من المؤسف أن المراهق لا يجد إلا القليل من المساعدة على حسم خياراته والتخلص من شكوكه، إنه يجد أمام ما كان يحلم بدراسته مدة طويلة من الزمن عدداً من العقبات، والمشكلات منها:
- عدم وجود التخصص الذي يرغب في دراسته في جامعة بلدته، مما يضطره إلى السفر إلى بلد آخر، وهذا ما ترفضه والدته، أو يرفضه والده لأنه لا يملك نفقات ذلك.
- يدخل المراهق بعض الاختبارات التي تقيس الذكاء أو التحصيل.... وتكون النتيجة التوصية بدراسة تخصص آخر غير ما يحبه، أي أنه يحب تخصصاً لا يملك القدرة والأهلية للتفوق فيه.
- المراهق يحب تخصصاً ما، ويعتقد أنه سيبدع فيه فيما لو أتيحت له دراسته، لكن مجموع درجاته في الثانوية لا يؤهله لدراسة ذلك التخصص.
- يريد والد المراهق من ابنه أن يدرس التخصص الذي كان يتمنى أن يدرسه هو لما كان في سنه، لكن الظروف لم تساعده على ذلك.
- المراهق يتلقى النصائح بأن التخصص الذي يحبه غير مطلوب في سوق العمل، ولذا فإن عليه أن يدرس تخصصاً آخر.
إن المراهق يعيش فعلا صراعاً كبيراً في مرحلة اختيار التخصص، ويحتاج إلى مساعدة مخلصة وصادقة من كل من يحيطون به.
اجتمع ثلاثة من المراهقين في إحدى الحدائق، وأخذ كل واحد منهم يشكو من أن أهله لا يفهمونه على الوجه الصحيح، ومن ثم فإنهم لا يعاملونه المعاملة التي يستحقها، وحين أفاضوا في الشكوى والتذمر، قال أحدهم: ما رأيكم أن نحول هذه الجلسة من جلسة شكوى إلى جلسة للتمني والحلم بأشياء جميلة؟ سأله صديقه: ما الذي تعنيه بالضبط ؟ قال: أريد من كل واحد منكم أن يحلم بأهم ما يتمناه من معاملة أهله له، لنرى هل ما نعاني منه، وما نتمناه موحد أو مختلف؟ واستحسن الثلاثة الفكرة ، وشرعوا في التمني، قال الأول: أتمنى على أهلي أشياء كثيرة ، منها:
1ـ أن يدركوا أن ما ينكرونه على من تصرفات ومظاهر، هي أمور شائعة بين المراهقين، وهم يظنون أنني وحدي أفعل ذلك. أنا أحياناً أقول: إن أهلي على حق، لكن أنا لا أستطيع أن أظهر أمام زملائي وأصدقائي وكأني قادم من القرن التاسع عشر.
٢ـ أتمنى أن يعرف والدي أنني لم أعد طفلاً، وأنني لا أستطيع الآن أن أسمع الأفكار الخاطئة دون أن أعترض عليها كما كنت أفعل لما كنت صغيراً، أنا الآن أعرف الكثير من الأمور، بل ربما عرفت أموراً لا يعرفها أحد في أسرتي، فلماذا لا أتحدث عنها؟.
3ـ أتمنى أن تكون ذاكرة أمي قوية جدا حتى لا تكرر نصائحها لي في الصباح والمساء، فأنا قد سئمت من المواعظ المكررة وغير المفيدة.
٤ـ أتمنى أن يدرك أبي أني لا أحب أن أظهر معه في أي مكان، حتى لا أسمع تعليقات جارحة من زملائي، لكن كيف يمكن أن يعرف أبي هذه الأمنية؟ هذا صعب جداً.
قال الثاني: أنا أتمنى من أهلي شيئين فقط:
الأول: أتمنى على والدي إذا تحدث معي ألا يوجه لي أي نصيحة، أريد أن يسألني عن اهتماماتي وأنشطتي، وعن الأمور التي حققت فيها نجاحات جيدة فقط.
الثاني: أتمنى أن يعاملني أبي بالطريقة التي يعامل بها أصدقاءه.
قال الثالث: أنا أعرف أننا نتمنى، وأن ما نتمناه لن يحدث ولهذا سأقتصد في التمني، وأقول: أنا لا أريد من أبي سوى شيء واحد، هو أن يتذكر تصرفاته حين كان في مثل سني وأنا واثق أنه لو استطاع فعل ذلك فسيدرك أنه لم يختلف عني كثيراً.
إن فهمنا لطبيعة مرحلة المراهقة يجعلنا نميز جيداً بين ما هو طبيعي في حياة أبنائنا المراهقين، وما هو غير طبيعي، وبناء على هذا التمييز نحدد الأسلوب الأمثل للتعامل معهم.
اضافةتعليق
التعليقات