تشكل ظاهرة إطلاق النار عند العشائر إحدى الظواهر الاجتماعية الخطرة التي يعاني المجتمع العراقي من تفشيها وبصورة مخيفة خاصةً في الأفراح والأحزان، مثلاً أثناء مراسيم تشييع شيخ العشيرة (الـعـراضـة) أو مناسبات فوز المرشحين أو فوز المنتخب بـكرة القدم التي شهدها المجتمع على امتداد القرى والمدن في العراق من الجنوب إلى الشمال والوسط، إذ خلفت هذه الظاهرة كوارث مأساوية كثيرة في الأسر والعائلات، ذهب ضحيتها عدد غير قليل من الأبرياء وقد أجـريـنـا اسـتـطـلاعـاً حـول هـذه الـظـاهـرة..
الآراء
الـشـيـخ عـبـد الـحـسـيـن الـتـمـيـمـي قـال: أن ظاهرة إطلاق العيارات النارية في المناسبات الاجتماعية وغيرها من المناسبات تعتبر من الظواهر السلبية وذلك لما لها من تأثير على حياة الناس حيث ازهقت أرواح العديد من الأبرياء وروعت الكثير وهي تهديد حقيقي للأمن والسلام وكذلك تعتبر هذه الظاهرة مخالفة شرعية نصت عليها الفتاوى الشرعية بـإجماع علماء ومراجع الدين على مختلف مذاهبهم وخلفياتهم الدينية وكذلك لـتعارضها مع القانون النافذ للدولة، كان ومايزال رأينا ثابتاً حول هذا الموضوع وقد عبرنا عنه في كثير من المناسبات وهو الرفض القاطع وذلك حفاظاً على حياة الناس وبراءة الذمة اتخذنا العديد من التدابير ومنها إعتبار هذه الظاهرة من المحرمات التي يتحمل مرتكبيها التبعات العشائرية والقانونية لوحدهم وقد ثبت في دستور العشيرة وبلغ بـه الجميع.
أمـا الـمـحـامـي نـعـيـم الـعـنـزي اوضـح لـنـا بـأن ظاهرة العيارات النارية تعد من الظواهر السلبية المنتشرة في المجتمع العراقي وتشكل خطراً وعلى الأغلب تؤدي إلى ارتكاب الجريمة ومن خلال عملنا في المحاكم سجلت لدينا حالات عديدة ورفعت إلى التحقيق وان القانون بيَّن موقفه ممن يرتكبونها، مرتكب هذا الفعل جنحه عقوبتها بين ستة أشهر وسنة.. وفي السابق في الأعراس كان يتم حجز العروس والعريس لحين تسليم مطلق النار نفسه... وهي ظاهرة مستهجنة خاصةً بـالفواتح والعراضات مما حدا بـبعض الشيوخ أن يوصي بـأن بعد وفاته لا يجوز إطلاق العيارات النارية... علماً أن التفسير الشرعي لـمطلق النار مع علمه بأن اطلاقته سوف تقتل شخصاً هي قتل بـالعمد وتقوم الأطراف المجنى عليها بـدعوى جزائية ضد الجاني والقانون يأخذ مجراه في المحاكم.
فـيـمـا قـال الـدكـتـور سـلـيـم جـوهـر: ان دراسة الظواهر الإجتماعية لا يمكن أن تتم بمعزل عن ظروفها وملابساتها المتمثلة باقسامها المضمرة وظروفها الآنية، فـالظاهرة ترجع إلى تقليد عشائري يتمركز حول القوة والوجاهة وهي تتعلق أنثروبولوجيا بالانوية والسؤال اذا كانت الظاهرة ذات جذر قبلي لماذا تحدث في المدينة أيضاً وهنا يمكن لنا أن نفترض أن العشيرة قد غلبت المدينة فزحفت ثقافة الريف على ثقافة المدينة، ويمكن أن نفترض أيضاً هو نوع من التعبير عن الغضب الذي يحاصر الإنسان نتيجة للمأزق الوجودي الحياتي اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وامنياً وبـالتالي هو نوع من الاحتجاج، ولاننسى أن ضعف القانون سبب مشجع وليس سبباً أصيلاً في وجود هذه الظاهرة، وبحكم عملي كـطبيب شاهدت العديد من الإصابات لمختلف الأعمار.
الـرأي الاجـتـمـاعـي
الباحث الإجتماعي جـسـام مـحـمـد الـسـعـيــدي قـال: ظاهرة إطلاق العيارات النارية عند الفرح ناتجة اجتماعياً من التقاليد الريفية والبدوية في ازمان سابقة، وقد انتقلت للمدينة في ازمان لاحقة بسبب ضعف تطبيق القانون الذي يمنع ذلك تشريعاً وبـالتأكيد فإن منع الظاهرة يحتاج إلى تفعيل تطبيق القانون، ولا حل أسرع من ذلك، وحتى يحصل هذا التفعيل أمامنا أمرين، مؤقتين لفئتين من الناس:
الأول: ردع الفئات ممن يقومون بهذا الفعل غير القانوني اصلاً من تلك التي تتبع علماء الدين، بإصدار الفتاوى بهذا الشأن، وكان للمرجعية الدينية العليا دور كبير في ذلك، حيث امتلأ موقعها بالعديد من الإجابات لأسئلة بهذا الشأن، طوال سنوات سابقة، خاصةً في فترة ضعف تطبيق القانون وكثرة هذه الظاهرة خلال الـ ١٤سنة الماضية، فنهت عن إطلاق العيارات النارية واعتبرت ذلك حراماً، وبيّنت أن من يُصاب بها يتحمل المُطلق تبعات ذلك شرعاً، كـالدية وغيرها.
الثاني: ردع الفئات التي لا تأتمر بأمر علماء الدين، بـالضوابط الاجتماعية المرعية بين الناس، كـالمقاطعة الاجتماعية لـمطلق العيارات، أو الشكوى لدى عشيرته، أو إظهار الامتعاض من تصرفه، مما يجعله منبوذاً اجتماعياً.
رأي الـشـرع
الـشـيـخ عـقـيـل الـحـمـدانـي قـال: تشكل ظاهرة إطلاق العيارات النارية في هذه الأيام ظاهرة متفشية على صعيد كبير في وسط المجتمع فـباتت تستخدم للتعبير عن الفرح والحزن وتشييع شهيد والرجوع من الحج وكثيرمن المناسبات التي عسكرت المجتمع فاقترنت بـالسلاح والرصاص.. ومن أهم التعاليم الإسلامية هو حفظ النظام الأسلامي تجاه المجتمع ولذا فـقلوبنا متألمة لما يصدر من بعض الفئات داخل مجتمعنا الشريف من إطلاق العيارات النارية، وهذا يؤدي إلى خلق الرعب والخوف وخصوصاً عند الأطفال حيث وصلت الحالة عند بعض الأطفال إلى ان يصاب بـالموت جراء هذه الحالة الغريبة، وكذلك وقعت حالات قتل غير متعمدة، فوجه بعض الشباب سؤاله للمرجعية العليا في النجف الاشرف ان ماهي نصيحتكم وارشاداتكم لهذه الفئات التي نأمل منها الطاعة والانصياع لحكم الله عز وجل؟
فكان الجواب: "لايجوز إطلاق العيارات النارية بلا مبرر اذا كان سبباً لأرعاب الناس واذاهم، ويتحمل المسؤولية الشرعية كل من يتسبب في موت أو قتل او جرح على تفصيل مذكور في محله، فهذه الظاهرة بسبب ماتتبعها من السلبيات منافية للعرف والأخلاق وننصح كافة الاخوة المؤمنين بـالتجنب عنها وفق الله الجميع لما فيه الخير والصلاح".
اضافةتعليق
التعليقات