تعتبر الزلة الشديدة الحادة واحدة من الحالات الإسعافية الطبية الأكثر شيوعاً، وغالباً ما يكون حدوثها مفاجئاً، ويمكن بسهولة أن يرتبك السريري غير المتمرس بها، ورغم تواجد العديد من الأسباب المحتملة عادةً إلا أن الانتباه للقصة والفحص السريع لكن الدقيق سيوحي عادةً بالتشخيص الذي يمكن إثباته غالباً بواسطة الاستقصاءات الروتينية متضمنة صورة الصدر الشعاعية، وتخطيط القلب الكهربائي (ECG)وغازات الدم الشرياني ولقد شرحت بعض المظاهر الخاصة المساعدة في تشخيص الأسباب الهامة للزلة الشديدة الحادة.
A. القصة المرضية
يعتبر التحقق من سرعة بداية الزلة وشدتها أمراً هاماً وكذلك الأمر بالنسبة لمعرفة ما إذا ترافقت بأعراض قلبية وعائية ألم صدري، خفقانات، تعرق، غثيان أو أعراض تنفسية (سعال، وزيز، نفث دموي، صرير) فوجود قصة سابقة لنوبات معاودة لقصور البطين الأيسر أو الربو يعتبرأمراً قيماً، وأيضاً ينبغي التحقق من وجود أي تناول حديث للأدوية أو قصة أمراض أخرى (مرض كلوي، سكري أو فقر دم)، وقد يكون ضرورياً أيضاً الحصول على قصة موجزة من الأصدقاء أو الأقارب أو طاقم الإسعاف وذلك في المريض المعتل بشدة، ولابد من أخذ إمكانية استنشاق جسم أجنبي والتهاب لسان المزمار الحاد بالحسبان عند الأطفال خصوصاً الدارجين وأطفال ما قبل سن المدرسة.
الفحص:
ينبغي تقييم شدة الحالة بشكل فوري من خلال مستوى الوعي ودرجة الزراق المركزي ووجود دليل على فرط الحساسية (شرى أو وذمة وعائية) وانفتاح الطرق التنفسية العلوية والقدرة على التكلم بكلمات مفردة وجمل)، والحالة القلبية الوعائية المقيمة بواسطة معدل سرعة القلب ونظميته (انتظامه) وضغط الدم ودرجة التروية المحيطية، وينبغي بعد ذلك التركيز على تبقرط الأصابع وعلى أي دليل سريري على فقر الدم أوكثرة الكريات الحمر، وأي مظاهر سريرية على السكري أو القصور الكلوي أو أي مرض مزمن ينبغي أن يتضمن الفحص المفصل للجهاز التنفسي سرعة التنفس والمؤشرات السريرية على احتباس ثاني أوكسيد الكاربون ونمط التنفس ووضعية الرغامى ودرجة تمدد الصدروتناظره وفيما إذا كانت توجد مناطق مفرطة الرنين أو أصمية على القرع.
ولابد من مقارنة أصوات التنفس على كل جانب من الصدر وفي القاعدتين، وملاحظة وجود أية أصوات تنفسية شاذة، كما يجب قياس جريان الزفير الأعظمي كلما أمكن ذلك، وقد يشير تورم الساق القصور قلبي أو خثار وريدي.
الألم الصدري
يعتبر الألم الصدري تظاهرة أساسية ومألوفة لكل من الأمراض القلبية والصدرية ولكن بشكل عام تُحدث الأمراض الرئوية الألم الصدري فقط عند تواجد إصابة جنبية أو في جدار الصدر ولهذا السبب فهو يميل لأن يكون محيطياً غالباً، ويعتبر الألم الصدري أو الضغط أو الشد المركزي مظهراً لانسداد الطرق التنفسية الحاد في الربو أو قد يكون انعكاساً لاضطرابات المري أو الأبهر الصدري كما يعطي التهاب الرغامى ألماً صدرياً علوياً شديداً يسوء بالسعال، ويكون الألم الصدري المركزي المبهم المتواصل أيضاً مظهراً لمرض خبيث يؤثر في المنصف.
النفث الدموي
إن خروج الدم بالسعال بغض النظر عن كميته عرض خطير ودائماً تقريباً يجلب المريض إلى الطبيب، ولابد من أخذ قصة واضحة لإثبات أنه نفث دم حقيقي وليس قيء دموي أو رعاف (نزف أنفي)، ويجب دائماً اعتبار أن سبب نفث الدم خطير حتى تمكننا الاستقصاءات المناسبة من استبعاد السرطانة القصبية والداء الصمي الخثري والسل.. إلخ.
لا يمكن تفسير العديد من نوبات نفث الدم حتى بعد الاستقصاء الكامل، ومن المحتمل أن تكون ناتجة عن خمج قصبي بسيط وإن وجود قصة نفث دموي صغير متكرر أو وجود خيوط دموية في القشع يشير بشكل كبير السرطانة قصبية، أما الحمى المزمنة ونقص الوزن فيمكن أن تشير للتدرن، وغالباً ما تكون ذات الرئة بالمكورات الرئوية سبباً للقشع ذي اللون الصدئي لكن قد تسبب نفث دموي صريح كما تستطيع كل الأخماج الرئوية التي تسبب التقيح وتشكل الخراجة أن تفعل ذلك، ويمكن لكل من توسع القصبات والأورام الرشاشية داخل الأجواف أن يسبب نزفاً قصبياً صاعقاً وقد نجد في هؤلاء المرضى قصة إصابة سابقة بالسل أو ذات الرئة في مرحلة باكرة من الحياة.
وتعتبر الصمة الخثرية الرئوية سبباً شائعاً لنفث الدم وينبغي دائماً أخذها بعين الاعتبار وأهم عوامل الخطورة الأساسية للصمة تتضمن عدم الحركة (كمافي الكسور) والأمراض الخبيثة في أي عضو والقصور القلبي والحمل.
يمكن للفحص الفيزيائي أن يكشف المفاتيح التشخيصية للحالة الأساسية المستبطنة، كتبقرط الأصابع في السرطانة القصبية أو توسع القصبات والعلامات الأخرى للخباثة كالدنف والضخامات الكبدية واعتلال العقد اللمفية ..إلخ، والحمى أو علامات التكثف الرئوي وذات الجنب في ذات الرئة أو الاحتشاء الرئوي وعلامات خثار الأوردة العميقة على الساق في أقلية من المرضى المصابين بالاحتشاء الرئوي، وعلامات أمراض جهازية بما فيها الطفح والفرفرية والبيلة الدموية والنزوف الشظوية واعتلال العقد اللمفية وضخامة الطحال في الأمراض الجهازية غير الشائعة التي يمكن أن تترافق بالنفث الدموي.
التدبير
في النفث الدموي الحاد الصاعق ينبغي أن يخضع المريض لعناية تمريضية بحسب المصدر المتوقع للنزف ويجب أن ينعش من الناحية الحركية الدموية وبعدئذ يجرى له تنظير قصبي، وبشكل مثالي يجرى هذا تحت التخدير العام باستعمال منظار قصبي صلب وهو يسمح برشف قصبي مثالي ويمكن استعماله أيضاً للحفاظ على تهوية كافية خلال التخدير وفي الحالات الحادة يمكن لتصوير الأوعية وإحداث انصمام شرياني قصبي (إرسال صمة عبر الشريان القصبي) أو حتى الجراحة الرئوية الإسعافية أن ينقذ الحياة.
لكن في الغالبية العظمى من الحالات، نفث الدم بحد ذاته ليس مهدداً للحياة ومن الممكن اتباع سلسلة منطقية من الاستقصاءات التي تتضمن:
صورة شعاعية للصدر والتي يمكن أن تقدم دليلاً واضحاً على آفة موضعة بما في ذلك الاحتشاء الرئوي أو الورم خبيث أو سليم أو ذات الرئة أو التدرن تعداد الدم الكامل والفحوصات الدموية الأخرى بما فيها عوامل التخثر التنظير القصبي الذي سيكون غالباً ضرورياً لاستبعاد سرطانة القصبات المركزية غير مرئية على صورة الصدر ولتأمين تشخيص نسيجي في الحالات الأخرى من الاشتباه بتنشؤ قصبي.
اضافةتعليق
التعليقات