منذ القدم وبالرغم من كل التأكيدات الديكارتية والمنهجية يعرف الإنسان أن آلام الجسم مرتبطة ارتباطا وثيقاُ بآلام الروح.
ولكن لابد من اتخاذ القرارات للتحكم بالأهواء وايجاد التوازن المطلوب لذا لا مفر من إعادة بناء وبرمجة الفكر، إن الإعتناء بالنفس وبناء علاقة حميمة معها واحترامها هو واجبنا الأول، تمنعنا بعض التقاليد وخاصة في الغرب وفي البلدان الغنية من اعطاء هذه المفاهيم قيمة إيجابية إذ يعد هذا السلوك انطواءً على الذات ونرجسية ويعد الإعتناء بالنفس أمراً ايجابيا، وانطلاقاً من هذه المفاهيم تشكلت أكثر علوم الأخلاق التي عرفها الغرب والشرق زهداً وحزماً بل أكثر علوم الأخلاق انتشاراً في العالم.
إن بذل الجهد بغية التغير يعني قبل كل شيء التحرر لذا تعد عدم مطالبة الحياة بالكثير وتجنب المبالغة والتواضع قواعد لابد من الإلتزام بها لمن يريد أن يطور نفسه، يعد الإهتمام بالنفس في كل الثقافات تجديداً واصلاحاً مستمراً إنه يذكرنا أنه لا طائل من الاعتماد على عدد معين من الظواهر مثل الكوارث الطبيعية أو أذى الناس وحماقاتهم، بل لابد من توجيه النظر نحو الأمور العاجلة والمرتبطة بنا ارتباطا مباشراً.
تقنيات إنعاش الذاكرة القديمة ومحاسبة النفس والتدرب على التضحية والانضباط وضبط النفس والمحافظة على صحة العقل والجسد لابد أن تكون النفس الهدف الوحيد الذي لابد بلوغه والعمل باستمرار من أجله وعدم تبديله مع مرور الوقت ووفقا للظروف باستطاعتنا أن نتحكم بأنفسنا ونصلحها ومن ثم بلوغ الكمال ولكن يجب أن يكون تدريب النفس متماشياً مع فن الحياة نفسه.
يقول سينيك على المرء أن يحمي نفسه، أن يدافع عنها ويسلحها ويحترمها ويوقرها ويتمكن منها ولا يفارقها طرفة عين وينظم كل حياته حولها إذ بالإتصال بها يمكنه أن ينعم بالسعادة الأكبر والوحيدة المشروعة والتي تدوم ولا تزال.
إن تلوث أذهاننا بالأفكار السلبية أو الأفكار المضطربة أو الافكار المستعلية أو الشكوك والظنون لابد من إلغاء كل هذه الأفكار من بيئتنا الداخلية واستبدال مواقف إيجابية بها.
البيئة الداخلية عبارة عن جهد داخلي يقود النفس نحو الكمال وهذا ما نسميه الجهد الروحي، لابد من مقابلة العنف والمخاوف التي لا تفتأ وسائل إلاعلام تبثها بالمعرفة والفن والجمال والبحث عن السعادة والسلام والمحبة.
فكلما كان الذهن ينعم بالسكينة سهل التحكم بمخزون من المعلومات وتنظيمها واستخدامها بوعي وإدراك ومن ثم أصبح الفكر أوضح وأكثر تبصراً لذا فإن عملنا الحقيقي هو السعي من أجل حياة أرقى.
فالقلق لا يتعدى كونه فكرة ليس أكثر، قبل 300 عام كانت كلمة فكرة تعني باللغة الانكليزية القلق إذ إن 90 % من الأمور التي تقلقنا لا تحصل أبدا لا ننكر أن الكوارث الكبرى مثل الزلازل والحرائق والأمراض الخطيرة موجودة ولكن إذا كان كل ما نترقبه يوميا ليس إلا كوارث فذلك لأنها في أغلب الأحيان موجودة في رؤوسنا أكثر من وجودها في العالم الخارجي.
إن الانفعالات والقلق والاكتئاب العصبي سموم تسمم حياتنا، إننا نحطم أنفسنا ذهنيا وجسديا بما نكنه من مشاعر التمرد والخوف والحسد والكبت والحقد والعداوة إذ تحطم الأفكار السلبية الدماغ وتمنع الحب والسعادة.
اضافةتعليق
التعليقات