ألا يكفي جمال الطبيعة وروعة الحياة، لكي نتمتع بوجودنا، ونعيش بأمان من دون الإيمان بالله؟
الجواب:
أولا: اذا كنت تعيش في مكان رائع وفي أمن وأمان واخبرت بأن وراء الجبل مجموعة كبيرة من الاعداد يتهيؤن للهجوم على المدينة التي انت فيها ليفنوها مع من فيها، فهل تجلس وتقول: لا داعي لتنغيص العيش والقلق لأني اتمتع هنا بجمال الطبيعة وروعة الحياة وأعيش في امان، أليس هذا عين الجهل والاغترار؟
ثانيا: ان الإنسان ذو أبعاد، فلا يكفي له جمال الطبيعة، لأن الإيمان بالطبيعة وحدها يؤدي بالانسان الى التفاهة والعبثية وعدم البحث عن أهداف وجوده في هذه الحياة، فإن تأكل لتعيش وتعيش لتأكل، وترتاح لتعمل وتعمل لترتاح، وتقضي الليالي والأيام لا لسبب إلا لكي تقضي الليالي والأيام، هذه تفاهة، بينما الإيمان بالغيب يكشف لك عن الغاية من وجودك، والغاية من عملك.
ومن دون وجود غاية لوجود الإنسان وعمله، فهو يعيش في حلقة مفرغة لا تنتهي به الا إلى العبثية والتفاهة.
الإيمان حاجة حقيقة
يقول الملحدون: ان المؤمنين بالله كثيرا ما يتحدثون عن ضرورة الإيمان بالله، لأن هنالك فجوة مهمة في حياتنا لابد أن نملأها بالإيمان.
إن المؤمنين يرون بأن هنالك حاجة نفسية للإيمان بالله، باعتباره صديقا متخيلا، أو أبا أو الأخ الأكبر، أو شخصا محل ثقة، ولابد من إشباع هذه الحاجة، سواء كان الله موجودا أم لم يكن.
فلماذا نملأ فجوة (الحاجة إلى الإيمان بالله) بما هو وهم او متخيل، أو غير واقعي، أو غير علمي؟
لماذا لا نملأ هذه الحاجة بالعلم، بالفن، بالصداقة الإنسانية، وبحب الطبيعة، بل وبالتطرف في الإيمان بالطبيعة، اي بحب الحياة في العالم الحقيقي، بدون الحاجة بحياة أخرى خلف القبر؟
الجواب: انا لا اعرف ان كان هنالك من يدعي بأن الإيمان بالله إنما هو مجرد حاجة نفسية بسبب وجود فجوة في حياتنا لابد أن نملأها بالإيمان.
نحن نقول لابد من الإيمان بالله لأن الله موجود، ولأن الكون مخلوق وكل مخلوق له خالق، ولأن هذا العالم عالم حقيقي وليس عالما خياليا، ولا توجد حقيقة بدون صانع لها، إذ لا يوجد شيء واقعي _حتى مجرد تمثال غير جميل _بلا صانع.
ثم لنفترض ان هنالك فجوة في روح الإنسان ونحن بحاجة إلى أن نملأها.
السؤال هو التالي: لماذا وجدت هذه الفجوة؟ هل هنالك من اوجدها لتملأ بالإيمان بالاله، ام انها جاءت عن طريق الصدفة؟
ان كان هنالك من اوجدها، فلابد أنه اوجدها لكي يتم الحجة على البشر، ولا يكون لهم عذر يوم القيامة اذا لم يؤمنوا بالله تعالى، فربنا قد خلق فجوة في نفوسهم وأرواحهم ليملؤوها بالإيمان به.
إضافة إلى ان الملحدين لا يمانعون من الإيمان بأي شيء، كالايمان بكائنات موجودة في عالم الخيال، أو بأرواح تأتي من الكواكب الأخرى، أو بالحجر أو بالمدر أو بالنهر أو بالجبل او غيرها، إلا انهم حينما يصلون إلى الإيمان بالله تعالى يشككون، فالمهم عندهم هو ان لا يؤمن احد بالله عز وجل، فلا مانع لدى الملحدين من ان يضعوا اي شيء، مهما كان سخيفا، في ادمغتهم، ويملؤوا هذه الفجوة التي يتحدثون عنها بأي شيء لكن ليس بالله عز وجل، بل بالتطرف في الإيمان بالطبيعة مثلا.
اخيرا إن الحاجة إلى الإيمان بالله تعالى ليس لوجود فجوة في أرواح الناس، بل لان الإيمان بالله حقيقة يأمر بها العقل وهو حاجة حقيقية، وأيضا لأن الإيمان بوجود عالم آخر بعد الموت هو إيمان بحقيقة كائنة، سنراها ونعيشها بعد موتنا.
اضافةتعليق
التعليقات