جاء الشهر الفضيل، يطرقُ ابواب القلوب، يمنحُ دعوة ضيافته لكل العباد التواقين لموائد الرحمة والعفو..
شهرُ يدعونا لنكون في رحاب السمو الالهي، فكل حركة وسكنة منا عبادة، انفاسنا تسبيح ونومنا عبادة، والروحُ تعرجُ نحو ربها بعد ان غُلت الشياطين..
للسنة الثالثة على التوالي تحتضنُ جمعية المودة والإزدهار النسوية اُمسية رمضانية والتي كانت هذا العام تحت عنوان (رمضان يغيرنا) لتكون دعوة للتغيير واصلاح كل ما فسد جراء تلك العادات والتقاليد والسوء الذي يعتري ايامنا فيُخلفُ في النفس ما يسوءها ويحطُ بها نحو مدارج الرذيلة..
وقد حضرت الأُمسية التي اُقيمت في يوم الثلاثاء المصادف الرابع من شهر رمضان 1438 جمعُ من الكاتبات وبعض الاخوات الفاضلات التي لديها ميلا للعلم والثقافة..
حيث كانت المحطة الأولى عند ام محسن معاش حيث تطرقت الى جانبين مهمين:
الاول: ضرورة الإحساس بالمسؤولية حيث ان حس المسؤولية مع تقدم الإنسان وتطوره يعد أمراً لا بد منه، ولهذا فأن هذا الشهر يعتبر شهر التغيير وهذا (فضلُ ولُطف من الله)، فشهر رمضان هو فاصلة زمنية للتأمل والتفكر بأخلاقنا، اعمالنا وكل جوانب حياتنا، إذن فالتغيير الجوهري هو التغيير المطلوب واذا لم يُفعّل الانسان احساس المسؤولية عنده فلن يكن قادراً على التغيير.
الثاني: يقول الله ويقسم في كتابه العزيز (والعصر إنَّ الإنسان لفي خسر..).
وهنا يشير الله جل وعلا الى قضية حساسة جداً لابد من تفعيلها حتى يتحقق الجانب الاول الا وهي قضية الزمن واذا ما اردنا ان نُجَّدول معادلة التغيير فستكون كالآتي:
الإحساس بالمسؤولية + الزمان= التغيير ..
وقد عرجّت الى فضيلة ايام شهر رمضان المبارك وخصوصيتها في تغيير النفس وأيضاً أهم المناسبات التي يكتنفها هذا الشهر، والتي من ضمنها استشهاد السيدة خديجة (سلام الله عليها).
وكيف بالإمكان أخذها نموذج يُحتذى به اذا ما عرفنا ان الوظيفة التي أختارتها من باب احساسها العالي بالمسؤولية هي نصرة الأسلام بأنفاق اموالها وكل ثروتها لأجل نصرته..
المحطة التالية كانت عند العلوية ولاء عطشان حيث تطرقت: الى الآية الكريمة (قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها)، وكيف أنها تتناول مبدأ (التخلية والتحلية) والذي ينص على ضرورة التخلي عن الصفات والعادات السلبية قبل إكتساب اي عادة او صفة إيجابية، وكيف ان التخلية (هو تغيير جذري يحتاج الى جد، مقاومة، إرادة وثبات).
واما أم حيدر: فقد تناولت قوله تعالى؛ (إنَّ الله لا يُغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم..) وهنا يعطينا الله جل وعلا منهاجاً متكاملاً الى كيفية التغيير الا وهو ضرورة وجود خطة عمل شاملة خاصة لهذا الشهر الفضيل لما له من خصوصية خاصة ولما يتميز به من وجود عدد كبير من اللقاءات والزيارات بين المؤمنين والتي من شأنها ان تحصل الفائدة فيها..
ثم أشارت الى قوله تعالى (فاستبقوا الخيرات أين ما تكونوا..) وهي محطة تزود رائعة وقوة دافعة للانسان تحثه على العمل (إستبقوا..) اي وجوب العمل من اجل الحصول على التغيير.
وقد تطرقت أيضاً الى الحال المؤسف الذي آل اليه حالنا وقد شبهته بحال المريض الذي لديه وصفة الدواء ولكن يكتفي بقراءتها دون العمل بها، فهذا حالنا تماماً مع القرآن وتعاليمه ففي الوقت الذي يعتبر هو العلاج الشافي لكل المشاكل التي نعاني منها نكتفي بقراءته فقط دون تطبيق تعاليمه السمحة..
الوقفة الأخرى كانت عند رُقيَّة تاج وقد تناولت فيها حديث مولانا الجواد سلام الله عليه والذي وضَّح فيه قواعد التغيير الثلاث مُتمثلة ب:
المؤمن يحتاج الى توفيق من الله وواعظ من نفسه وقبول ممن ينصحه.
حيث أشارت الى إن:
١- التوفيق من الله هو اللطف الالهي الذي يحوط الأنسان وهذا يحصل عن طريق الورع و الدعاء مبينة الخطأ الكبير الذي يقع فيه الناس بتسمية التوفيق بالحظ وهذا خلاف العدل الالهي..
٢- واعظ من نفسه وهو الواعز الداخلي وصوت الضمير الذي يحفظ الانسان بأفعاله من الإنحراف نحو الخطأ.
٣- قبول ممن يعظه اذا كان صادقاً، هادفاً نحو النقد البناء وتصحيح السلوك لا الهدم وقتل روح العمل عنده..
كما و تطرقت الى ضرورة وجود (التوفيق) في حصول التغيير، ثم أشارت الى نقطة في غاية الأهمية وهي ضرورة عدم إطلاق الاحكام المسبقة على الناس وتأطرها باطارات واجتهادات شخصية..
والمحطة التالية كانت مع العلوية هدى الحسيني فقد قالت: ان شهر رمضان خطوة للتغيير، حيث أنه رحلة سنوية رغم المطبات التي قد تصادفها الا أنها يجب ان تحط بسلام. هكذا الانسان في هذا الشهر فهو ينطلق نحو الكمال الروحي وهذه المطبات هي ذنوبه التي تقف حائلاً دون تغيَّره.
كما توقفت عند حديث المولى علي ابن ابي طالب (سلام الله عليه) حيث قال: من تساوى يوماه فهو مغبون ، فكيف بمن تساوت سنتاه؟
خُذ على نفسك عهداً تغيَّر صفة غير محببة ولو كانت واحدة في هذا الشهر الفضيل وعندها ستعرف لذة هذا الشهر بطريقة مُغايرة تماماً.
الوقفة الاخرى كانت عند فهيمة رضا وقفت عند إلتفاتة مهمة الا وهي: الكل يبحثُ عن التغيير حتى يكسب الثواب فمتى نبحث عن التغيير لأجل التغيير نفسه؟
كما وأضافت الى حالة اللامبالاة التي تعتري الناس في هذا الزمان وكيف أنها آفة تستشري في المجتمع فتفك اوثق الروابط التي تجمعه..
ومع العلوية سكينة الموسوي كانت المداخلة الاخرى حيث تناولت بصورة علمية جميلة أهمية الصيام وتأثيره على الخلايا الميتة وتجديدها، حيث أن الصيام بحد ذاته يحدث إنعاش وتجديد للخلايا الميتة. وثم أشارت الى أهمية الاستماع الى القرآن الكريم حيث ان (من استمع الى ناطق فقد عبده) سلباً او إيجابياً ثم بينَّت التغييرات الايجابية التي تصنعها قراءة القرآن والتدبر فيه والتغييرات السلبية التي يتركها اللهو واللغو في الحديث، وحيثُ ان الشياطين مغلولة في هذا الشهر الفضيل لماذا يزداد اهل الفسوق فسقاً؟ لأنهم شياطين الأنس. اذن شهر رمضان هو غربلة توصل الانسان المؤمن الى سماء الدعاء والقرآن (وأن تجعل أسمي في السعداء).
المحطة التالية كانت عند أم محمد حيث تطرقت لنقطة غاية في الأهمية وهي اهتمام الناس بغذاء الجسد والعزوف عن غذاء الروح، وكيف كان السيد الفقيد محمد رضا الشيرازي (قدس سره) يضع على سفرة الطعام بجانب الاكل الكتب ويبدأ بالسؤال عن اهم المعارف والعلوم ليشير لهذه النقطة العظيمة.. وكم نحتاج لهذه الالتفاته العظيمة! عجبتُ لمن يهتم بغذاءه كيف لا يهتم لغذاء روحه وعقله؟؟
وإسراء الفتلاوي: تطرقت الى أثر الأمسيات الرمضانية التي اندثرت تحت عباية التطور، حيث اصبحنا نكتفي بتواصل المواقع الاجتماعية بدلاً من الزيارات واللقاءات التي تزيد المودة والالفة وتقوي الاواصر بين ابناء المجتمع..
وأما زهراء وحيدي اشارت: الى ان الخطوات الاساسية للتغيير هي إيمان كل واحد فينا برسالة معينة ثم اداءها بالشكل الصحيح في أي موقع كان وهذا هو التغيير، (إنَّ الله يأمركم أنَّ تُؤدوا الأمانات الى أهلها..).
هذا وقد كانت وقفة مروة خالد عند أفضل الاعمال وهو الورع عن محارم الله وهذا يتطلب المعرفة التي بدونها لا يمكن للانسان ان ينتشل نفسه من مستنقع الجهل..
وأما حنان حازم اشارت الى أهمية ردع النفس في هذه الايام والمواظبة عليها الى ما بعد هذا الشهر العظيم وضرورة ان لا يكون تغييرنا وقتي مرتبط بهذه الايام فقط..
سجى حليم أشارت: الى إن الانسان قادر على التغيير اذا ما استغل علاقته مع مواقع التواصل وعمَّل لنفسه #هاشتاكات خاصة:
أنك قادر على التغيير #انا_استطيع
ضرورة المراقبة الذاتية #رقابة_رمضانية
ضرورة التحلي بالتقوى #شبكة_رمضانية.
اما مروة الجبوري فقد اشارت الى نقطة مغايرة هذه المرة وهي الخاصية التي يتميز بها العراقي حيث أنه باستطاعته ان يحصل على شهادتين: شهادة تخرجه وشهادة موته إشارة الى إنتهاك حرمة هذا الشهر الفضيل بتجديد القتل والانفجارات، فالاحساس بمعاناة الآخرين وحمل همهم هي خطوة في سلَّم التغيير..
والختام كان عند مروة ناهض حيث تناولت لماذا عليَّ ان اتغير؟ وانطلاقاً من الآية الكريمة (ياأيتها النفس المطمئنة إرجعي الى ربك..) إشارة الى رجوع النفس لفطرتها السليمة الخالية من الذنوب وتحصيل الاطمئنان والذي يكون عند هذا الشهر أكثر من غيره من الشهور.
اذن فالتغيير هو بوابة ترجع بنا الى النفس المطمئنة التي فُطرنا عليها..
ثم أشارت الى ضرورة خلق توازن بين العفة واللذة وكيف ان هذا التوازن هو خارطة طريق نحو التغيير..
والجدير بالذكر ان جمعية المودة والازدهار النسوية تهدف إلى توعية وتحصين المرأة ثقافياً لمواجهة تحديات العصر والعمل على مواجهة المشاكل التي تواجهها وإعداد العلاقات التربوية الواعية التي تعنى بشؤون الأسرة وكذلك دعم ورعاية الطفولة بما يضمن خلق جيل جديد واعِ.
اضافةتعليق
التعليقات