كان الإمام الكاظم (عليه السلام) أكثر صلة لرحمه من غيره، وأكثر صلة لفقراء المدينة حتى أنه كان يحمل إليهم كل ليلة الذهب والفضة والخبز والتمر، وهم لا يعرفونه ومن كرمه إعتاق ألف مملوك في سبيل الله عزوجل.
وروي عنه الأحاديث الكثيرة، وكان أفقه أهل زمانه، واحفظهم لكتاب الله، واحسنهم صوتاً لتلاوة القرآن، وكان يتلوه بحزن حتى كان يبكي كل من سمعه، ولقّبه أهل المدينة بزين المجتهدين، وقيل له (عليه السلام) الكاظم لكظمه الغيظ وصبره على ما لقي من ظلم الظالمين حتى قتل في سجنهم وكان يقول: "إني لأستغفر كل يوم خمسة آلاف مرة".
وقد تعرض الإمام الكاظم إلى الكثير من المعاناة ومن ظلم الطغاة في عصره، حتى اشتهر (عليه السلام) بإسم الكاظم للغيظ، على إثر ما لاقاه من ظلم الحكام والناصبين والحاقدين على أهل بيت النبوة.
وروي بإن الإمام الكاظم كان يقوم الليل للتهجد والعبادة حتى الفجر، فيصلي صلاة الفجر يبدأ بالتعقيب إلى طلوع الشمس، ثم يظلّ ساجداً إلى قبيل الزوال، وكان كثيراً ما يقول: "اللهم إني أسألك الراحة عند الموت والعفو عند الحساب".
وقال كمال الدين محمد بن طلحة الشافعي في حقه:
(هو الإمام الكبير القدر، العظيم الشأن، الكثير التهجد، الجاد في الإجتهاد، والمشهود له بالكرامات، المشهور بالعبادة، المواظب على الطاعات، يبيت الليل ساجداً وقائماً، ويقطع النهار متصدقاً وصائماً ولفرط حلمه وتجاوزه عن المعتدين عليه دعي كاظماً، كان يجازي المسيء بإحسانه إليه، ويقابل الجاني عليه بعفوه عنه، ولكثرة عباداته كان يسمى بالعبد الصالح، ويعرف في العراق بباب الحوائج إلى الله، لجنح المتوسلين إلى الله تعالى به، كراماته تحار منها العقول، وتقضي بإن له عند الله تعالى قدم صدق لا يزول.
وقال ابن الأثير: "كان (عليه السلام) يلقب الكاظم لأنه كان يحسن إلى من يسيء إليه وكانت هذه عادته ابداً".
كان الإمام الكاظم كأجداده الطاهرين، يحث على نشر العلوم الدينية، والمعارف القرآنية، وما ورد عن رسول الله والعترة النبوية ويبين فضل ذلك وثوابه الجزيل.
وقال موسى بن جعفر (عليه السلام): "من أعان محباً لنا على عدو لنا، فقواه وشجعه حتى يخرج الحق الدال على فضلنا بأحسن صورة، ويخرج الباطل الذي يروم به أعداؤنا في دفع حقنا في أقبح صورة، حتى ينتبه الغافلون، ويستبصر المتعلمون، ويزداد في بصائرهم العالمون، بعثه الله يوم القيامة في أعلى منازل الجنان، ويقول: يا عبدي الكاسر لأعدائي، الناصر لأوليائي، المصرح بتفضيل محمد (صلى الله عليه واله وسلم) خير انبيائي، وبتشريف علي (عليه السلام) أفضل أوليائي، وتناوي من ناواهما، وتسمي بأسمائهما وأسماء خلفائهما، وتلقب بألقابهم، فيقول ذلك ويبلغ الله ذلك جميع اهل العرصات، فلا يبقى كافر ولاجبار ولاشيطان، إلا صلى على هذا الكاسر لأعداء محمد، ولعن الذين كانوا يناصبونه في الدنيا من النواصب لمحمد وعلي (عليه السلام).
اضافةتعليق
التعليقات