في صباح اليوم أفاقت ليلى غاضبة شاحبة بعد ليلة سوداء قضتها في حجرتها.
جلست بقرب بركة الماء صامتة ترتشف فنجان قهوتها والدمع قد حفر الأخاديد في وجهها.
كل شيء صامت كئيب عدا صوت قطرات الماء التي تدور حول البركة.
الشمس مازالت ساطعة في السماء، ليلى تلاعب الماء بيدها، تسكب قطرات الماء من أناملها، كما تسكب الذاكرة في قلبها.
تعود إلى تفاصيل الحادثة وما حصل في الأمس، كانت ليلة قاسية فقد رفض ولدها بعض أفكارها.
مما جعل أبيها يرفع صوته ويرفض مناقشتها.
تكتم أنفاسها، وتشعر أن أبيها رجل عتيق لا يعرف متطورات الدهر، فقد وصفته بهذه الكلمات: أنك تشبه الجيل الماضي وأن الحاضر هو جيلي أنا.
عصفور صغير يرتشف الماء من البركة كانت تعرف هذا البلبل فهو من أهل الدار ويعرفها هو أيضا.
أطلقت ليلى صوتها وهي تقلد صفير البلبل، انطلقت كسمفونية في ساحة حرب، الجميع ينصت لها.
حازم يردد مع نفسه هذا الصوت وهذا الدفق لا يخطئه مسمعي إنها ابنتي ليلى، صوتها يقطَع مسافات القلب قبل الأذن.
بعد مشاجرة الأمس كان صفيرها حزين جدا کانَ الحُزن يَبيت فيه، يأكل العتاب جسده حتى شعر أن هناك شيء في جسده، ماذا يفعل حتى تعرف ليلى أنه فعل هذا من أجلها.
دخل عليها وجد الأرَق يأکُل مِن ملامح وَجهها، جلس بقربها، تَنظر إلى ما بَعد القفص والبركة، تُخاطِب البلبل وتسمع أبيها شعرت أن كبريائها يمنعها من الحديث مع أبيها فهو الذي اخطأ في حقها على حسب ظنها.
ترتب على ظهر البلبل وتردد: ليت الآباء يفهمون أن الأولاد كهذه العصافير تحتاج إلى نزهة وطعام ومن يلاعبها ليس فقط من يسجنها في قفص مذهب ويطلب منها الحرية.
نَهَضَ حازم شعُر أن الحظ يُحالفه في أن يكون أبا جيدا، کانَت السعادة في تَلاشي، يغطس في ظلام عتاب ابنته الوحيدة، أمسك بقلمه، رَسَم لوحة فيها عصفور كبير وهو يبني عش ابنه الصغير وكيف يعلمه على الطعام والطيران برسمته الذابِلة.
ثُم أبقَاها على بركة الماء إلى أن تَصحو ليلى من نومها وختم الرسمة بهذه الكلمات: ـ وَوَجَدْتُكَ بَعْضِي، بَلْ وَجَدْتُكَ كُلِّي، حَتَّى كَأَنَّ شَيْئاً لَوْ أَصَابَكَ أَصَابَنِي، وَكَأَنَّ الْمَوْتَ لَوْ أَتَاكَ أَتَانِي، فَعَنَانِي مِنْ أَمْرِكَ مَا يَعْنِيني مِنْ أمر نفسي.
اضافةتعليق
التعليقات