في عصر الاتكالية المرضية المزروعة لدى الأبناء نتيجة لخوف الآباء المفرط عليهم وعدم تكليفهم بأي مسؤوليات وشكرهم بشكل بالغ ووفير وباهض لتأدية أبسط واجباتهم بأسوأ جودة أدت إلى صناعة مجتمع حافل بالأغبياء والاتكاليين وغرس بذور اللامبالاة فيهم، أدى لإثمار جيل بائس يتباهى بفشله وفراغه ويستلذ بقتل الوقت من الوريد إلى الوريد فقط لإشباع رغبة داخلية في تخدير المسؤوليات المفروضة عليه من الواجبات الدراسة أو الجامعية أو حتى التكاليف الوظيفية المفروضة عليهم في دوائر العمل الخاصة بهم.
ويذكر د. إسماعيل عرفة في كتابة القيم جداً (الهشاشة النفسية) أسباب الوصول إلى الهشاشة النفسية كثيرة جداً منها:
أولاً: عدم تحمل المسؤولية من الصغر بالتالي ينشأ طفلاً عندما يوضع في موقف يفكر فيه ولا يحل مشكلته الخاصة.
ثانياً: اتكالية الأبناء على الآباء في كل شيء نتيجة الرعاية لا التربية بالتالي سيخلق انفكاك بين الشخص وبين الحياة الحقيقية هذا سيجعلهُ أكثر انهزاماً أمام الضغوط.
ثالثاً: الشعور بالتفرد خاصة أن جيل رقائق الثلج الذي يعاني من الهشاشة النفسية وهم من مواليد 1997 فما فوق هو جيل تمت تغذيتهُ بالتفوق والتمييز والريادة الذي خلق لدية شعور بالاستحقاق العالي والكل يجب أن يوافق على آرائه وينفذ له ما يريد.
وهنا سؤال مهم ما هو الفرق بين الرعاية والتربية؟
إن الرعاية هي توفر المتطلبات الفسيولوجية الأساسية للكائن الحي وسأضرب مثال ليكون الفرق جلياً (إن وجود حيوان في البيت كأن يكون طير أو أسماك زينة لابد من توفر بيئة سكن حاضنة له وتوفير التغذية المناسبة له ودرجة الحرارة التي تحافظ على حياته) هذه هي رعاية فإنها تشمل كل الكائنات الحية سواء كان نباتاً أو حيواناً أو إنساناً، أما التربية هي تقويم سلوكيات الفرد بحيث يجعل منه شخصاً سوياً، عاقلاً، يُعتمد عليه، يستطيع حل المشكلات، والأهم من هذا يُفكر بطريقة منطقية فالغباء الذي يتسيد المجتمع وينخر عقول الشباب نتيجة الاستهلاكية الخاطئة للأكل المشبع بالدهون والأشياء غير الصحية التي تؤثر سلبياً على الدماغ وتغذية العقل بمقاطع صورية تحث الفرد على أن يستغبي وتمهد له خطوات لأن يكون غبياً.
والطامة الكبرى أن هذا يحدث أمام الآباء والأمهات دون أن يدركوا خطورة هذه التفاصيل بالتالي يكبر الطفل وهو لا يستطيع انتاج أي فكرة أو استنتاج حل لأي مشكلة يقع فيها دون اللجوء لوالديه لذا يجب علينا إدراك حجم المسؤولية التربوية التي تقع على عاتق الأمهات والآباء كما يجب أن يكون هناك توعية خاصة في هذا الباب من قبل جهات رسمية في المدارس واجتماعات أولياء الأمور، لذا فالتربية أهم من الرعاية وتوفير بيئة عقلية سليمة أهم من توفير المأكل والملبس والتفاصيل الثانوية أن أشتري كتاباً لأبنائي أفضل من شراء الألعاب والأجهزة الذكية وأجهزة ألعاب الفيديو، ختاماً لا تنجب طفلاً إذا كنت غير قادراً على تربيته، لا تنجب طفلاً إذا كنت غير قادراً على صناعة شخص مفيد وعاقل.
اضافةتعليق
التعليقات