الوقت هو المال الحقيقي الذي إذا ما أحسنت استغلاله أصبحت أغنى شخص في العالم، فالوقت أثمن ما يمكن أن تملك بل لا يقدر بثمن؛ لأنه هو حياتك من ساعة الميلاد وحتى ساعة الوفاة، فحسن استغلال وقتك يعني حسن استغلال حياتك، وسوء استغلال وقتك يعني ضياع حياتك هدرًا بلا رجعة، ففيما يتعلق بالوقت لا يوجد فرصة ثانية، ما يذهب منه لا يعود.
عدم إدراك أهمية الوقت مؤداها الى الفراغ والذي هو اللاشيء، وقضاء عمرك دون أن تسعى إلى شيء ودون أن تحس بشيء، حينها ستكون عرضة لكل مشاكل الدنيا، وأبعد ما تكون عن نفسك ودورك في الحياة.
وقت الفراغ غالبا ما يتسلل إليك دون إرادة منك ورغمًا عنك، وهو أمر صحيح، ولكن جعله شاغرًا بما هو مفيد هو ما تستطيعه ويقع ضمن إرادتك، فلا ضير من الاستمتاع بيوم من الفراغ تأخذه بعد أسبوع من العمل الشاق، أو بعد عناء الامتحانات والدراسة، فتدلل نفسك وتقضيه بالسرير، ولكن لا تطل المدة لأنه سينتهز الفرصة وينقض عليك، نظم لنفسك جدول للأيام القادمة، من خلال تقرير ما تحب أن تعمله وتجد نفسك فيه، فإن كنت من محبي القراءة لا تقرأ في المنزل، تكلف عناء ارتداء ملابسك والذهاب إلى المكتبة العامة أو أماكن القراءة العامة وامسك كتابك واستمتع بقراءته، وإن كنت تجد نفسك بالعمل المجتمعي تطوع في أي عمل يعود عليك وعلى من حولك بالفائدة، فدور المسنين ومراكز الأيتام كثيرة، وينتظرون يدًا حنونة ووجهًا بشوشًا ليخبرهم أن هناك من يهتم بهم، بتنظيم رحلات وفعاليات تعيد لهم السعادة.
يقول أحد الكتاب "ان الزمن نهر قديم ويروي في أربع وعشرون ساعة الرقعة التي يعيش فيها كل شعب، والحقل الذي يعمل به، ولكن هذه الساعات التي تصبح تاريخاً هنا وهناك, قد تصير عدماً إذا مرت فوق رؤوس لا تسمع خريرها".
ولذلك شبه الامام علي (ع) الفرصة بالغنيمة لا بد للانسان ان ينتظرها ويستغلها افضل استغلال: (اغتنموا الفرص فانها تمر مر السحاب).
إن مشكلة الفراغ لدى كثير من الشباب اليوم تعود في حقيقتها إلى الفراغ الروحي، وخواء القلب من كمال الإيمان الذي يُشعر بالأنس والاطمئنان، وهي مشكلة ناتجة عن زيف الحضارة الجاهلية المنحرفة، -وبعبارة أخرى- فإن نشوء هذه المشكلة يرجع إلى: "انعدام الهدف من الحياة، وعن الفراغ الفكري الناشئ عن انعدام التصور الصحيح لهذه الحياة، وعدم معرفة سبب وجودنا فيها، ومهمتنا الموكولة إلينا في هذا الوجود، ومصيرنا ومصير الكون، والغاية من هذا التنظيم الرائع للكون، ومن هذا الإبداع العجيب الدقيق المحكم للإنسان ولسائر الأحياء والكائنات".
إن فقدان هذه المفاهيم، أو عدم تمثلها في واقع الحياة يفقد الإنسان معنى الحياة وقيمتها، وبالتالي يضعف عنده الشعور بالاهتمام بالوقت والمحافظة عليه، فيصبح شغله الشاغل "قتل الوقت" وإهداره بأي عمل يخلصه من طوله وملله، حتى وإن أدى ذلك إلى التخلص من الحياة بالكلية، أو الشرود عن الواقع بالمخدرات أو المسكرات.
وقد دلت نتائج بعض الدراسات النفسية في هذا المجال على "أنه كلما قلت القيم الصحيحة المتصلة بالوقت ونقصت الاهتمامات، وضعفت المهارات اللازمة لاستغلال أوقات الفراغ، ازدادت فرص اليأس والملل والاغتراب والأنانية والعنف والجريمة، والإدمان بين الشباب على وجه الخصوص".
هناك العديد من الأضرار التي قد تحدث عند عدم استغلال هذا الوقت ونلخص بعضاً منها، وهي:
1_ قد يؤدي وجود هذا الوقت عند الفرد وعدم استغلاله إلى وصول الفرد للملل والضجر من حياته وبالتالي قد يصل الفرد إلى الشعور بالكآبة. قد يسبب الفراغ المرض النّفسي للفرد، فيشعر بأنّه ليس لديه أي قيمة في هذه الحياة. قد يؤثر وجود وقت الفراغ عند الفرد سلباً على المجتمع فيصبح الفرد يقضي وقته بالأعمال الخاطئة والضارة بالمجتمع.
2_ يجعل الفراغ الإنسان يسير بلا هدف ولا معنى في هذه الحياة.
3_ قد يسبب الفراغ سوء مشاكل في حياة الفرد فيعمل على إضعاف هِمته وبالتالي تصبح حياته بحاجة إلى التخطيط.
فلا بد من معالجة هذه الظاهرة قبل استشرائها أكثر في المجتمع وحياة الأفراد وبالتالي تجنب العديد من الأمور السلبية التي تحدث في حياة الانسان.
اضافةتعليق
التعليقات