إذا كنت في مركز الضعف، وكان عدوك في مركز القوة، كان هناك عاملان مهمان لانهيارك، خصوصاً إذا كان البون بينك وبين عدوك شاسعاً، فكان عدوك يملك كل أنواع السلاح، وأنت لا تملك أياً من أنواع السلاح. هذه النقطة الاولى من عوامل الهزيمة لديك، وهي ضعفك.. وقوى العدو.
2. عدم استعدادك:
حارب جيشان، فانهزم أحدهما، فسأله الناس عن سبب انهزامه؟ قال رئيس الجيش المنهزم: كان هناك أربعون علّة لانهزامنا، الأول: فقدنا العتاد..
قال السائل: كفى، ولا أحتاج إلى عدِّك بقية العلل والأسباب – إشارة إلى أن فقدان العتاد والسلاح عامل أساسي في الهزيمة - .
3. الأعدام لا تؤثر.. ولا تتأثر:
المعروف عند بعض الحكماء أن الأعدام وإن لم تكن وجودات، إلا أنها قد تكون منشأ لبعض الآثار في الجملة.
يقولون: إنك لا تسافر لأنك لا تملك السيارة، ولا يصح أن يقال: إنك لا تملك السيارة لأنك لا تسافر. ويقولون: إنك لا تواصل الدراسة لأنك لا تجد المدرس ولا تجد الكتاب ولا تجد الوقت الكافي..، فإذا حصل عندك الوقت الكافي فإنك أيضاً لاتتمكن من المواصلة، لأن هناك عدمين آخرين حالا دون دراستك.
لكن الصحيح أن الأعدام لا تؤثر ولا تتأثر، بل إن الوجود فقط علة ومعلول.. فإذا كان معلول عدمي مستنداً إلى عدة من الأعدام، لا يكفي انقلاب أحد الأعدام إلى الوجود في أن ينقلب ذلك العدم المعلول إلى الوجود.
4. الأمنيات الفارغة:
من الأخطاء: الأماني الفارغة حتى في أصغر الأشياء، إن ثمن بيضة حمام فلسان – مثلاً – ولكنك إذا تمنيت البيضة بدون أن تبذل الفلسين أو أن تطلبها ممن يعطيك إياها مجاناً، كنت على غير صواب، أليس هكذا؟. وقد ورد في الحديث: "إن الأماني بضائع النوكي" والنوكي: جمع أنوك، بمعنى الأحمق.
فإذا كانت الأماني بضاعة الأحمق حتى في ما ثمنه فلسان، فماذا ترى في ما ثمنه ألف بليون دينار؟
وإذا كانت الأمنية الحصول على ما ثمنه فلسان بدون سلوك الطريق الموصل حمقاً (مرة)، فأمنية الحصول على ما ثمنه ألف بليون دينار بدون سلوك الطريق الموصل حمق (ملايين المرات).
5. التقليد الأعمى:
قال أحدهم: دخلت خزانة الحمام، فرأيت شيخاً كبيراً يغتسل، وينوي هكذا: "أغتسل غسل الحيض قربة إلى الله تعالى".
قلت له: لماذا هكذا تنوي؟
قال: فكيف أنوي؟
قلت: نية الغسل الذي عليك.
قال الشيخ: اذهب يا...، فهل أنت أعلم أم أمي، فقد جئت معها إلى الحمام حين كنت صغيراً مرات، وكانت تنوي هكذا..
6. الطموح.. وانعدامه:
وكان بقالان شرعا في البقالة، ورأس مال أحدهما: مائة دينار، ورأس مال الثاني: عشرة آلاف. وبعد أعوام، صار رأس مال الأول: مائة ألف، ورأس مال الثاني: أحد عشر ألفاً.
فكان البقال الثاني يفرح، لأنه ربح ألف دينار!.
العبر والدروس من القصص:
هل سمعت هذه الأمور؟
وهل عرفت من عنيت؟
إن أعداء المسلمين في أعلى مراكز القوة، وإن المسلمين في أحط مراكز الضعف، فهل يمكن – والحال هذه – أن يرتفع المسلمون إلى مستواهم، أو يتفوقوا عليهم بمجرد الأماني؟
إن الأولين يملكون الحياة – الكثير منها – والمسلمين لا يملكون أي مقوّم للحياة، فهل – والحال هذه – يمكن تقدم المسلمين؟
إن المسلمين انهزموا لألف علة وعلة، فإذا فرضنا أننا تغلبنا على بعض العلل فهل يكفي ذلك لإنهاض المسلمين ولنهضتهم؟.
لقد واجهت أناساً ينسبون تأخر المسلمين إلى عدم الاتحاد..
وآخرين ينسبونه إلى عدم توفر القدر الكافي من رجال العلم.
وآخرين ينسبونه إلى عدم النظام..
وآخرين ينسبونه إلى عدم وجود القيادة الصحيحة..
فهل إن الأسباب منحصرة في أحد هذه الأمور أم جميعها، أم هناك أسباب أخرى؟
فهب أنّا وحدّنا الجهود، ووفرنا القدر الكافي من أهل العلم، ونظمنا شؤوننا، وسلّمنا الأمر إلى قائد حكيم، ثم لم يكن لنا علم بالحياة، ولم تتوفر لنا الأسلحة الكافية، فهل ننجح؟.
الجواب: كلا، إلا إذا أخذنا بسائر أسباب الحياة، وسائر مقومات الرقي والتقدم.
إذاً.. سبب واحد كاف في الهزيمة.. ولكن لا يمكن النصر إلا بتوفر كل الأسباب..
وهناك مسلمون يظنون أن الأماني كافية لإنهاضهم، ولذا لايكدحون إلا لأجل ثوب يلبسونه أو طعام يأكلونه أو ...، ولكن هل الأماني تكفي؟.
كلا..
ثم إنّ الأماني على ثلاثة أنواع:
1. أمنية أن الأوضاع هي بنفسها تنقلب إلى الخير.
2. وأمنية أن الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) يأتي فيصلح، فننتظر ظهوره من دون عمل أو بذل جهد، غير مبالين بقوله سبحانه: "وقل اعملوا".
3. وأمنية أن غيره يقوم بالإصلاح.
فهل إنهاض المسلمين أقل أهمية من طعام فطور؟ فلماذا لا تتمنى لأجل الطعام، بل تكدح ليلاً ونهاراً؟ لماذا لا يقال: لعل الصدفة تأتي له بالغداء؟
وإذا قلت: إن الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) سيظهر، فتصبح الدنيا جنة صالحة فآكل من ثمارها دون كدح.. فلم لا تقول ذلك في إحضار طعامك اليومي.
نعم تجديد الحياة يحتاج إلى الكدح والعمل حتى إذا ظهر الإمام (عجل الله تعالى فرجه الشريف).
اضافةتعليق
التعليقات