اعتادت العوائل العراقية بشكل عام ومنها الكربلائية على عادات وطقوس في شهر الله، شهر رمضان المبارك أو الشهر المقدس كما يحلو لهم أن يسموه.. إذ يشعرون بالفرح والقيمة المعنوية والتربوية لهذا الشهر العظيم الذي يغمرنا بالخير والألفة على مدى أيامه ولياليه حينما يحل علينا ضيفا من كل عام.
كانت لـ (بشرى حياة) جولة استطلاعية تنقل من خلالها جانبا من الطقوس الرمضانية المحببة لأهالي كربلاء والمدن الأخرى:
جولة ميدانية
امتلأت الشوارع المجاورة للحرم الحسيني بالزائرين وهم يفترشون الأرض بمحاذاة مرقد أبا عبد الله الحسين وأخيه أبا الفضل (عليهم السلام) حاملين معهم زادهم وزوادهم وهم يسارعوا في تجهيزه قبل أن يرتفع صوت المؤذن، التقينا الحاجة أم رسول من ناحية (عون) حدثتنا قائلة: في كل عام من رمضان نحضر للإفطار قرب مرقد إمامي الحسين (عليه السلام) إني أخجل من شرب الماء وسيدي استشهد عطشانا.
وأضافت: إني أتبرك وأنا أجلس بقرب حرمه المقدس اعتدت أنا وأولادي وأحفادي في القدوم للإفطار في كل ليلة جمعة إذ تعد هذه العادة من الطقوس المحببة إلى قلبي في الشهر الفضيل أدامها الله علينا نعمة حفظها الله من الزوال.
وفي حديثنا مع أم ايلاف من أهالي مدينة (النجف الأشرف) عن العادات الرمضانية قالت: العادات الرمضانية جميعها جميلة وأحلاها تجمع الأهل على سفرة واحدة بشكل اجباري ففي الأشهر الباقية تكون وجبة العشاء متقطعة بحسب حضور الأبناء إلى البيت فكل منهم يدخل البيت بوقت مختلف وذلك لطبيعة عملهم أما في الشهر المقدس يكون تجمعهم على سفرة الإفطار بوقت واحد بدون نقاش وهذا أجمل الطقوس المحببة لقلبي فضلا عن الختمة القرآنية التي احضرها في بيت جيراننا مع نسوة المحلة.
بينما بدت سهير عبد العباس من كربلاء (موظفة هندسة معمارية) ممتعضة من بعض العادات الرمضانية التي يجب أن تحرص عليها السيدات والرجال وهي الإسراف والتبذير في شراء المؤونة وتحضير أنواع عدة من الأصناف، قالت سهير: إن الصائمين بعد الإفطار لا يمكنهم تناول أكلات متنوعة أو حتى الطعام المتبقي ليوم آخر مما تضطر ربة البيت بالتخلص من الطعام الفائض عن الحاجة برميه في القمامة وهذا بحد ذاته اسراف بلا مبرر، ونحن في الشهر الفضيل نطلب الرحمة والمغفرة والتقرب إلى الله بصالح الأعمال وليس بتنوع الطعام والمبالغة بتحضير أنواع الأصناف فإن الله لا يحب المسرفين، كما علينا الاقتداء بسيدنا الامام علي والسيدة فاطمة الزهراء (عليهم السلام) وسائر أهل البيت بزهدهم في الحياة الدنيا فليس بالضروري أن نكثر الطعام بل علينا أن نكثر الدعاء لزوال هذا البلاء لتعود الحياة امنة ببركة شهر رمضان الكريم.
ألق يتجدد
ونحن في ضيافة الشهر المقدس نرى أن لرمضان ألق يتجدد كل عام حيث يلتزم غالبية المسلمين بشعائر الشهر الكريم من صيام وصلاة وتلاوة القرآن الكريم، والتراصف صفوفا استعدادا لصلاة الجماعة في مشهد مهيب، أما المساجد فتمتلئ بالمصلين من مختلف الفئات العمرية، جاعلين من هذا الشهر فرصة طيبة لمراجعة الذات وتقويم السلوكيات ونبذ كل ما يمحو فضائله على الصائمين، فضلا عن تبادل الزيارات بين الأقارب والأصدقاء وتجمع الأسرة بجو عائلي حميم تسوده المودة وطيب النفوس على مائدة الإفطار والذي تحرص عليه الأم حتى ولو بدا إفطارهم بسيطا فهو في نظرهم أطيب ما يكون، وهذا من فضائل الشهر المبارك.
اضافةتعليق
التعليقات