• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

الحب في عالم متغير

زهراء الجابري / الخميس 24 آذار 2022 / منوعات / 2665
شارك الموضوع :

يبدو أن للمناخ العام أثراً في تشجيع صفات معينة في النفس وإجهاض صفات أخرى .. ففي الريف المناخ العام هو مناخ وفاء

إن نظرة عامة على الساحة العاطفية اليوم ترينا أن هناك حالة « فك ارتباط » شاملة ومتكررة في علاقات الحب العصري، وترينا أن ظاهرة الوفاء أصبحت أقصوصة خرافية ورواية غريبة تروى وكأنها عن أهل المريخ، وتكاد الواحدة تقول للأخرى .. من تحبين هذا المساء؟ ولا مانع من أن تتشنج الفتاة ويغمى عليها بكاء وحباً في كل مرة ..

وتبلغ هذه الحمى أشدها في المدن والسواحل وكافيتريات الجامعة .. ثم نراها تنحسر كلما نزلنا إلى الأرياف، أو توغلنا في الصعيد الجواني، أو رحلنا مع البدو .. ونرى أنفسنا نعود مع البداوة إلى الأصالة والوفاء وثبات العاطفة .. ونسمع عن عشاق أقاموا على حبهم حتى الموت .. ولا تمر خيانة زوجية دون قتل ودون دم .. ونرى الوفاء يعود فيكون هو القاعدة ، ونرى نفس هذا الوفاء في الريف الفرنسي والريف الإنجليزي والريف الألماني، كما نراه في جبل الدروز وجبل لبنان .. فإذا نزلنا إلى باريس ولندن وبيروت عدنا إلى نماذج التهتك التي نراها في القاهرة وروما ومونت كارلو .. ورأينا الحجاب يسقط كما يسقط الحياء .. ورأينا فتيانا وفتيات يعشن حياة أشبه بعـروض « الستريب تيز ».

 ويبدو أن للمناخ العام أثراً في تشجيع صفات معينة في النفس وإجهاض صفات أخرى .. ففي الريف المناخ العام هو مناخ وفاء .. يلقى الفلاح البذرة في الأرض، فلا يخونه المطر ولا يخونه النيل ولا تخونه الشمس، وإنما يجد الوفاء بالوعد هو القاعدة عند الجميع .. وإذا اجتهد في الحرث والري أعطت الأرض ثمارها في الميعاد دون غدر .. ثم إن كل شيء يسير ببطء وهوادة دون هرولة ودون انفعالات ودون مفاجآت .. وتتجاور العائلات وتتزامل وتتصاحب وتتقاسم الخير والشر حتى الموت .. فلا عجب إن أثمر هذا المناخ وفاء عند الناس الذين يعيشون فيه.

ويختلف الأمر تماماً في مدينة على الساحل يحج إليها السياح كل يوم، وتلقى البواخر بأطنان من النساء والرجال من هواة المتعة، وطلاب التغيير على الشاطئ بين ساعة وأخرى .. والكل يتسابق إلى الدفع في سبيل اصطياد لذة جديدة.

كما يختلف الأمر في كافيتريا بالجامعة تتداول عليها طوابير طوافة من المراهقين والمراهقات، وتطن فيها الغرائز والشهوات طنين النحل في خلية .. وتلتهب الأنظار والأسماع بما ترى وتسمع. ثم حياة المدن .. التي لم يعد فيها الإنسان ينتظر من السماء شيئا .. وإنما أخذ زمام الأمر في يده وبدأ يدير كل شيء بالأزرار والرادار والأقمار الصناعية، فخيل إليه أنه لا سماء هناك ولا رب ولا مهيمن سواه.. فألقى بالأوامر والشرائع والأعراف والتقاليد وراء ظهره، كما يلقى بتركة بالية وانطلق يعيش على هواه .. ولم يعد الواحد منهم يرى غير نفسه وغير ما يشتهي، وغير ما تأتي به اللحظة من حظوظ وملذات. وتلك هي الحياة المادية الصرفة.

وحينما يعيش الإنسان حياة مادية صرفة .. فإنه ينفصم تماما إلى لحظات .. وحالات .. ونزوات .. لا رباط بينها .. إلا استهداف اللذة .. والشهوات بطبيعتها سريعة الملل، سريعة الضجر طلابة للتجديد والتغيير لتظل على اشتعالها. ومن هنا تأتي هذه الحالة العامة من « فك الارتباط » المتكرر والعلاقات الطيارة .. ونرى الساحة وقد انقلبت إلى جبلاية قرود، تتلاقح وتتسافد فيها الإناث والذكور بلا قاعدة سوى لقاء المصادفة. والغريب أن النفس في هذه الحياة لا تزداد شبعاً، بل تزداد جوعًا ولا تزداد امتلاء، بل تزداد خواء .. ثم هي تنتهى إلى حالة من الظلمة الحيوانية والقسوة والبلادة .. ثم تنتهى آخر الأمر بفساد الفطرة إلى اليأس والجنون وطلب الانتحار. ولهذا نجد أعلى نسبة للمجون والانتحار في بلاد الترف والتحلل، والإشباع الجنسي مثل روسيا وأمريكا والسويد والنرويج .. ولا نجدها بين الذين يعيشون حياة الريف أو حياة البداوة أو حياة الجبل .. كما لا نجدها إطلاقاً بين أهل الإيمان، وأهل الوفاء وأهل المثل والقيم.

ويظل هؤلاء الماديون على غوايتهم لا يفيقون إلا على زلزال، أو طوفان أو بركان أو وباء مهلك، تعجز أمامه حيلهم ومعارفهم، فيتوقف الواحد منهم وقد شل عقله تماما وهو يرى قوة أخرى غير قوته، وإرادة أخرى غير إرادته تعمل في الكون. فإذا مضت الحادثة، وانصرف آخر عامل إنقاذ، عاد المسرفون منهم إلى عتوهم.. ورأيناهم يفسرون ما حدث بالعبث والقوى العبثية والعشوائية والمصادفات العمياء، وازدادوا بذلك عمى على عماهم، وفاتتهم العبرة، ونسوا التاريخ، ولم يفقهوا أن ما حدث كان صيحة إنذار .. ونفخة أولى في الصور .. ليصحو من يصحو ويفيق من يفيق .. قبل أن تأتى نفخة الصور الثانية فتكون الطامة ..

وتلك كانت رواية التاريخ التي تعددت فصولا. وتلك كانت قصة عاد وثمود وقوم نوح وقوم لوط. وتلك كانت سنة الله في الأرض. ولن تجد لسنة الله تبديلًا ، وإنما الحب وروايات أهل الحب مثال من ألف مثال ..

والفطن اللبيب من يعرف كيف يقرأ التاريخ، وكيف يحل رموز حجر رشيد، ويفقه الحكمة الخافية والعبرة المستترة وراء الحوادث اليومية التي تبدو من السطح؛ وكأنها تداعى المصادفات .

من كتاب (عصر القرود) لمصطفى محمود
الانسان
الحب
العاطفة
التفكير
الشخصية
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    أبا الفضل.. بقية الدمع في مآقينا

    القيم والمآثر الأخلاقية في حياة الإمام الحسين

    أنصار الحسين يوم عاشوراء: قصة التضحية والوفاء الأبدي

    ارتفاع هائل في استهلاك الطاقة بسبب الذكاء الاصطناعي

    بناء التنوع.. شعار اليوم العالمي لهندسة العمارة

    جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية تنظم فعاليات نادي ريحانة الصيفي للفتيات

    آخر القراءات

    ظـاهـرة إطـلاق الـعـيـارات الـنـاريـة.. مـوروث عـراقـي قـديـم يـنـبـذهُ الـجـمـيـع ولا رادع لأيـقـافـه

    النشر : الأثنين 01 كانون الثاني 2018
    اخر قراءة : منذ ثانيتين

    ياعلي مدد

    النشر : السبت 16 آيار 2020
    اخر قراءة : منذ 11 ثانية

    ماهو تأثير العمل الخيري على المجتمع؟

    النشر : الأثنين 06 ايلول 2021
    اخر قراءة : منذ 12 ثانية

    أخلاق التقدم: درب عقلك على الامساك بزمام المبادرة دائماً

    النشر : السبت 04 كانون الثاني 2020
    اخر قراءة : منذ 20 ثانية

    كيف تلتقط صورًا جيدة: الساعة الذهبية

    النشر : الأحد 14 آب 2022
    اخر قراءة : منذ 23 ثانية

    ماهي الأطعمة التي يمكنها أن تصيبك بالتسمم؟

    النشر : الثلاثاء 25 تشرين الاول 2022
    اخر قراءة : منذ 25 ثانية

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    مأساة مسلم بن عقيل: الغريب الوحيد في كربلاء ودروسٌ للشباب

    • 1250 مشاهدات

    بعد تراجع وفيات النوبات القلبية.. ما الذي يُهدد حياتنا الآن؟

    • 462 مشاهدات

    أنصار الحسين يوم عاشوراء: قصة التضحية والوفاء الأبدي

    • 461 مشاهدات

    تحدّي عاشوراء: أربعون يوماً لتكون حسينيّاً في زمن الضياع

    • 445 مشاهدات

    محرّم في زمن التحول

    • 437 مشاهدات

    جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية تنظم فعاليات نادي ريحانة الصيفي للفتيات

    • 375 مشاهدات

    القليل خير من الحرمان

    • 1335 مشاهدات

    مأساة مسلم بن عقيل: الغريب الوحيد في كربلاء ودروسٌ للشباب

    • 1250 مشاهدات

    وميض من التاريخ: تتويج إلهي بالولاية

    • 1180 مشاهدات

    الخلود في زمن التفاهة: كيف ينتصر علم الإمام علي على مادية العصر

    • 1113 مشاهدات

    قراءة في كتاب: إدارة الموارد البشرية

    • 791 مشاهدات

    لمن تشتكي حبة القمح إذا كان القاضي دجاجة؟

    • 650 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    أبا الفضل.. بقية الدمع في مآقينا
    • الخميس 03 تموز 2025
    القيم والمآثر الأخلاقية في حياة الإمام الحسين
    • الخميس 03 تموز 2025
    أنصار الحسين يوم عاشوراء: قصة التضحية والوفاء الأبدي
    • الخميس 03 تموز 2025
    ارتفاع هائل في استهلاك الطاقة بسبب الذكاء الاصطناعي
    • الخميس 03 تموز 2025

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة