من نعم الله علينا ان جعل جميع البشر يتشابهون فيما بينهم هيكليا إضافة الى التشابه بالأجزاء العضوية من ابسطها وادقها واعقدها واصغرها واكبرها، فلم نجد يوما ما ان شخصا كان له قلبان او معدتان او ثلاث اعين الى اخره مما يحوي الجسم في داخله وخارجه وان كان اختلافا فهو بسبب الطفرات الوراثية او التشوهات.. ثم أفاض علينا نعمة أخرى وهي نعمة العقل التي تَمَكَن الإنسان من خلاها ان يُسخّر ما يوجد تحت ارادته من أعضاء بشكل صحيح ومُوجه.
وقد تمكن نسبة كبيرة من الناس السيطرة على هذه الأعضاء الارادية وحواسهم الظاهرة والدفينة في اغلب المواقف ابتي تواجههم في الحياة.. لكن ما خرج عن السيطرة عند اغلب الأشخاص وشذ عن المعتاد هو "اللسان" ذلك العضو الذي لا يتجاوز السنتمترات بطوله والمستور في باطن الفم، يذوق المر ويحس بطعمه دونا عن باقي الأجزاء التي تمتلك حواسا لكنه يبحث عن المر وما يؤذيه فيتأثر ويؤثر به، ففاق بذلك اليد في تأثيره.... ذلك الجزء البارز والقوي الذي يستطيع ان يحمل عشرات الكيلوغرامات فيخسر بالمواجهة مع جزء لو برزت عليه بثرة لأثقلته.
ففي خضم الحياة الزوجية يلعب اللسان دورا في جعل الحياة اما متوّجة بالحب والود والاحترام، او يجعلها اشبه بحرب فيها ينتظر كل شخص ان يتفوق في استخدام افضل الكلمات المتهجمة للرد على الشريك، وبالنهاية تكثر الشجارات والمشاحنات التي تنتهي دائما لما هو اسوء كالعنف الاسري او يتعداه للطلاق.
ان للزوجة دورا بارزا في نمو هذه المشاحنات ولا نقل باننا نلقي اللوم عليها او نسلب منها حق الرد او التبرير، ولا نريد ان نجعل منها عديمة الشخصية او نمحو وجودها ونجعلها ترضخ للإهانة، بل نطمح ان تتجنبها لتبقى محترمة امام ناظري الزوج والأطفال ومن يحيط بهم اثناء خوض تلك الشجارات ،لان لو تمعنا جيدا في اغلب المشاكل التي تتطور ما بين الأزواج نجدها تتطور غالبا جراء الرد والمواجهة والتي تعتبرها الزوجة بمثابة دفاع عن النفس او ما تسميه الزوجات" اخذ الحق"، لكن اغلب الحق يضيع نتيجة الرد بالصراخ والكلام الجارح والبذيء لينتهي بمشكلة أولها كلمة واخرها ندم، فقد روي عن امير المؤمنين عليه السلام انه قال :ان اكثر خطايا ابن ادم في لسانه،
وقال عليه السلام: الا وان اللسان الصالح يجعله الله للمرء خير له من المال يورثه من لا يحمده.
ولمنع او للحد من تصعيد الصراع اثناء النزاعات اللسانية عليك بما يلي:
1 معرفة السبب الحقيقي الذي يحصل من اجله الشجار، وهل هو تقصير من قبل الزوجة او اهمال، او نتيجة ضغط العمل خارج المنزل فيلجأ الزوج للشجار ويجعله كالمتنفس من تلك الضغوطات، وهي النقطة الأهم لان معرفة ذلك سيساعد على وضع اول نقاط الحل.
2 السكوت: تلجأ اغلب الزوجات الى السكوت عندما يبدأ زوجها بثورة الغضب وتعتبره احتراما لنفسها ولمكانتها فليس من اخلاق المسلم رد الإساءة بالمثل فعن الرسول صلى الله عليه واله :من صمت نجا.
3 قول الكلام الحسن والجيد والابتعاد عن الرد بكلمات جارحة او منرفزة وان كان المقابل قد تجاوز، فاغلب ثورات الغضب تمتص بالكلام الطيب والجميل لان" الكلام الخارج من القلب يذهب الى القلب".
4 التفكير قبل الرد ودراسة جوانب الحديث ومعرفة ابعاد كل كلمة ستقال وستخرج من الفم لان اثارها قد تستمر لمدى بعيد فعن امير المؤمنين عليه السلام : كم من دم سفكه فم.
5 اتاحة الفرصة للزوج لإبداء رأيه دون مقاطعة ولآخر كلمة، وتأييده اثناء ثورات الغضب بما يقول، وتأجيل ابداء وجهات النظر المعاكسة الى وقت اخر.
قد تقول بعض السيدات انها لو لم ترد على زوجها فانه سيتمادى اكثر في الشجار..
ونقول لها ان مثل هكذا ازواج تكاد نسبتهم لا تتجاوز ال 5% من الرجال، وان كان زوجك يحب الرد والجواب والتبرير لكنه لا يحب التمادي والصراخ والكلمات الغير مستساغة، بل الرد بالكلام الطيب والحسن والاعتراف بالخطأ مباشرة لو كان الموضوع الذي يحصل بسببه الشجار ناتج عن تقصير من قبلكِ.
وأخيرا نقول لك سيدتي ان من يبحث عن حياة سعيدة يجب ان يسعى جاهدا في ذلك، لذا التجئي الى الكلام الطيب اللين المملوء بالمودة والرحمة، والمميز بالهدوء لأنك ستجعلين بذلك منزلك جنة ونعيما.
اضافةتعليق
التعليقات