في وقت تتزايد فيه الدعوات للعودة إلى الأغذية الطبيعية والابتعاد عن المنتجات المُصنّعة، تبرز وجبة الدبس والراشي (مزيج دبس التمر مع طحينية السمسم) كواحدة من أكثر الوجبات التقليدية التي أثبتت قيمتها الصحية العالية، الأمر الذي دفع خبراء التغذية لوصفها مؤخراً بأنها “غذاء متكامل”، بل صنّفها بعضهم ضمن فئة السوبر فوود لما تحتويه من عناصر غذائية مهمة.
الدبس: منجم الحديد والفيتامينات الطبيعية
ويشير مختصون إلى أن دبس التمر يعد واحداً من أكثر الأغذية غنىً بـ الحديد والمعادن الأساسية مثل البوتاسيوم والمغنيسيوم، بالإضافة إلى كميات كبيرة من مضادات الأكسدة التي تعزز مناعة الجسم وتقلل الالتهابات.
وتُظهِر الدراسات أن تناول الدبس بانتظام يساعد على:
• علاج فقر الدم ورفع مستوى الهيموغلوبين
• تنشيط الدورة الدموية
• تزويد الجسم بالطاقة الطبيعية دون ارتفاع حاد في السكر
• تحسين صحة الجهاز الهضمي بفضل الألياف الموجودة في التمر
• حماية القلب بفضل تأثيره المضاد للأكسدة
ويُشير أطباء إلى أن الدبس يُعد بديلاً صحياً للسكريات الصناعية، ويستفيد منه الأطفال والحوامل والرياضيون على وجه الخصوص.
الراشي: كنز السمسم ودهونه الصحية
أما الراشي (الطحينية المصنوعة من بذور السمسم)، فهي مصدر مهم للدهون الصحية غير المشبعة، والبروتينات النباتية، إضافةً إلى احتوائها على:
• كالسيوم مرتفع يعادل ثلاثة أضعاف الموجود في الحليب
• فيتامينات B و E المهمة لصحة الأعصاب والبشرة
• معادن مثل الزنك والنحاس التي تعزز المناعة
ويؤكد خبراء التغذية أن الراشي تساعد على:
• تقوية العظام والمفاصل
• تحسين صحة القلب والشرايين
• منح الشعور بالشبع لفترات أطول
• دعم صحة الدماغ والذاكرة
كما تُعد مناسبة لمن يعانون من حساسية اللاكتوز، كونها بديلاً ممتازاً للكالسيوم.
المزيج السحري: قيمة غذائية مضاعفة
عند خلط الدبس والراشي، تتكامل فوائدهما بطريقة تُضاعف الأثر الغذائي لكل منهما.
حيث يساعد الدبس على تحسين امتصاص الحديد، بينما توفر الراشي الدهون الصحية التي تطيل فترة الطاقة وتُسهّم في بناء الخلايا.
ويرى اختصاصيون أن وجبة الدبس والراشي:
• تحسّن النشاط الذهني لدى الطلاب
• تمد الجسم بطاقة ثابتة خلال اليوم
• ترفع المناعة وتقلل الإجهاد
• تدعم النمو لدى الأطفال
• مفيدة لكبار السن بسبب سهولة هضمها
ويعتبرها البعض “وجبة طوارئ” في الأيام المزدحمة، لأنها تُشبع بسرعة وتحتوي على معظم العناصر الغذائية الأساسية.
تحذيرات وتوصيات
ورغم الفوائد الكبيرة، يشدد خبراء الصحة على ضرورة تناول المزيج باعتدال، نظراً لارتفاع سعراته الحرارية.
ويُنصح بالاكتفاء بـ:
• ملعقة كبيرة للراشدين صباحاً أو قبل الجهد البدني
• ملعقتين للأطفال فوق 6 سنوات
• تجنّب الإفراط عند مرضى السكري والاكتفاء بكميات قليلة تحت إشراف طبي
كما يُفضّل تناوله مع خبز الحنطة الكامل أو بمفرده لتجنّب زيادة السعرات.
بين الماضي والحاضر… وجبة لا تزال حاضرة بقوة
وبالرغم من وفرة الأغذية الحديثة، يبقى الدبس والراشي جزءاً من الثقافة الغذائية للعائلة العراقية والعربية، إذ يرمزان إلى البساطة، والغذاء النظيف، والطاقة المتجددة.
وفي السنوات الأخيرة عاد الاهتمام بهذه الوجبة بقوة، مع لجوء الكثير من العائلات إلى تقديمها لأطفالهم قبل المدرسة، أو للرياضيين قبل التمارين، أو حتى كبديل حلوى صحي.
ويؤكد خبراء التراث الغذائي أن هذه الوجبة الشعبية تحمل بين مكوناتها حكمة الأجداد، إذ جمعت بين عنصرين طبيعيين يزودان الجسم بما يحتاجه دون إضافات صناعية.
وبحسب المختصين، فإن الجمع بين الدبس والراشي يقدم:
• مغذيات عالية
• طاقة مستدامة
• حماية للجسم
• ودعماً لمناعة الأطفال والبالغين
ليثبت هذا الغذاء أن التراث الشعبي لم يكن مجرد مذاق، بل علمٌ وتجربةٌ وصحّة.








اضافةتعليق
التعليقات