إن الجمال الطبيعي وحلاوة أيام الشباب يعتبران ثروة لهما قيمتهما لدى جيل الشباب، والمرء عندما يبلغ هذه المرحلة يكتسب جسمه القوة والنشاط وتتفتح عواطفه ومشاعره، ويصبح جماله وعظمته بمثابة جوهرة ثمينة تضفي على صاحبها روعة وإبداعاً لهما وقعهما في قلوب الناس.
إن عهد الشباب هو أحد المظاهر المهمة للجمال الطبيعي الذي يمتاز به جيل اليوم، فالإنسان إذا هرم فقد القدرة التي كان يتمتع بها في شبابه وزال عنه جمال الشباب وفقد وجهه بريقه ونعومته، لذا فإن الشباب هو مرحلة لها عظمتها وجمالها ولها الأثر البالغ في تكامل حياة الإنسان ومستقبله. والعالم اليوم لا ينظر إلى الشباب من جانب القدرة البدنية فحسب، بل ينظر إلى الشباب من منظار شاعري جميل.
الإحساس بالجمال شعور فطري أم توجيه تربوي؟
إن مسألة الجمال في عالمنا اليوم تحظى باهتمام كبير، فالناس يرغبون في أن يكون كل شيء حولهم جميلاً، منازلهم وأثاثهم وملابسهم.. الخ، حتى أصبح الإنسان يصرف على الجماليات والكماليات مبالغ كبيرة، وذلك لأهمية الجمال والإحساس به في حياة الإنسان، فميول الإنسان إلى الحسن والجمال تدخل في إطار الرغبات الفطرية للإنسان، لذا نرى كافة الشعوب والأمم بما فيها الشعوب والأمم الوحشية تمتلك نفس الشعور، وترى الحسن والجمال حتى في السيئة، إلا أن الشعور الفطري بالجمال لا يكفي وحده لتذوق وإدراك كل أنواع الجمال الطبيعي والغني، بل ينبغي تنمية هذا الشعور ليكون في ظل التربية الصحيحة أبعد آفاقاً وأدق تحديداً لجمال الموجودات، فإدراك الجمال مرتبط بتكامل الإحساس وتنمية المشاعر لدى الناس، لذا فإن ارتفاع مستوى الثقافة والتعليم له تأثير كبير في تنمية الحس الجمالي لدى المجتمع.
دور الإسلام في تنمية الإحساس بالجمال
إن الدين الإسلامي الحنيف يولي قسطاً من الأهمية لمسألة الحسن والجمال، فعمل على تنمية عاطفة حب الجمال لدى الإنسان وأوصى معتنقيه بضرورة الاستفادة من الجمال الطبيعي والاستمتاع به، وهو بهذا ساهم في إرضاء وإشباع إحدى رغبات الإنسان الطبيعية. فقد تحدث القرآن الكريم عن جمال السماء والغيوم حيث قال تعالى: (ولقد جعلنا في السماء بروجاً وزيناها للناظرين) وتحدث أيضاً عن جمال الموجودات على الأرض فقال تعالى: (إنا جعلنا ما على الأرض زينةً لها)، في حين أن العرب قبل الإسلام لم يلتفتوا إلى جمال الكواكب وهي تزين السماء كاللؤلؤ المنثور، ولا إلى الأشجار والورود الملونة التي تزين الأرض، وذلك بسبب عواطفهم وأحاسيسهم الخامدة، إلى أن جاء القرآن الكريم ليوقظ مشاعرهم وينمي في وجدانهم عاطفة حب الجمال.
وتحدث الإسلام أيضاً عن الجمال الطبيعي والمصطنع للبشر، حيث قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (عليكم بالوجوه الملاح والحدق السود) وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): (حسن وجه المؤمن حسن عناية الله به) مشيراً بذلك إلى أن جمال الوجه يعتبر عاملاً مهماً يزيد من رصيد محبوبية الفرد في المجتمع ويساعده على التقرب إلى الآخرين، وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: (أفضل نساء أمتي أصبحهن وجهاً وأقلهن مهراً).
وقد تطرق الإسلام كذلك إلى الجمال المصطنع والتجمل والتزين وأوصى به ضمن مقاييس وحدود معينة، حتى أصبح بعض أنواع التجمل كارتداء الملابس الجديدة وسواك الأسنان وتسريح الشعر والتعطر أثناء العبادات وفي المسجد وبين أفراد الأسرة، كل ذلك من المستحبات اليومية لدى المسلمين، قال تعالى: (يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد)، فالتجمل في نظر الإسلام ليس عملاً اجتماعياً فحسب، بل هو عمل محبب عند الله سبحانه وله قيمة العبادة وأجرها.
نزوع الفتاة والمرأة الشابة إلى التجمل
إن رغبة الإنسان في التجمل والتزين تولد عند انتقاله من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الشباب، فالشباب هم رواد الجمال، والقيم المتعلقة بحب الجمال تتصدر اهتماماتهم، حتى إن حب الجمال لدى بعض الفتيات الشابات مثلاً يجعلهن أكثر تمسكاً بالتجمل ويؤدي بهن إلى نوع من المبالغة أشبه ما تكون بعبادة الأصنام، إلا أن حب المجوهرات والحلي والتزين بكل ما من شأنه أن يلفت نظر الآخرين هو في الحقيقة حلقة في سلسلة من الجمال الطبيعي، الذي يطغى على الفتاة في أواخر دورة البلوغ مثل لون الشعر وطريقة النظر ومعالم الأنوثة لدى الفتيات الشابات وغيرها من مسببات الجمال التي لا يمكن مقارنتها بالمرحلة السابقة، هذا بالإضافة إلى أن للفتاة أو المرأة نزوعاً غريزياً للظهور بمظهر جميل فالزينة والتجمل من خصوصيات المرأة بالدرجة الأولى، هذا بالإضافة إلى توفر مقومات الجمال في تكوينها الجسماني أكثر من الرجل.
ما هي الحدود الصحيحة للتجمل؟
إن رغبة التجمل والتزين خصوصاً في مرحلة الشباب لابد أن تخضع لمراقبة شديدة، ويجب إشباعها ضمن الحد المعقول بعيداً عن الإفراط والتفريط وضمن الحدود الصحيحة، فالإفراط في التجمل له نتائج سلبية قد تؤدي إل
اضافةتعليق
التعليقات