمسموع لحث الشارع على ممارسة نشاط العقل هذا، ولوحظ في الاونة الاخيرة اقامة نشاطات وفعاليات ميدانية لمجاميع شبابية واعية تشجع على القراءة والمطالعة مثل فعالية ( انا عراقي، انا اقرأ )، ومثل افكار المكتبات المصغرة التي تدعو الى استبدال كتابك بكتاب أخر وغيرها من النشاطات.
اخيرا، القراءة -الكنز المفقود- هي اهم وسائل كسب المعارف والمهارات وهي غذاء العقل الذي به تتكون الشخصية المستقلة والاراء الخاصة والمميزة لكل من يجد ان له نمط وبصمة تختلف عن الاخرين، وبها ترتقي الامم ودونها تمسخ الشعوب الى قبائل يسودها العقل الجمعي وتشيرها الخرافات ويودي بها الجهل الى مهاوي الانهيار.
دمتم قرّاءً مع سبق الابداع.
اضافةتعليق
التعليقات