كل واحد منا في هذه الدنيا، يعمل بما لديه من قدرة وقوة لكي لا يحتاج لأحد ما، ولديه الوقت والمال الكافي لشراء ما يحتاجه أو ما تشتهي نفسه، من كل شيء فكلنا نشتري لباسنا بأغلى الأثمان، ونروج لبضاعتنا لتكون جميلة في عيون الزبائن، فهناك العديد منا يذهب ليشتري لنفسه قميصاً أو حذاء أو ما يتمنى ان يشتريه حتى اذا كان غالياً لا يهم بالنسبة إليه، انما يفكر أن يكون جميلاً ومظهره لائقا في عيون الآخرين. فحياتنا لهو ولعب لا نفكر ولا نتأمل من حولنا فكأنما أتينا للحياة لنسرح ونمرح بها ولنتمتع بما لدينا من كل شيء من اموال واملاك، فنتباهى بها ونقول دائماً بأموالي أستطيع افعل أي شي، وأشتري كل شيء..
ذكرني هذا الكلام بحكاية لأمير المؤمنين عليه السلام والنبي والرسول الأعظم عليه افضل الصلاة والسلام وعلى آله الأكرمين، كانا يتجولان في المدينة ولديهما اثنا عشر درهما فمرا على محل للألبسة فأشترى الإمام علي (عليه السلام) قميصاً للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، بإثني عشر درهما وساروا قليلا، فقال له النبي أنا لا ألبس هذا القميص فأنا لا أحبه، فذهبا وقال الامام علي عليه السلام لنرجعه لصاحبه، فأرجعه وأعطاه ماله، فإذا رأى في طريقهما رجلاً يقول أنا الفقير أنا المسكين فأعطاه النبي اربعة دراهم، وبعدها أكملوا طريقهما، فإذا بامرأة أخرى محتاجة لبعض المال فأعطاها الأربعة دراهم الثانية، فبقى لديهم أربعة دراهم، فرجعوا لصاحب المحل واشترى للرسول القميص بأربعة دراهم، فقال له هكذا أفضل من أن أشتري بالمال كله فأشتري لجنتك بعملك بمساعدة الآخرين. لذا علينا أن نتعلم درساً من أمير المؤمنين ورسولنا الكريم، ولنتخطَّ دروب الحياة بالعمل الصالح الذي يرضي الله والأئمة عليهم السلام.
فربما كلمة صغيرة تكون سببا في سقوطك في النار سبعين سنة، وفي المقابل رب عمل تعمله ترزق به الجنة، وربما تهمل شيئا صغيرا لا ترى له اهمية يكون سببا في دخولك الجنة، لنأخذ مثلا آداب العطس،
قال (صلى الله عليه وآله وسلم): "إذا عطس أحدكم فليقل الحمد لله، وليقل له أخوه يرحمكم الله، فإذا قال له يرحمك الله فليقل يهديكم الله ويصلح بالكم."
فما علينا إلا ان نعمل ونعمل ونعمل لنخط دروبنا بالحب والوفاء لنملأ قلوبنا بحب خالقنا ونرضيه ونعده بأن نكون المخلصين معه مهما اصابنا من البلاء، لنشتري اخرتنا ونخلف ورائنا هذه الدنيا الفانية كما قال أميري علي عليه السلام: الدنيا طلقتها بثلاث، وهذه فرص الحياة تمر من امامنا فلا نجعلها تعبر كالسحاب فإنها لا تعود.
فالعمل الصالح يبقى يذكره الآخرون حتى وفاتك فلنعط لليتيم ابتسامة، وللفقير صدقة والمحتاج اجرا، فكلها تجدها هناك في تلك السماء الزرقاء التي فوق الجميع لا تميز بين غني وفقير والكل تحتها، وكلنا في حساب وأي حساب في كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، فمادمنا هنا في الدنيا فلنعمل فيها ولنشترِ جنتنا بأغلى الأثمان فاعمل لدنياك كأنك تعيش ابداً واعمل لأخرتك كأنك تموت غدا.
اضافةتعليق
التعليقات