في خطوة غير معتادة في المجتمعات العربية، نشرت نساء على صفحات فيسبوك وتويتر قصصا كن قد أخفينها طويلا عن حالات تحرش تعرضن لها، بعضها يعود إلى أكثر من عشر سنوات.
وجاء ذلك كجزء من حملة التوعية التي أطلقتها الممثلة الأمريكية الشهيرة أليسا ميلانو التي دعت نساء العالم لاستخدام هاشتاغ "MeToo" أو "أنا أيضا" بعد فضيحة منتج هوليوود الكبير هارفي واينستين الذي يواجه اتهامات بالاعتداء والتحرش.
وخلقت هذه الحملة نوعا من التضامن والدعم "الافتراضي" على صفحات التواصل الاجتماعي بين أشخاص، معظمهم من النساء، تحدثوا عن حوادث تحرش مروا بها في مجتمعات تغيب عنها قوانين تجرم التحرش.
روى سابا، صحفية ومعدة برامج تلفزيونية من لبنان، كانت واحدة من بين هؤلاء النساء.
كتبت روى عن أول حادثة تحرش تعرضت لها في عمر الـ 14 وعن حوادث أخرى تبعتها، وقالت ل(بي بي سي): "هذه هي المرة الأولى التي أشعر فيها أن يدي كانت تسبق أفكاري وأنا أكتب البوست (...) كنت أرجف.. هناك تفاصيل نسيتها أو بالأحرى تناسيتها.. وعندما بدأت الكتابة، عادت التفاصيل كلها إلى مخيلتي".
تقول روى إن هذه هي المرة الأولى التي تتحدث فيها عن حادثة التحرش التي مرت بها في طفولتها، "بعد نشر البوست كلمتني صديقاتي من المدرسة وسألنني عن الشخص ولماذا لم أتكلم من قبل.. ارتحت كتيرا عندما تحدثت عن هذه الحادثة".
أما عن حادثة تحرش أخرى تعرضت لها روى من قبل أحد أفراد العائلة، فتقول: "تكلمت عن هذه الحادثة قبل سنة فقط مع أعز صديقاتي، ومنذ شهر فقط أخبرت صديقي عنها... حتى أن أهلي لم يكونوا على علم بها. احتجت أكثر من عشر سنوات لأتمكن من الحديث عن هذه الموضوع".
ورغم "شجاعة" هذه الخطوة من نساء نشأن في بلاد تحكمها عادات اجتماعية مقيدة للمرأة، قالت كثير من النساء لبي بي سي إنهن حتى الآن لا يجرؤن على نشر ما مررن به.
وشاركت عدد من النساء العربيات قصصهن فقط مع الأصدقاء على صفحات التواصل الاجتماعي، بدلا من المشاركة العامة، كما أن كثيرات كتبن باللغة الانجليزية بدلا من العربية.
وفضلت شابة تعيش في لندن ألا تتحدث أكثر عن الموضوع "كي لا يفكر الناس أن ما مرت به كان شيئا خطيرا".
وعموما، يعتبر حديث النساء في المجتمعات العربية عن تعرضهن للتحرش "تابو اجتماعي" لأنه قد يؤثر على "سمعة الفتاة".
ولا تتوفر احصائيات في كثير من البلاد عن حالات التحرش، لكن مركز البحوث والدراسات والتوثيق والإعلام حول المرأة في تونس كان قد نشر مؤخرا دراسة جاء فيها إن أكثر من 50 بالمئة من نساء تم الحديث معهن تعرضن للتحرش في أماكن عامة.
وكان البرلمان التونسي قد أقر مؤخرا قانونا لمكافحة العنف الموجه ضد المرأة ومعاقبة المتحرشين، وأطلق حملة لمواجهة التحرش في وسائل النقل العام.
كما صنفت مؤسسة طومسون رويترز القاهرة في تقرير - رفضته السلطات المصرية - كـ "أخطر" مدينة كبرى في أنحاء العالم" فيما يتعلق بمدى حماية النساء من العنف الجنسي، ومن العادات الثقافية المؤذية، ومدى وصولهن إلى مستوى جيد من العناية الصحية والتعليم والدخل.
وشارك عدد كبير من النساء المصريات قصصا شخصية عن حوادث تحرش مررن بها على صفحات فيسبوك وتويتر.
أستاذ علم نفس: المجتمع المصري يصمت على التحرش الجنسي
- قال الدكتور هانى هنرى، أستاذ علم النفس بالجامعة الأمريكية في موقع (اليوم السابع)، إن هناك صمتا فى المجتمع المصري على التحرش الجنسى بجانب لوم الضحية وتعنيفها، ويجب تغيير هذه السلوكيات بموقف حاسم حتى لا نشجع الناس على فعلها.
وأضاف هنرى، خلال حواره مع الإعلامى عمرو أديب ببرنامج "كل يوم" المذاع عبر فضائية ON E، أن هناك تشجيعا مبهما للتحرش الجنسي في مصر عبر الأعمال الفنية، مطالبا بتمكين المرأة في المجتمع منذ النشء، مشيرا إلى أن إثبات واقعة الابتزاز الجنسي فى مصر يتطلب شهودا.
ومن جانبه قال اللواء عفيفى كامل، عضو اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس النواب، إن هناك فرقا بين التحرش والابتزاز الجنسي والرشوة الجنسية، وكل منها له نصوص تجرمه في القانون.
التحرش الجنسي: مرضٌ نفسي وأثرٌ روحي وخللٌ اجتماعي
نقلا عن موقع (كلام صحة): سجلت الدول العربية خلال السنوات القليلة الماضية ارتفاعاً مخيفاً في عدد حالات التحرش الجنسي، ولعل المثير للقلق حيالها هو حدوثها في أماكن عامة أمام أعداد كبيرة من الناس، الذين لسبب أو لآخر قرروا الوقوف على الحياد.
جرأة تصل حد الوقاحة من متحرش. ضحية مقيدة بمجتمعات غالباً ماتمنعها من الاعتراض، أو الحديث عما تعرضت له، وحكومات لا تعير هذه الآفة الخطيرة أي اهتمام مقابل دور محدود لجمعيات معنية بحماية المرأة وحقوقها.
من هو المتحرش جنسياً؟
من الناحية اللغوية فإن المتحرش جنسيًا هو كل شخص مارس فعل التحرش الذي يشمل (تقديم مفاتحات جنسيّة مهينة وغير مرغوبة ومنحطّة وملاحظات تمييزيّة). أما من الناحية العلمية فإن مسألة التحرش ودراسة سلوك المتحرشين بشكل عام تعتبر مسألة معقدة يتداخل فيها العديد من الخبراء بدءًا من الطب النفسي والعلوم الجنائية مرورًا بعلوم الاجتماع ووصولًا إلى علوم الدين. ويشير بعض مختصي الطب النفسي الجنائي إلى وجود عوامل خاصة ترتبط بالمتحرشين جنسيًا.
مواصفات المتحرش
تعتبر مسألة وجود نمط واحد واضح وثابت وذي مواصفات خاصة للمتحرش، يعدُّ أمرًا غير دقيق من الناحية العلمية، جميعنا بالتأكيد يريد معرفة نمط معين للمتحرشين بما يمكننا من اتخاذ إجراءات وقائية لحماية أخواتنا وبناتنا، ولكن الواقع والدراسات العلمية تفيد أنه لا يمكن تصنيف المتحرش في المطلق وفق معايير شكلية أو جغرافية أو اقتصادية.
صفات المتحرشين
- السلوك العنيف بشكل عام.
- عدم القدرة على بناء علاقات حميمة.
- الاشتغال العقلي الكبير بالأمور الجنسية المختلفة سواء الخيالات الجنسية أو الأنشطة والأحاديث المرتبطة بالجنس.
- وجود معتقدات عقلية تبرر التحرش.
- عدم الاستقرار المادي والعائلي.
- وجود مشكلات في التحكم في الذات.
- الاستمتاع بإزعاج الآخرين وإهانتهم
هل المتحرش يعاني خللاً نفسياً؟
تعتبر الأمراض النفسية المختلفة من أكثر العوامل ارتباطًا بمسألة التحرش؛ لذا فإن التحرش يعبر عن خلل نفسي، وتشمل قائمة الأمراض النفسية المرتبطة بالاعتداءات الجسدية: – أمراض الفصام والشيزوفرينا – إدمان الكحول والمخدرات – صعوبات التعلم – اضطرابات الشخصية المختلفة – التغيرات المرضية في القشرة المخية.
كيف يمكن معالجة التحرش الجنسي؟
معالجة التحرش الجنسي كمشكلة اجتماعية عامة مهمة مستحيلة، لكن التعامل مع الآفة خطوة تلو الأخرى قد يحد من سرعة انتشارها. البداية يجب أن تكون من العائلة، وهنا يأتي دور الجمعيات المعنية بحقوق الإنسان والمرأة والطفل والمؤسسات الاجتماعية التابعة للحكومات. والمهمة هنا لا تتعلق بأهل يقومون بتنبيه أولادهم لمخاطر التحرش، بل بتوعية الأهل أنفسهم على نتائج أساليب تربيتهم وتحميلهم المسؤولية حين يخطئون. قانونياً يمكن للعقاب أن يشكل رادعاً للمعتدي، ويجعله يفكر مرتين قبل الإقدام على التحرش أو الاعتداء على ضحيته.
أما على الصعيد الفردي فالمتحرش وفق المفهوم العلمي، هو شخص مريض يحتاج إلى علاج نفسي يرافقه تواصل عائلي صحي يقوم من خلاله الأهل بالحديث بشكل منفتح عن التحرش. ومن الضرورة بمكان التحلي بالصبر، والاستماع لوجهة نظر ولدكم «المتحرش أو المتحرش المحتمل» عن مبررات التحرش، يتم بعدها مناقشة كل نقطة بشكل منفصل. يجب الابتعاد عن التخويف والتهديد والوعيد، فهذا لن يخلق سوى ردة فعل سلبية، يمكن توضيح التحريم الديني والتجريم القانوني للتحرش، ونظرة المتجمع لمن يقوم بالتعدي على الآخرين.
أخصائيون: تثقيف الطفل جنسيًا يبدأ من الأهل
أجمع أخصائيون على ضرورة تثقيف الطفل جنسياً، حيث تقع أولاً على عاتق الأهل، وذلك عندما يبلغ عمر الطفل أكثر من عام، ويعني بالثقافة هي كيفية الحفاظ على أعضاء الجسم وعدم السماح لأحد بلمسها، فضلاً عن تثقيف الأطفال بالتغيرات التي ستطرأ عليهم في مرحلة البلوغ.
فيما قالت أمين سر جمعية الاجتماعيين البحرينية بشرى مطر: “إن تثقيف الطفل جنسياً يبدأ من الصغر، إذ إن من المهم مراعاة تقديم هذه المعلومات بأسلوب علمي بسيط وحضاري لا يتنافى مع القيم والعادات المجتمعية، ولابد أن يقوم الأهل بهذا الدور منذ البداية”.
وأضافت: “من المهم أن تقدم معلومات متنوعة إلى الطفل عن جسده ونوع جنسه وأعضائه وأن كل عضو له دور مهم في حياة الإنسان وأهمية عدم السماح لأحد بلمس أعضائه وخصوصاً الأعضاء الخاصة وتعريفهم بالتغييرات التي ستطرأ عليهم، على أن تكون المعلومات المقدمة لهم تتناسب مع تقدمهم العمري”.
التحرش الجنسي والمرض النفسي: كيف يمكن التوفيق بينهم؟
التحرش الجنسي بمثابة نمط سلوكي أو سيكولوجي، يجعل الشخص يشعر بالضيق أو العجز عن الإنجاز والركود، وبالتالي يشعر بالكراهية لنفسه، وهذا لا يعد جزءاً من النمو العقلي والثقافي الطبيعي لمهارات الإنسان، وهو ما يعبر عنه بالمريض النفسي، لأنه يشعر بضيق شديد وبالتالي يعجز حل المشاكل الاجتماعية التي يمر بها.
كما أن هناك أنواع مختلفة من الأمراض النفسية كالوسواس القهري والرهبان النفسي والقلق النفسي لا يسعنا أن نتحدث حولهم.
اضافةتعليق
التعليقات