إن من يتشدد أو يُغالي في كل تفاصيل حياته هو في الحقيقة متطرف من النوع المزمن، حيث أن غرامات عقله المتبقية لم تُسعفهُ في تجاوز كم العُقد المهولة داخل جمجمته، فبالغ في الحِدة حتى أنه عظّمَ الأمور فتعاظمت عليه .
ثم خسر عذوبة الحياة لمجرد أنه أغفل سلاستها، فقيد عقله بالعِتمة ونأى بنفسه عن ضوء النهار .
إن هذا الكائن المتزمت هو في الواقع يكمُن داخلنا.. قد تتجلى صورة منه على الأقل، فنصارع معه بؤس الشعور .
نراه تارة في ذلك العاشق الشغوف.. من يتعصب في مشاعره المجنونة فيتشدد في تعلقه التام للشيء أيا كانت وجهته، سواء لحبيب، فريق، صديق، أو حتى حُلم وطموح .
وأحيانا أخرى نراه متحيزا بل عابدا للمال، للمنصب، أو حتى لوظيفة ما.. الخ من الأصنام، وأوثان الطراز الحديث .
إنَّ فك التعلق لهكذا ارتباطات، هو في الحقيقة وعي مُتقدم، حتى وإن كان انتماءك لفكرة ما.. على مستوى تطوير الذات مثلا.. قناعتك بهذه الفكرة قد تكون مؤقتة بما يتلائم مع مستوى وعيك الحالي.. وبالتالي فهي تناسبك حاليا، ولكن.. بكم الأفكار الكبير قد تُثريك فكرة غيرها، أو قد تطوف خيالك أفكارا أخرى ترفعك لمستوى أعلى من التبّصُر.
ومن الطرافة المحببة أن تكون الكلمة الإنكليزية Attentions [الانتباه].. وكأنها مشتقة من كلمة At-tension [التوتر] .. وحكمتها أن لا تتطرف لشيء ما، لأنك ستركز فيه سلبيا، وتُضيّق آفاقا كثيرة فيُصيبك التوتر لا محالة.
إذن من أجل ذلك وضع الميزان، إنه قانون التوازن في الحياة.. قانون الاتساع، على مبدأ أمسك العصا من المنتصف.. أن تعي عبارة: أوسع الجنة أوسطها، فلا الماديات تحكُمك ولا المشاعر تُقيدك، بل إنك تقف بين البين وتتمركز بين الأشياء.. لست بالأسير إليها.. ولا بالبليد نحوها.
أن تُدير نقائضك بمرونة، أن تحارب داخل رأسك فتقتُل أفكار وتُحيي أخرى، ثم إنك تمنحُها حبا تُقيم فيه.. وتتحرر.
اضافةتعليق
التعليقات