في زاوية الصواب والخطأ كثيرا ما نعترف بدواخلنا هنا موقع الصواب وذاك الموقع أخطأت فيه، أما أمام الاعتراف للمقابل والتصريح بذلك فيقف الفرد في موقفين طريق يقوده الى الاعتزاز بالنفس ونكران الخطأ والاصرار عليه حتى لا تشوب صورته شائبة تقلل من حسن ظن المقابل فيه، وطريق آخر يعترف به أمام المقابل بأنه أخطأ في هذه المسألة أو كان ظنه خاطئا في موقف ما وبذلك يعترف أمام نفسه وغيره ويكون صادقا مع ذاته.
وفي خوض هذه التجربة مع المواطنين قامت بشرى حياة بجولة استطلاعية حول هذا الموضوع فسألنا بعض الاشخاص عن الاعتراف بالخطأ بالنسبة اليك هل يعد انتقاص من الذات أم أحتراما لها؟.
فأجاب محمد حبيب المياحي قائلا: الاعتراف بالخطأ فضيلة ولكن هذا لا يتأتى ما لم نتجرد من انانيتنا وفي نفس الوقت ينبغي أن لا تأخذنا العزة بالإثم أما بالنسبة لي تعلمت دائما أن اعترف بخطأي منذ علمت أن هذا التصرف شجاعة نفسية فريدة وانا لها.
وأما آمال الفتلاوي أجابت: أنا لست ملاكا والاعتراف بالخطأ يعني أن شخصية المعترف قوية بما يكفي كونه غير مصر عليه، وهذا يعني انه قادر على اقتفاء أثر الحق وتجنب طريق الباطل، وهذا يعطي للذات مساحة أكبر وإحترام بكل تأكيد كون الاعتراف تنقية لها من الشوائب.
وقالت إيمان كاظم الحجيمي: مسألة الإعتراف بالخطأ بغض النظر عن كونه فضيلة، لكن برأيي فإن هذا الموضوع تحديدا يخضع للنسبية بشكل كبير فما بين نوع الخطأ والإصرار عليه وبين تقبل الأشخاص وتفهمهم لنا في حال اعترفنا لهم طلبا للسماح أو رغبة في الشعور براحة نفسية فقدت بسبب توارد الأخطاء، لكن يمكنني الجزم بأنه مهما كان شعور الإعتراف قاسٍ حتما لن يكون أقسى من شعور الندم والصراع الداخلي الناتج عن تأنيبنا لذواتنا، ولعل أكثر أشكال الإعتراف أهمية هي اعترافنا لله عز وجل بأخطائنا المخبئة في جعبة نوايانا وأفعالنا ولأن التائب عن الذنب كمن لا ذنب له، فهذا مصداق على أن الإعتراف بالخطأ إحترام لذواتنا ورأفة بها لأنها تستبع الحذر من الوقوع في الخطأ في مستقبل الأيام.
وقالت منار قاسم: الخطأ سمة من سمات البشر وكل انسان معرض لذلك وليس عيب ان يخطأ المرء ولكن العيب ان يستمر في خطئه. والاعتذار هو سلوك حضاري يدل على الثقة العالية بالنفس وفن ومهارة شخصية واجتماعية.
ويؤكد المختصون في علم النفس انه من الجيد الاعتراف بالخطأ ولكن هذا ليس معناه جلد النفس والحكم على النفس بالفشل وعدم القدرة على النجاح بل ان الشخص يتعلم من الاخطاء اكثر من استفادته من التصرفات السليمة لانه يكشف نقاط ضعفه التي لابد أن يتعامل معها ليتغلب عليها. نحن بحاجة كبيرة لنشر ثقافة الاعتذار والتسامح وتعميمها في مجتمعاتنا ومناهجنا الدراسية ولن يحدث ذلك إلا حين نعمل نحن البالغين على تعديل سلوكنا العام وتربية أبنائنا على الصدق والصراحة أثناء تعاملهم مع الاخرين وبعدها نعلمهم فن الاعتذار وكيفية ومتى يعتذرون ولماذا، ان الاعتذار هو الاعتراف بالخطأ ودليل على قوة الشخصية التي تقدر ان الوقوع فيه لا يعني ان الشخص سيء بطبعه او انه فاشل بل هو إفصاح عن سوء الاختيار أو إخفاق في اختيار التصرف السليم وفي هذه الحالة الاعتذار يكسبك احترام الاخرين ويشجعهم على التسامح معك.
وقالت اسراء الفتلاوي: برأيي الاعتراف بالخطأ لا يعد انتقاص من الذات مطلقاً بل على العكس من ذلك تماما لانه كلما اعترف الشخص بالخطأ وبادر بتصحيح خطأه والاعتذار كلما شعر بالارتياح النفسي وابدى احترامه لنفسه وذاته، ومن شأن صفة الاعتراف بالخطأ والسعي الى تصحيحه انها تبين مدى رقي مستوى الذات التي عرفت خطأها، وكذلك يدل على معرفة الشخص بربه لأنه من عرف نفسه فقد عرف ربه، عندما يعرف قيمه ذاته فانها تقوده الى السعي لرضوان الله تعالى عليه.
فكلما ازداد رقي الانسان وثقافته المعرفية بحق نفسه وأقر بذنبه وخطأه واعترف بهما كلما زاد مستوى الاحترام للذات.
اضافةتعليق
التعليقات