هل تذكر في سيناريو حياتك أن شخصاً قدم لك يد المساعدة في يوم من الأيام أو وقف إلى جانبك وأنت كنت بحاجة لتلك المساعدة هل شكرته على هذه المساعده؟؟ وهل شعرت بالامتنان تجاه هذا الشخص؟
وهل كان لديك في يوم ما معاملة عند إحدى المسؤولين من أصحاب المناصب أو حاجة فسهلها لك وأتمها ذلك الشخص وقدم لك يد المعونة والمساعدة ماذا كانت ردة فعلك؟ هل فرحت بذلك؟ وهل شكرته على هذا الفعل؟ وهل كنت ممتناً له؟؟
هل تذكر أن شخصا قدم لك هدية تحبها... ففرحت بها.. وشكرته عليها.. عندما قدم لك هذا الشخص الهدية ألم تشعر بقرب هذا الشخص منك؟؟ ألم تتعلق به؟ ألم تزداد العلاقة بينكما أكثر؟
فكيف إذا قدم الله تعالى لك هدية أفلا تفرح بها؟؟ ألا ينبغي لك أن تشكره عليها؟؟
وكم مرة قدم لك الله سبحانه وتعالى يد المساعدة ويد المعونة وكم مرة وقف إلى جانبك إذ تخلى كل الناس عنك وكم مرة سهل لك حاجاتك ويسرها لك،
والسؤال هنا كيف يمكن لي أن أشكر الله سبحانه وتعالى على هذه النعم العظيمة؟
وحتى يصل العبد إلى تمام الشكر يجب أن يكون الشكر على ثلاثة أنواع:
أولاً: شكر الله.
ثانياً: شكر الوالدين.
ثالثاً: شكر الناس.
أولاً: شكر الله
له ويأتي هذا النوع من الشكر في المرتبة الأولى من أنواع الشكر فلذلك ينبغي على الإنسان أن يشكر الله سبحانه وتعالى خالقه ومبتدعه الذي خلقه من العدم وأنشأه ورزقه الوجود في هذه الحياة، وكذلك على جميع نعمه التي أنعم به عليه فيشكره على نعمة الصحة والعافية ويشكره على نعم الأمن والأمان؛ هاتان النعمتان اللتان يفتقدهما الكثير من البشر والكثير من الخلق فإذا دخلنا إلى المستشفى مثلا وجدنا كثيرا من الناس يتألمون ويتأوهون من شدة مرضهم وأوجاعهم وحتى أن هناك بعضهم يتمنى الموت من شدة ألمه وأوجاعه ونحن في خير من ذلك كله وفي أتم الصحة والعافية أفلا ينبغي أن نشكر الله سبحانه وتعالى على هذه النعمة العظيمة ونطلب منه دوامها علينا، لأن كل إنسان معرض إلى هذا الابتلاء فواجب الإنسان دائما أن يطلب من الله تعالى دوام نعمه عليه ويحمده ويشكره عليها.
أما النعمة الثانية فهي نعمة الأمان وكثيرا منا يجهل قدر هذه النعمة ولا يلتفت لها ونحن نرى الكثير من الأمم كيف تبادل وتهجر بسبب الحروب وويلاتها ونحن في أمن وأمان من ذلك، أفلا ينبغي لنا أن نشكر الله تعالى على هذه النعمة العظيمة ونطلب منه عز وجل دوامها علينا..
وكذلك من الواجب للمسلم على أخيه المسلم أن يدعو له بالنصر على الأعداء والأمن والأمان في بلاد المسلمين وهذا هو أقل ما يفعله المسلم وكذلك الدعاء للمرضى بالشفاء والعافية فعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: (نعمتان مجهولتان الصحة والأمان) صدق أمير المؤمنين (عليه السلام).
وعن مولانا الصادق (عليه السلام) أنه قال: (النعيم في الدنيا الأمن وصحة الجسم وتمام النعيم في الآخرة دخول الجنة).
أولسنا الآن في نعيم!! ألا ينبغي لنا أن نشكر الله تعالى على هذا النعيم وهذه النعم ونطلب منه عز وجل دوامها علينا وعدم زوالها لماذا نشتكي؟! ونكثر من الشكوى أوليست هاتان النعمتان تغمرنا عطفا من الله ولطفا وكرما وتفضلا ما ألطف الله بنا!! وما أكثر نعمه علينا التي لا نستطيع عدها ولا إحصائها مهما حاولنا.
وعلى من يريد منا معرفة بعض من نعم الله سبحانه وتعالى عليه فليقرأ سورة الأنعام ففيها تعداد للكثير من النعم الإلهية على الإنسان، فالواجب على كل مسلم في كل صباح أول جلوسه من النوم أن يبدأ أولا بحمد لله وشكره أن جعله يستيقظ ويصحو ليوم جديد يستطيع به عمل الخير ويستطيع به مساعدة الناس ويستطيع به طلب الرزق لعياله ويستطيع به فعل الكثير والكثير من الأعمال الحسنة..
ثانيا استشعار نعم الله تعالى عليه فيجب على الإنسان أن يستشعر هذه النعم بقلبه وينطق بها لسانه عندما أتذكر أنه في يوم من الأيام دفع الله عني بلاء كنت واقعا فيه لا محاله وفي يوم من الأيام وقعت ابنتي من الأرجوحة ولولا ستر الله عليها لكانت في حالة سيئة جدا لكن بفضل الله تعالى ومنّه علي دفع عني هذا السوء والبلاء.
وفي يوم كنت أسير في سيارتي وكنت في حالة من النعاس فسهت عيني في نوم ولولا ستر الله علي لكنت من الهالكين لكن الله تعالى رأف بي ورحمني وستر علي ودفع عني البلاء.. فعندما نفكر بنعم الله تعالى علينا وألطافه الخفية بنا تكاد أن لا تدركها عقولنا ولا نستطيع عدها أو احصائها ومن هذه النعم الكثيرة كذلك نعمة الإيمان بالله تعالى ونعمة الإسلام أوليست هذه من النعم العظيمة التي يجب على الإنسان أن يستشعرها ويشكر خالقه عليها.
قال تعالى: (ولقد آتينا لقمان الحكمة ان اشكر لله ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن الله غني حميد) لقمان آية 12.
ونلاحظ من خلال هذه الآية الكريمة كأنما الحكمة هنا مرتبطة بشكر الله ففي القرآن الكريم جاء في العديد من السور القرآنية إن الشاكرين لأنعم الله تعالى هم الحكماء والعلماء والعارفون، وقوله تعالى ومن شكر فإنما يشكر لنفسه: أي إن نفع هذا الشكر وفائدته تعود على الإنسان نفسه الذي يقوم بالشكر. وقال تعالى في سورة أخرى (وإذ تأذن ربكم لأن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد) سورةإبراهيم آية٧ .
وذكرت كلمة الشكر في 43 آية من آيات القرآن الكريم .
أقول.. وإذا أراد الإنسان استذكار هذه النعم فيجب عليه بقراءة دعاء الجوشن الصغير أو سماعه فهذا الدعاء يعد كثيرا من نعم الخالق الكثيرة على الإنسان والتي هو في حالة غفلة عنها.
وجاء في رواية أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يقوم الليل حتى تتفطر قدماه ساجدا لله تعالى راكعا قائما قاعدا فقالت له عائشة يا رسول الله لما تصنع هذا وقد غفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر فقال لها الرسول (صلى الله عليه وآله) يا عائشة أفلا أكون عبدا شكورا.
فنرى في هذه الرواية أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) يعلم المسلمين ضرورة الشكر لله تعالى ويعبر عنها بالصلاة والتهجد والعبادة والذكر بالقلب واللسان وكذلك اطالة السجود شكرا لله على كرمه ونعمه ويكون ذلك بعد كل صلاة واجبة. وقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام): (من لم يحيط النعم بالشكر فقد عرضها زوالها) وعنه عليه السلام قال: (شكر النعمة أمان من حلول النقمة).
ثانياً: شكر الوالدين
قال تعالى في كتابه الكريم (ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وحمله وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير)، سورة لقمان آية 14 .
ويأتي في المرتبة الثانية من بعد شكر الله سبحانه وتعالى شكر الوالدين على عطائهما وتفانيهما وتضحيتهما من أجل أولادهم، ونلاحظ بأن الله سبحانه وتعالى قدم الوالدة على الوالد وذلك بسبب تضحيتها اللامتناهية من أجل أولادها فإن وظيفتها تقع على الوتر العاطفي أكثر من الأب، فإنها تتحمل الآلام والأوجاع من أجل أطفالها وذلك عن طريق الحمل والولادة والرضاعة والتربية وإلى آخره من هذه المهام الكثيرة التي لا يستطيع أحد تأديتها غير الأم، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (من أرضى والديه فقد أرضى الله ومن اسخط والديه فقد اسخط الله).
فلذلك نلاحظ بأن رضا الله وشكره مقترن برضا الوالدين وشكرهما وقد جاء في رسالة الحقوق للإمام علي بن الحسين (عليه السلام) أنه قال: (وأما حق أبيك فتعلم أنه أصلك وأنك فرعه، وأنك لولاه لم تكن، فمهما رأيت في نفسك ما يعجبك فأعلم أن أباك أصل النعمة عليك فيه، واحمد الله واشكره على قدر ذلك)، وقال الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام): ((إن الله عز وجل أمر بالشكر له وللوالدين فمن لم يشكر والديه لم يشكر الله).
ثالثا: الشكر للناس
وهو في المرتبة الثالثة من أنواع الشكر، وقد قال الإمام الرضا (عليه السلام): (من لم يشكر النعم من المخلوقين لم يشكر الله عز وجل)، وجاء في حديث آخر (من لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق)، وعن الإمام زين العابدين (عليه السلام): (يقول الله تبارك وتعالى لعبد من عبيده يوم القيامة اشكرت فلانا؟؟ فيقول بل شكرتك يا رب، فيقول لم تشكرني إذ لم تشكره).
فإن نعم الله عز وجل وأرزاقه عندما تأتي على الإنسان يسخرها له الله تعالى على يد بشر من الناس.. فيخبرنا أئمتنا (عليهم السلام) أن من الواجب علينا شكر الناس الذين سخر الله تعالى لنا فضله وكرمه على أيديهم، والذين هم في المقدمة أقول وهم رسوله محمد (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته الطيبين الطاهرين ويليهم باقي البشر من الناس.. قال تعالى في كتابه الكريم ((اعملوا آل داوود شكرا وقليل من عبادي الشكور)) سبا اية .13 .
ختاما نقول اللهم اجعلنا من عبادك الشاكرين.. الذاكرين.. الحامدين.. القانتين.. الساجدين.. المسبحين.. يا رحمان يا رحيم وصلى الله على رسوله وآله وسلم.
اضافةتعليق
التعليقات