تصبح كلمة امتحان بالنسبة للكثير من الطلبة والأسر حالة قلق وتوتر وخوف شديد، حتى أن هذا الخوف قد يمتد فيسيطر على نومهم، فيرى كثير منهم في نومه أنه تأخر على موعد الامتحان، أو أنه لا يستطيع تذكر ما قد ذاكره، وكذلك قد يصاب بعضهم بالأرق وفقدان الشهية وتسلط بعض الهواجس المُلحة، وغير ذلك من مظاهر القلق والخوف.
إجراءات كثيرة يتخذها الأهل أثناء فترة الامتحانات، حيث تتوقف الزيارات العائلية، مع رفع جهاز التلفاز من الخدمة، غلق الكمبيوتر، اختصار المكالمات الهاتفية إلى أقصى درجة ممكنة، وربما منع الحديث بين أفراد الأسرة في غير وقت الطعام إلا للضرورة القصوى، هذه بعض الإجراءات الامتحانية المشددة التي ترفع بها كثير من الأسر حالة الطوارئ إلى درجاتها القصوى مع كل موسم امتحانات، خاصة إذا كان بالبيت طالب أو طالبة، فيرتفع بذلك التوتر وتزداد درجات الشد العصبي وتتبدل أحوال الأسرة.
أمـر طـبـيـعـي
وعن آلية التعامل مع فترة الامتحانات، ترى حنين الحسناوي (ماجستير علم النفس التربوي) القلق الذي يصيب الطالب في أوقات الامتحان انه أمر طبيعي يدل على نشاطه العالي المستمر ويهيء نفسه لأدائه فيبقى ان على الطالب ان لا يصل به الحال إلى قلق عالي جداً بحيث يؤثر على خزن المعلومة.
وتضيف الحسناوي أن الاهل في أغلب الأحيان هم من يخلق القلق والخوف العالي لدى أبناءهم، في بادئ الأمر هناك آليات توجد للتعامل مع الأهل قبل الطلبة، على الأهل أن يتعاملوا مع امتحانات أبناءهم بشكل طبيعي ولا يطلبوا منهم درجات أكثر من طاقتهم، لأن الطالب إذا رأى أن أمنيات أهله لا تتوافق مع إمكانياته في الحصول على درجات عالية فيصيبه الإحباط ويؤثر على درجة الإحتفاظ بالمعلومة وبالتالي حتى مستواه يكون أقل من الطبيعي.
أما من ناحية آلية التعامل مع الطلبة هو تنظيم الوقت في كيفية تقسيم قراءة مادة الإمتحان، والراحة والنوم، والترفيه، مؤكدةً على الإهتمام بنوعية غذاء الطالب ان يكون نوعي أكثر من أن يكون كمي والإبتعاد عن تناول السكريات والمشروبات الغازية والمواظبة على تناول الإفطار ويكون متنوع وان يأخذ الوقت الكافي من النوم وان يهتم بالنظافة لأنها تبعث الراحة والإيجابية في نفسية الطالب.
وعن الإمتحانات وضرورة أن تكون فترة تتميز بالراحة والهدوء من قبل الأهل قالت: ان اهم شيء يمكن تطبيقه هو الإيمان والثقة بقدرات الطالب وامكانياته من قبل الأهل لأن هذا يُشعر الطالب بقوة الرغبة وان يعطي أكثر وأكثر.
حـالـة نـفـسـيـة انـفـعـالـيـة
نضال عبد الرضا (مرشدة تربوية) فتوضح أن القلق يعرف على أنه حالة نفسية انفعالية، ويقسم القلق إلى نوعين قلق طبيعي أو مايسمى بالقلق الإيجابي وهو الذي يكون دافعاً للمذاكرة والمثابرة والوصول إلى النجاح أما النوع الآخر فهو القلق السلبي والخوف من الإمتحان وهو الذي يأتي بآثار سلبية على مستوى الحفظ والمذاكرة وصعوبة النوم وحتى الامتناع عن الطعام خلال فترة الإمتحانات وظهور الكثير من الأمراض الجسمية منها الأرق، عسر الهضم.
وتضيف ان هذا النوع من القلق له أسباب عديدة منها:
ابتعاد الطلبة وأولياء الأمور عن التوكل على الله، فالمتوكل يعيش حالة الاطمئنان والرضا في جميع الأمور، فقدان الثقة بالنفس بالنسبة للطالب وفقدان ثقة الأباء بأبناءهم بحصولهم على مستوى دراسي عالي أو معدل يمكنهم من الحصول على كلية تحتاج إلى معدل عالٍ (كـ الطب والهندسة)، تدخل الأباء بأختيار نوع الدراسة لأبناءهم بعيداً عن رغباتهم وميولهم وقدراتهم وهنا التدخل يسبب القلق والخوف لأبناءهم من صعوبة تحقيق مايطمح له الأباء، يعيش الأباء والأبناء الخوف من المستقبل ففي بلادنا لا يوجد مصير محدد للذي ينهي دراسته إلا بعض المجالات الدراسية، كثير من الطلبة لا يعتني بالتحضير اليومي، لا يهتم بتنظيم الوقت ولا يعتمد طرق المذاكرة الصحيحة مما تسبب تلك العوامل القلق والخوف من الإمتحان.
أما منال العبيدي (معلمة لمادة اللغة الإنكليزية) قالت: أسباب القلق والهواجس المخيفة من رعب الإمتحانات هي في الأصل مخاوف تنتقل من الأباء إلى الأبناء لأن الطالب لا يستطيع تقدير آثار وتبعات نتائج الامتحان والمستوى الدراسي وتأثيره على مستقبله وإن شُرح له الأمر، لذلك هو يكتسب الخوف من أصحاب المسؤولية وهم الوالدين بالدرجة الأولى ومن الدائرة المحيطة بالدرجة الثانية، موضحةً أن الحال يكون واضح على الطالب منذ مراحله الدراسية الأولى بسبب ان الأهل يكونوا قلقين في أبسط الأشياء فيزرعون الخوف منذ البداية عند الطالب ويبقى ينمو بداخله ويصاحبه طيلة حياته الدراسية والنتيجة ان القلة القليلة هم الذين ينجون من هذا الخوف الذي في كثير من الأحيان يفقدهم مستواهم الجيد في التعلم والتذكر مع الأسف.
والحل هو ان الطالب يجب أن يُحبب بالدراسة منذ الطفولة بشتى الطرق ولا يقارن بأحد حتى بأخوانه وان يكتشف الوالدين ميوله ورغباته الحقيقية لتوجيهها الوجهة الصحيحة، فلكل إنسان شخصيته ورغباته التي إذا صقلت بالشكل الصحيح ستخدمه وتخدم المجتمع.
ليس شرطاً أبداً أن يكون الجميع أطباء أو مهندسين لكن المهم البحث عن الجوهرة الكامنة في شخصية كل إنسان لصقلها وتنميتها.
للأسرة دور كبير في تخفيف حدة القلق والتوتر الذي يصاب به الطلبة، وعن ذلك تحدثت إيمان داوود، ربة بيت، ولديها أبناء في مراحل دراسية مختلفة أن ابنتها آية الطالبة في المرحلة الاعدادية تعاني من أعراض القلق الناتجة عن رهبة الإمتحان، وقالت ان ذلك يظهر جلياً من خلال سلوكها وتعاملها مع أفراد أسرتها داخل المنزل، الذي يتسم بالعصبية والصراخ في بعض الأحيان، معللةً هذا السلوك السلبي بأنه نتيجة الأرهاق رغم ثقتها بأنها أعطت كل الجهد المطلوب لدراستها من خلال متابعتها لتحضيرها اليومي بشكل منتظم، مضيفةً أيضاً أن التنافس بين الطلبة وخصوصاً مابين البنات في التحصيل العلمي له أكبر الأثر في نفسها ومدى تركيزها في الإمتحانات.
تـجـارب طـلابـيـة
من جانبها تلفت نرجس سمير وصديقتها رقية عامر، مرحلة متوسطة، إلى أنه احياناً ينتابهن خوف عندما يكن غير منجذبات لمادة معينة وأسئلة الإمتحانات تؤهل للنجاح أو للرسوب، وتقول إحداهما: لم نصادف في حياتنا أن منعنا أولياء أمورنا من الخروج أو مشاهدة التلفاز لأنهم يثقون بنا.
تقول فاطمة حسين إحدى طالبات المرحلة الإعدادية أنه مع بدء موعد الإمتحانات تتزايد المخاوف والهواجس عندها، لا سيما أن مادة الفيزياء من إحدى المواد التي تشكل لي قلقاً كبيرا، وهناك مجموعة أسباب وراء رهبة الامتحان عند بعض الطلاب، من بينها عدم الإستعداد الكامل للإمتحان، وقلة الثقة بالنفس والتي تؤثر بالنهاية على تركيز الطالب خلال الإمتحان، وبينت فاطمة أن تخطي مثل هذه العقبات والحواجز النفسية يساهم بتفريغ الإجابات والمعلومات على ورقة الإمتحان، ويحقق النتيجة المطلوبة.
اضافةتعليق
التعليقات