كالمصباح يضيء ليل الدجى وطريق الاجيال هو شمس التاريخ وأحد الانوار الإلهية .
رحلة في غور عالم عظيم، في رحلتي الى مدينة امير المؤمنين وعند المقام المعطر بعبق الياسمين ابصرت مسنّا يقف متكئاً على باب الحرم الشريف والدموع فجرت مآقيه لتسلك طريقها على خديه وتغور في تجاعيد وجهه، كأنه وحيدا في هذا الكون العظيم فاقدا للادراك من حوله كأنه جدار على وشك ان يهوى على الارض وروحه تريد ان تزهق بينما شفتيه تردد: (السلام عليك يا امير المؤمنين. السلام عليك يا امين الله في ارضه وحجته على عباده، اشهد انك جاهدت في الله حق جهاده، وعملت في كتابه واتبعت سنن نبيه حتى دعاك الله الى جواره وقبضك اليه بأختياره والزم اعدائك الحجة بمقتلهم اياك)..
ثم اجهش بالبكاء وانهار ارضا وكأنه حقا يعرف المقامة الحقة لأمير المؤمنين وليس فقط ماذكرته الكتب وألقته المنابر، وبعدما رأيت ذاك الهول العظيم شعرت بقشعريرة تسري في جسدي، هنيئا له عبراته ودموعه التي سقت مقام الخير مقام علي باب العلم (عليه السلام).
ان يوم 21 رمضان 40 للهجرة اليوم الذي يتوشح فيه الاسلام السواد وتلقي المنابر خبر رحيل امير المؤمنين نحو السماء الى العرش العظيم بجانب الجبار، تروى استشهاده على مر السنين وكأنه اليوم قد استشهد بنفس العبرات والحزن ووشاح السواد على امير المؤمنين (عليه السلام).
هو علي بن ابي طالب وليد الكعبة، حسن الوجه وكأنه القمر ليلة البدر، هو اول من اسلم هو زوج ريحانة الرسول ام ابيها فاطمة الزهراء عليها السلام ووالد السبطين الحسن والحسين ومنه سلالة النور من المعصومين هو حامل لواء الرسول (ص).
حتى قال الرسول الاكرم في حقه (انت مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لانبي بعدي )(١).
وقال تعالى في محكم كتابه: (( إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا * الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون )(المائدة اية 55).
حيث لاريب كان نزولها بحق امير المؤمنين عليه السلام حيث تصدق وهو راكعا في الصلاة بخاتمه، ولقد اذهل الدنيا كلها بحياته فمنذ اللحظة الاولى تبدأ المعجزات والمناقب له حيث حظي عليه السلام من اوسمة السماء ما لم يحظ به غيره من المسلمين منذ يومه الاول وحتى يومه الاخير فلقد ولد في الكعبة بيت الله الحرام وتوفي ساجدا راكعا لله عز وجل .
المرتضى (عليه السلام) تعلّم علوم الدين من القرآن المجيد ومن تعاليم الرسول الأكرم الأعظم محمّد المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم)، فالأنوار الإلهية والأضواء النبوية تصدر من كلام مولانا وسيدنا الإمام علي المرتضى صلوات اللّه وسلامه عليه. وعلى الأسس والأصول الدينية والتنزيلية، مثلما نقرأ في الآية الكريمة (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)، يرتكز التأويل الإلهامي الذي نجده في الأفكار العلوية في الخطبة الاُولى في نهج البلاغة: " أوّل الدين معرفته وكمال معرفته التصديق به وكمال التصديق به توحيده وكمال توحيده الإخلاص له وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه... فمَن وصف اللّه سبحانه فقد قرنه ومَن قرنه فقد ثنّاه ومَن ثنّاه فقد جزّأه ومَن جزّأه فقد جهله ومَن جهله فقد أشار إليه ومَن أشار إليه فقد حدّه ومَن حدّه فقد عدّه..."(2).
فهنيئا لمن يطوف بحضرتك مظلوما، وهنيئا لمن يشكي همومه بحضرتك يا سيف النبي ويا فرحة المسكين ويا باب الصبر لكل من نفذ صبره.
(اَلسَّلامُ عَلى صاحِبِ النَّهْيِ وَالْفَضْلِ وَالطَّوائِلِ وَالْمَكْرُماتِ وَالنَّوائِلِ، اَلسَّلامُ عَلى فارِسِ الْمُؤْمِنينَ، وَلَيْثِ الْمُوَحِّدينَ، وَقاتِلِ الْمُشْرِكينَ، وَوَصِيِّ رَسُولِ رَبِّ الْعالَمينَ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ، اَلسَّلامُ عَلى مَنْ اَيَّدَهُ اللهُ بَجبْرِئيلَ، وَاَعانَهُ بِميكائيلَ، وَاَزْلَفَهُ فِي الدّارَيْنِ، وَحَباهُ بِكُلِّ ما تَقِرُّ بِهِ الْعَيْنُ، وَصَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلى آلِهِ الطّاهِرينَ، وَعَلى اَوْلادِهِ الْمُنْتَجَبينَ، وَعَلَى الْاَئِمَّةَ الرّاشِدينَ الَّذينَ اَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ، وَفَرَضُوا عَلَيْنَا الصَّلَواتِ، وَاَمَرُوا بِايتاءِ الزَّكاةِ، وَعَرَّفُونا صِيامَ شَهْرِ رَمَضانَ، وَقِراءَةَ الْقُرْآنِ، السلام عليك ياامير المؤمنين).
اضافةتعليق
التعليقات